"السيروتونين" أو هرمون السعادة من أهم الهرمونات في جسم الإنسان، وعلى الرغم من أن السعادة لها فوائد كثيرة، إلا أنه يبدو أن لكل شيء حدود، فإن زاد أو قل عن الحد المسموح له تسبب في مشاكل صحية كثيرة.
في هذا السياق، تحدثت الدكتورة إيمان عبد الله، استشاري نفسي، عن "متلازمة السيروتونين" مؤكدة إن السيروتونين مادة كيميائية موجودة داخل جسم الإنسان مهمتها نقل الإشارات والنبضات ما بين الخلايا العصبية، والسيروتونين عندما يفرز بشكل كبير يسبب مشكلة وعندما يفرز بشكل قليل يسبب مشكلة أيضا، لكن المتلازمة تحدث بسبب أدوية من الممكن أن يتناولها الإنسان بشكل مفرط أو بشكل خاطئ ينجم عنها هذه المتلازمة.
وتابعت: من المعروف إن أي دواء يعالج المريض، ولكن هناك بعض الأدوية التي إذا تم أخذها لفترات طويلة أو بجرعات كبيرة تؤثر بالسلب على التنبيهات والإشارات التي تفرزها مادة السيروتونين والتي على أساسها تعمل الخلايا.
أعراض متلازمة السيروتونين تختلف من شخص لأخر من حيث الشدة والتأثير، وتقول د. إيمان إن المريض بهذه المتلازمة يظهر عليه علامات القلق الشديد، والهذيان، ورعشة، وتشنج عضلي، وسرعة في نبضات القلب، وهناك أعراض ترتبط بالجهاز الهضمي تتمثل في الإصابة بالإسهال وربما الإمساك والقيء، والعرق الشديد، وهناك من يشعر بالقشعريرة والغثيان واتساع حدقة العين وارتفاع درجات الحرارة وعدم السيطرة على العضلات وفي بعض الحالات الشديدة يحدث فقدان للوعي، وإذا استمرت تلك الأعراض لأكثر من 24 ساعة تكون متلازمة، والأعراض ليست بالضرورة أن تجتمع بأكملها، والطبيب هو الذي يحدد مدى إصابة المريض بالمتلازمة من عدمه.
تشخيص المتلازمة يكون بإجراء فحوصات ومنها تحليل كامل للدم، أو تحليل بول، أو بعض الفحوصات حتى يكون هذا التشخيص تشخيص سليم، كما أن إهمال هذه المتلازمة من الممكن أن يسبب عواقب جسيمة، وعند التأكد من الإصابة بالمتلازمة يتم وضع المريض تحت الملاحظة لمدة 72 ساعة حيث يأخذ نوع من أنواع المهدئات القوية والذي يؤخذ في الحالات الشديدة، حسبما أكدت الاستشاري النفسي.
متلازمة السيروتونين إن لم تعالج بشكل سريع من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة، وتقول د. إيمان إن في الحالات الشديدة تسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل مبالغ فيه وانخفاضها يتم بصعوبة، فالتفاعلات الكيمائية تزيد من ارتفاع درجة الحرارة، وتزيد الحالة سوء.
وهناك أعراض شديدة وأخرى معتدلة وفي كلتا الحالتين يجب ألا نتجاهلها، وليس فقط الأدوية هي التي تسبب متلازمة السيروتونين، فمن الممكن أيضا تناول الكحول يسبب تلك المتلازمة، وكذلك تناول الدواء بدون استشارة الطبيب (الأدوية الغير قانونية)، وهناك أدوية مضادة للاكتئاب يتم أخذها بدون استشارة طبيب من الممكن أن تتسبب المتلازمة.
وهناك بعض الأدوية من الممكن أن يكون بها مكون يسبب الحساسية مما يؤدي إلى انخفاض نسبة السيروتونين مسببا المتلازمة، فهناك خلايا عصبية في الجسم وتلك الخلايا بها ممرات تحتوي على العديد من الهرمونات الكيمائية ومنها السيروتونين، وافرازها بشكل قليل يسبب اضطرابات حسبما أكدت الدكتورة إيمان.
ويجب ملاحظة أن تناول الأدوية النفسية أمر في غاية الخطورة، إذا تم تناوله بدون استشارة الطبيب، ومشكلة أدوية الاكتئاب أنها تعمل معظمها على امتصاص السيروتونين، فيكون لديك نقص في السيروتونين، فيسبب المتلازمة، وتقول الاستشاري النفسي إن أدوية المسكنات للألم قد تسبب المتلازمة، حتى أدوية البرد والانفلونزا.
هرمون السيروتونين هو هرمون السعادة، وهناك معتقدات أن هناك أدوية ترفع من مستوى السيروتونين مسببة السعادة ولكن هذا الأمر خاطئ حسبما أكدت د. إيمان، كما أنه من الممكن أن يتم فرز هذا الهرمون بشكل معتدل من خلال النوم مبكرا، وتناول الطعام الصحي حيث يتم فرز السيروتونين بشكل متزن، أما إذا قام الإنسان باللعب في كمياء المخ من نفسه فهنا تكمن الخطورة.
السيروتونين من أهم هرمونات الجسم ومن خلاله يتم ضبط عناصر الجسم الأخرى حتى الأمعاء، فهو مهم جدا لجميع وظائف الجسم، فهو منظم للنوم والشهية والذاكرة وغيرها، ولكي يزيد السيروتونين يمكن تناول اللحوم الحمراء والبيضاء والمكسرات والجبنة البيضاء والسلمون ومنتجات الصويا.
ولكن د. عبد العزيز آدم، إخصائي علم النفس السلوكي وعضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية، كان له رأي أخر، حيث أكد أن متلازمة السيروتونين هي حالة طبية نادرة وخطيرة تحدث نتيجة زيادة مفرطة في مستويات السيروتونين في الجسم، وليس نقصه، وعلى الرغم من أهمية السيروتونين في الجسم، إلا أن زيادته بشكل مفرط يمكن أن يؤدي إلى أعراض خطيرة تتطلب عناية طبية فورية.
وتنشأ متلازمة السيروتونين عادة بسبب زيادة كمية السيروتونين في الدماغ، ويقول د. عبد العزيز إن الإفراط في تناول مضادات الاكتئاب دون الخضوع لبرنامج علاجي تحت اشراف الطبيب المختص من مسببات المتلازمة، بالإضافة إلى ادمان المخدرات أو حتى تناول الأدوية المخدرة دون إشراف طبي، والإفراط في تناول بعض المسكنات وأدوية الصداع النصفي التي تحتوي على مواد فعالة تزيد من كمية السيروتونين في الدماغ، أيضاً بعض المكملات الغذائية التي تؤثر على مستويات السيروتونين.
وهناك أعراض عصبية ونفسية للمتلازمة تتمثل في الارتباك والهلوسة، والأرق والتهيج، والصداع، أما الأعراض الجسدية فتشمل ارتعاشات عضلية غير إرادية، تصلب أو تشنجات عضلية، فقدان التنسيق العضلي، وحمى شديدة، وتعرق مفرط وارتعاشات قوية قد تؤدي إلى نوبات في الحالات الشديدة، وغثيان وقيء، وهناك أعراض تتعلق بالقلب والجهاز التنفسي وهي تسارع في ضربات القلب، ارتفاع في ضغط الدم، ضيق في التنفس.
لا يوجد اختبار محدد لتشخيص متلازمة السيروتونين، يعتمد التشخيص على تقييم الطبيب للأعراض السريرية وتاريخ تناول الأدوية، ويقول د. عبد العزيز إن علاج متلازمة السيروتونين يشمل إيقاف الأدوية المسببة، وهذه هي الخطوة الأولى والأكثر أهمية، ودعم الجسم ويشمل الترطيب الوريدي وتبريد الجسم في حالة الحمى الشديدة، والعلاج الدوائي حيث إن في بعض الحالات، قد يحتاج المريض إلى أدوية للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم أو النوبات أو التشنجات العضلية، وتستخدم أدوية مضادة للسيروتونين تحت إشراف الطبيب المختص.
ويجب العمل على الوقاية من متلازمة السيروتونين التي قد تسبب الوفاة في حالة إهمالها في بعض الحالات الشديدة، وأكد د. عبد العزيز إن الوقاية تتم بالالتزام بجرعات الأدوية الموصي بها، وتجنب تناول جرعات زائدة من الأدوية التي تؤثر على مستويات السيروتونين.
وتابع: وتجنب الجمع بين الأدوية بدون استشارة طبية، وعدم تناول أكثر من دواء واحد يزيد من مستويات السيروتونين إلا إذا أوصى بذلك الطبيب، وكذلك الاستشارة الطبية قبل استخدام المكملات الغذائية، ويجب دائمًا استشارة الطبيب قبل تناول أي مكملات غذائية أو أعشاب، خاصة تلك التي قد تؤثر على السيروتونين.
متلازمة السيروتونين هي حالة خطيرة لكنها قابلة للعلاج إذا تم تشخيصها مبكرًا وعلاجها بشكل صحيح، وأكد د, عبد العزيز آدم أنه من المهم أن يكون الأفراد على دراية بالأدوية التي يتناولونها والأعراض المحتملة، وأن يسعوا للحصول على الرعاية الطبية فوراً إذا ظهرت أعراض غير عادية بعد تناول هذه الأدوية