تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أين وضعت هاتفي؟ هل أغلقت الباب؟ تساؤلات يومية تتردد على ألسنة العديد من الحوامل، ما يصف ظاهرة تُعرف بـ "دماغ الحمل" أو "مومنيزيا" (Momnesia)، وبينما تُعامل اجتماعيًا أحيانًا كمادة للتهكم، يكشف العلم أن هذه التغيرات ليست ضعفًا إدراكيًا، بل إعادة برمجة عصبية تُهيئ الأم لمهمتها الكبرى، كيف يُعيد الحمل تشكيل الدماغ؟ وما الدور الذي تلعبه التغيرات الهرمونية والعصبية في تعزيز الاستجابة للأمومة؟
رحلة معقدة
تقول الدكتورة نجلاء عبد العزيز، استشارية النساء والتوليد، إن الحمل لا يؤثر فقط على الجسد، بل يحدث تغييرات عميقة في الدماغ أيضًا، فالمرأة الحامل تمر بتحولات عصبية ملحوظة تعزز قدرتها على التكيف مع متطلبات الأمومة، مثل سرعة الاستجابة لبكاء الطفل وزيادة الحساسية العاطفية تجاهه.
وهو ما يؤكد قدرة الدماغ البشري على إعادة تشكيل نفسه بما يخدم متطلبات الحياة الجديدة، ففي حين يلد الجسم طفلًا، يلد الدماغ أمًا جديدة.
التغيرات الهرمونية
تشير الدكتورة إيمان الشحات، أخصائية النساء والتوليد، إلى أن مستويات بعض الهرمونات ترتفع بشكل كبير أثناء الحمل، مما يُعيد برمجة الدماغ ليصبح أكثر انسجامًا مع احتياجات الطفل:
البروجسترون: يُعرف بتأثيره المهدئ، لكنه قد يؤدي إلى تقلبات مزاجية وصعوبة في التركيز.
الأستروجين: يُعزز الروابط العصبية ويحسن المزاج، لكنه يزيد أيضًا من الحساسية العاطفية.
هذه التغيرات الهرمونية لا تؤثر فقط على الحالة المزاجية، بل تلعب دورًا أساسيًا في إعادة تشكيل الدماغ ليكون أكثر استجابة للأمومة.
المادة الرمادية
كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Nature Neuroscience”، أن الحمل يؤدي إلى انخفاض طفيف في حجم المادة الرمادية، وهي المسئولة عن معالجة المعلومات واتخاذ القرارات.
إذ أظهرت الأبحاث أن حجمها ينخفض بنسبة 4.9% خلال الثلث الأول من الحمل، لكنه يبدأ في التعافي بعد الولادة، ويرى العلماء أن هذا التغيير ليس سلبيًا، بل هو تعديل تكيفي يُساعد الأم على التركيز على احتياجات طفلها، ويعزز قدرتها على اتخاذ قرارات سريعة في المواقف الطارئة، كما وجدت الدراسات أن الأمهات اللاتي يستعدن المادة الرمادية بسرعة بعد الولادة يطورن ارتباطًا عاطفيًا أقوى مع أطفالهن خلال الأشهر الستة الأولى.
نصائح عملية
تُقدم د. إيمان الشحات بعض النصائح لمساعدة الحوامل على تحسين وظائف الدماغ خلال الحمل:
1. استخدام التطبيقات الذكية: لتدوين المواعيد والمهام اليومية.
2. ممارسة الرياضة الخفيفة: مثل المشي، حيث تُعزز تدفق الدم إلى الدماغ بنسبة تصل إلى 30%.
3. النوم الكافي: من 7 إلى 9 ساعات يوميًا، مما يقلل التشويش الذهني بنسبة 50%.
4. تعزيز صحة الدماغ: عبر التأمل اليومي لمدة 10 دقائق وتناول الأسماك الدهنية 3 مرات أسبوعيًا لتحسين وظائف الدماغ.
الدعم النفسي
من منظور نفسي، تؤكد الدكتورة ليلى إبراهيم، الطبيبة النفسية، أن التغيرات المؤقتة التي تطرأ على المرأة الحامل هي ثمنٌ ضئيل لقدرة خارقة وهي خلق حياة جديدة داخل الجسد والعقل في آنٍ واحد.
وأشارت د. ليلى إلى أن الدعم الأسري يلعب دورًا أساسيًا في تخفيف آثار "دماغ الحمل"، فالحوامل اللواتي يحصلن على دعم نفسي وعاطفي من محيطهن يعانين من أعراض أقل حدة بنسبة 50%.
كما أن العلاج الجماعي ومشاركة التجارب مع حوامل أخريات يقلل من الشعور بالوحدة بنسبة كبيرة.
ولا ننسى دور الشريك في تقديم الدعم العاطفي (مثل المساعدة في المهام اليومية) وهذا يخفض مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر) لدى الحوامل.
عملية تكيفية
خلافًا للتصور الشائع بأن الحمل يُضعف القدرات العقلية، تكشف الأبحاث أن التغيرات العصبية التي تحدث هي عملية تطورية تهدف إلى تعزيز مهارات الأمومة، إذ تتكيف المرأة الحامل عصبيًا وعاطفيًا لتصبح أكثر قدرة على الاستجابة لاحتياجات طفلها.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية