تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > مركز الدراسات : تأثيرات حرب غزة على قضية الانتشار النووي
source icon

مركز الدراسات

.

زيارة الموقع

تأثيرات حرب غزة على قضية الانتشار النووي

قد يقول قائل كيف تكون لحرب غزة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن مخرجات نووية ولم يكن السلاح النووي ضمن ما استخدم في هذه الحرب. وقد يقول آخر ربما المقصود المقارنة بين القوة التدميرية للقنابل والصواريخ والطلقات التي ألقيت وأطلقت على غزة طوال فترة العدوان الإسرائيلي المتواصل، وبين القوة التدميرية لإحدى القنبلتين النوويتين اللتين ألقيتا على مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية أو حتى لكليهما معاً.

بالفعل لم يستخدم السلاح النووي في حرب غزة، وبالفعل هناك من قارن بين ما يحدث في غزة وما حدث في هيروشيما ونجازاكي مستخدمين مؤشرات. لكن لا هذا ولا ذاك هو المقصود هنا. ومن ثم يصبح السؤال ما المقصود إذن؟

المقصود هو ما أحدثته حرب غزة من تفاعلات تخص قضية الانتشار النووي في الشرق الأوسط، وحالة الاستثناء الإسرائيلي من التزامات النظام العالمي لمنع الانتشار النووي على الرغم من كل القرارات الدولية المطالبة بخضوع إسرائيل لنظام الضمانات الشامل الذي تطبقه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن ثم العمل على إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.

الذي ألقى الضوء على هذه القضية بتشعباتها الكثيرة والمعقدة والغامضة في ذات الوقت تصريح وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، في 5 نوفمبر الماضي، الذي قال فيه أن "إلقاء قنبلة نووية على غزة هو حل ممكن"، مضيفاً أن "قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض".

هذا التصريح كانت له ردود فعل حتى داخل إسرائيل ذاتها. وفي الخارج كانت ردود الفعل واسعة. وعلى الصعيد العربي انعكس الأمر في مقررات القمة العربية الإسلامية في الرياض. ومن ثم تحركت المجموعتان العربية والإسلامية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما أن جنوب أفريقيا قد أشارت إلى تصريحات الوزير الإسرائيلي تلك وهي تحاول إثبات ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين أمام محكمة العدل الدولية.

إعادة تسليط الضوء على الاستثناء النووي الإسرائيلي

تمثل إسرائيل حالة استثنائية، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، وإنما بالنسبة لسياستها النووية. فإسرائيل هي الدولة الوحيدة غير العضو في معاهدة منع الانتشار النووي من بين دول منطقة الشرق الأوسط. هذه المعاهدة التي تمثل العمود الفقري للنظام الدولي لمنع الانتشار النووي.

وعلى صعيد القدرات النووية الإسرائيلية، فإن سياسة الغموض ظلت متبعة لعقود، على الرغم من أن هناك تأكيدات كثيرة من قبل مختصين بأن إسرائيل لديها ترسانة نووية، بما في ذلك الأمريكيين، حيث أن اتحاد علماء الذرة الأمريكيين ذهب إلى أن إسرائيل تمتلك ما مجموعه تسعين قنبلة نووية، فيما ذهب معهد استكهولم للسلام إلى أن هناك  خمسين رأس نووي في وضع الإطلاق (1). وهناك تقديرات أخرى ترفع عدد ما تمتلكه إسرائيل من أسلحة نووية إلى ما يتراوح بين 200 إلى 300 رأس نووي، بل إن هناك من رفع العدد إلى 500 رأس نووي (2).

وعلى الرغم من كل ذلك، فإن إسرائيل لا تنفي ولا تؤكد وتترك الأمر في باب التكهنات. وهذا مقصود ويخدم أهدافاً استراتيجية. كما أنها لم تتعرض لضغوط دولية كافية حتى يتم إجلاء هذا الأمر اختياراً أو جبراً. مع العلم بأن الجبر قد اتبع مع حالات أقل بكثير مما عليه الحالة الإسرائيلية. والأكثر من ذلك أن هذا الجبر قد ثبت في حالة على الأقل أنه بنى على معلومات مغلوطة وملفقة كما هو في حالة العراق. والعراق تحديداً كانت قد تعرضت منشآتها النووية السلمية لعدوان إسرائيلي في العام 1981. وقد أدان مجلس الأمن الدولي هذا العدوان بأشد العبارات في قراره رقم 487 الصادر في 19 يونيو من العام 1981 معتبراً أن ما قامت به إسرائيل يمثل "تهديداً خطيراً لكامل نظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وفي ذات الوقت طالب القرار إسرائيل بضرورة وضع منشآتها النووية تحت إشراف الوكالة (3)، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

السلوك الإسرائيلي الجامح ضد القدرات النووية لدول المنطقة لم يقف عند ما قامت به حيال العراق، بل إن هناك تهديدات متواصلة بالقيام بالأمر ذاته تجاه إيران على الرغم من كل الجهود الدولية المتواصلة من أجل تسوية الملف النووي الإيراني بطرق سلمية، علماً بأن إيران عضو في معاهدة منع الانتشار النووي، وتقوم سياستها الرسمية المعلنة على عدم السعي لامتلاك أسلحة نووية.

جاءت تصريحات وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو عندما طرح خيار استخدام السلاح النووي ضد قطاع غزة لكي تعيد طرح أسئلة كثيرة كان قد خفت الحديث عنها. من بين هذه الأسئلة ما يتعلق بسياسة الغموض النووي. فها هو مسئول إسرائيلي رفيع يتحدث صراحة عن استخدام السلاح النووي. وبغض النظر عن كل الاعتبارات التي يمكن أن تثار هنا، فإن الاعتبار الأهم المعني هو أن المسئول الإسرائيلي لا يمكن أن يتحدث عن استخدام سلاح غير موجود. ومن هذا الباب قد تفهم المواقف الإسرائيلية المنتقدة لتصريحات الوزير الإسرائيلي، من حيث كونها تضر بالموقف الرسمي الإسرائيلي وتجلب عليها تداعيات أكثر من انطلاقها من الشفقة بالفلسطينيين أو الحرص على حياتهم. إذ أن كل الشواهد تبرهن على ما هو عكس ذلك. وفي هذا الإطار، فقد بلغت الانتقادات الداخلية أقساها من قبل يائير لبيد زعيم المعارضة الإسرائيلية عندما وصف تصريح وزير التراث الإسرائيلي هذا بأنه "صادم ومجنون وصدر عن وزير غير مسئول"(4).

هذه المفردات وإن كانت قاسية في وصفها لتصريحات الوزير الإسرائيلي، إلا أنها من الممكن أن يتم تأويلها على أكثر من محمل، من بينها أن كونه صادماً ناجم عن الجرأة في الإعلان عما لا ينبغي الإعلان عنه، وكونه مجنوناً ناجم عن أن ضرره على إسرائيل أكثر من نفعه، ومن هنا كان وصف الوزير بأنه غير مسئول. ولربما كانت تعقيبات وزير الدفاع يوآف جالانت واضحة في هذا المسار عندما قال: "من الجيد أن هؤلاء الأشخاص ليسوا المسئولين عن أمن إسرائيل"(5). ومعلوم أن جالانت صاحب قرار حرمان غزة من كل أسباب الحياة. فهو الذي قال صراحة: "لقد أعطيت أمراً: غزة ستكون تحت حصار تام. لا كهرباء، لا طعام، لا وقود، كل شيء مغلق"(6). وبحكم منصبه فهو من أعطى كل قرارات القتل والتخريب والتدمير المتواصل.

لمتابعة القراءة برجاء الضغط على الرابط التالي:
acpss.ahram.org.eg/News/21102.aspx

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية