تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أثارت واقعة وفاة طفل مؤخراً بعد تناوله وجبة من الشعرية سريعة التحضير حالة من الجدل والذعر بين الأهالي، وبدأت التساؤلات تتزايد حول المكونات التي تحتويها هذه المنتجات والتي قد تكون سببا في الوفاة، وجاء على رأسها ما يُعرف بـ "الملح الصيني" أو "جلوتاميت أحادي الصوديوم"، والتي تتسبب في أعراض صحية عديدة، وأهمها أنها السبب في إدمان تناول الأطعمة المصنعة بشكل مستمر.
الشعرية سريعة التحضير
في البداية توضح الدكتورة إسراء أشرف محمد، أخصائي سلامة وجودة الأغذية، أن الدراسات العلمية لم تثبت وجود علاقة مباشرة بين استهلاك الشعرية سريعة التحضير والإصابة بالسرطان أو الوفاة المفاجئة، إلا أن خطورتها تكمن في كونها فقيرة من الناحية الغذائية، حيث تكاد تخلو من البروتينات والفيتامينات والمعادن، وفي المقابل تحتوي على نسب عالية من الصوديوم تصل أحياناً إلى 2000 ملجم في الكيس الواحد، وهو ما يعادل تقريباً الاحتياج اليومي الكامل للفرد.
وهذا الأمر يمثل كارثة صحية خاصة لمرضى القلب والضغط والكلى، كما أنها غنية بالسعرات الحرارية والدهون المهدرجة، ما يرفع احتمالية الإصابة بالسمنة والأمراض المزمنة إذا استهلكت بكثرة.
الملح الصيني
وتشير د. إسراء، إلى أن الملح الصيني أو جلوتاميت أحادي الصوديوم، هو أحد المكونات والذي يعرف أيضاً بالرمز E621، ويستخدم كمحسن للنكهة في العديد من المنتجات مثل الشعرية سريعة التحضير، مرقة الدجاج الجاهزة، الشيبسي، الشوربة الفورية، وبعض أنواع الجبن المصنعة، بالإضافة إلى أكلات مطاعم آسيوية، وتقر منظمة الصحة العالمية والـ FDA بأن هذه المادة آمنة في حدود الاستهلاك المسموح به، والذي يقدر بنحو 30 مجم لكل كيلوجرام من وزن الجسم يومياً.
متلازمة المطعم الأسيوي
ولكن رغم التصنيف العالمي للمادة باعتبارها آمنة، إلا أن بعض الأشخاص قد يعانون مما يسمى بـ "متلازمة المطعم الصيني"، حيث تظهر عليهم أعراض مثل الصداع، الاحمرار، والتنميل في الوجه والرقبة بعد تناول أطعمة غنية بالملح الصيني، كما أن خطورة هذه المنتجات قد لا تأتي من المكون نفسه فقط، بل من عوامل أخرى مثل سوء التخزين، تعرض الأكياس للتلوث أو الغش التجاري، أو استخدام مياه غير نظيفة في التحضير، وهي كلها أسباب قد تؤدي إلى التسمم الغذائي الحاد وأحياناً الوفاة، خاصة لدى الأطفال.
الإدمان الغذائي
ومن جانبه، يحذر الدكتور عماد سلامة، أخصائي التغذية العلاجية، من خطورة الملح الصيني الذي أصبح موجودة في أغلب الأطعمة المصنعة والتي نتناولها يومياً بكميات كبيرة دون أن نشعر، ويؤكد أن هذا المكون أخطر بكثير مما يتصور الكثيرون، لأنه يدمر مراكز الشبع في المخ ويؤثر على التمثيل الغذائي، وبالتالي يصبح أحد الأسباب الرئيسية لانتشار السمنة وزيادة الوزن على مستوى العالم، حتى بين فئة الشباب.
ويشير د. سلامة إلى أنه كان يعتقد في السابق أن السكر والزيوت النباتية هما السبب الأساسي في زيادة الوزن واضطراب التمثيل الغذائي، إلا أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الملح الصيني يمثل خطراً أكبر منهما.
وتكمن خطورته في كونه يضاف إلى معظم الأطعمة المصنعة والتجارية، كما يدخل في أغلب أطعمة المطاعم، فبمجرد إضافته يجعل الطعام الذي لا طعم له في الأصل شديد المذاق واللذة، لأنه يخترق حاجز المخ ويؤثر على منطقة "الهيبوثلاموس"، وهو ما يجعل المستهلك يدخل في دائرة من الإدمان الغذائي.
ويستخدم الملح الصيني بشكل واسع في الشعرية سريعة التحضير، البطاطس المقلية (الشيبسي)، اللحوم المصنعة مثل البرجر والسجق، مرقة الشوربة الجاهزة، اللانشون والبسطرمة، البسكويت المعلب، البيتزا الجاهزة، صلصات الطبخ الجاهزة، المقبلات، بعض أنواع السلطات المصنعة، وحتى في مكملات البروتين التي يتناولها الرياضيون في الصالات الرياضية.
أمراض عديدة
وتؤكد التجارب على الحيوانات أن هذه المادة تسبب زيادة الوزن، تراكم الدهون في الكبد، وارتفاع نسبة الدهون في منطقة البطن، وهو ما يؤدي في النهاية إلى السمنة، أما بالنسبة للبشر، فما زالت الدراسات متضاربة بين مؤيد ومعارض، ولهذا تصر منظمة الصحة العالمية على اعتباره آمناً في حدود الاستهلاك المسموح به، لكن تبقى المشكلة الأساسية، وفقاً لدكتور سلامة، في ثلاثة أمور:
أولاً: أن الملح الصيني منتشر في معظم المنتجات الغذائية بشكل يصعب تجنبه، وبالتالي فإن تجاوز الحدود المسموح بها يومياً أمر في غاية السهولة، خصوصاً لدى الأشخاص الذين يتناولون وجبات جاهزة باستمرار.
ثانياً: أن الكميات الصغيرة التي تقل عن نصف جرام لا تكتب على ملصقات المنتجات الغذائية، مما يعني أن المستهلك قد يتناوله دون أن يعرف.
ثالثاً: أن له أسماء ورموز متعددة مثل E621 أو "محسن النكهة"، مما يجعل المستهلك يستهلكه دون وعي.
ويحذر د. سلامة من أن هذا المكون يؤدي إلى إدمان الطعام، زيادة الشهية، فقدان السيطرة على كمية الأكل، الميل نحو الأطعمة المصنعة على حساب الأطعمة الطبيعية، تدمير مراكز الشبع والتذوق والغدد المسؤولة عن التحكم في الشهية، بالإضافة إلى مشكلات في الجهاز الهضمي، صداع مستمر، إرهاق مزمن، وتأثيرات ضارة على الجهاز العصبي المركزي، كما أن الأطفال قد يعانون من أعراض أشد، مثل تشتت الانتباه، ضعف التركيز، والعصبية المفرطة، فضلاً عن ردود فعل تحسسية.
ويضيف أن هناك بالفعل حالات تسمم غذائي أو وفيات مفاجئة سجلت في مصر وخارجها، بعد تناول وجبات الشعرية سريعة التحضير، حيث أرجع بعض الأطباء السبب إلى وجود الملح الصيني ضمن مكوناتها.
ويؤكد أن الحل الأمثل هو التخلص التدريجي من هذا المكون بالابتعاد عن الأطعمة المصنعة والوجبات الجاهزة، والاعتماد على الطعام الصحي المعد في المنزل، ويقترح تجربة الامتناع عن هذه المنتجات لمدة أسبوعين فقط، مؤكداً أن التغيير في نمط الحياة والصحة العامة سيكون ملحوظاً بشكل كبير، وهو ما يستدعي ضرورة نشر الوعي بين الناس من أجل مستقبل صحي أفضل للأجيال القادمة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية