تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : ميراث البنات.. معركة لا تنتهي بين "الهبة" و"الرضوى" وجشع الأقارب
source icon

سبوت

.

ميراث البنات.. معركة لا تنتهي بين "الهبة" و"الرضوى" وجشع الأقارب

كتب:سماح موسى

حكايات كثيرة أصبحت منتشرة في مجتمعنا، آخرها حكاية أب وبناته الخمس وزوجته وابنه الوحيد، تعرّضوا لحادث مروّع فقد على أثره حياته وحياة زوجته وابنه الوحيد وابنتيه، وبعدها تعرّضت بناته الناجيات من الحادث لافتراءات وتحايل الأعمام، وطردوهن من منزلهن، ليجدن أنفسهن مشرَّدات بلا مأوى، مع حرمانهن من ميراث والدهن زعمًا من الأعمام بأن الأب كان يكتب كل ممتلكاته باسم والدته (الجدة).

حالات أخرى تستخدم ما يُسمّى بـ "الرضوي" مع البنات دون إعطائهن حقوقهن كاملة، وآخرون يُحرَمْن من الميراث بزعم أن الميراث يستفيد منه "الأغراب" (زوج البنت)، فما موقف الشرع والقانون؟ وكيف ينظر المجتمع إلى هذه الأفعال؟

الهبة والبيع
في البداية يقول مجدي عبد الرحمن، المحامي بالنقض: الأصل أن الإنسان لا يورِّث نفسه وهو على قيد الحياة، لأن الميراث لا يكون إلا بعد الوفاة، لكن يجوز للأب وهو على قيد الحياة أن يهب أو يبيع لبناته ممتلكاته طالما كان ذلك برضاه التام دون قصد الإضرار بالورثة الآخرين.

وقد نظّم القانون المدني المصري ذلك في باب الهبة (المواد من 486 - 500 مدني). ونصّت المادة 488 مدني على أن "الهبة تتم وتنتج آثارها إذا قَبلها الموهوب له وقُبِضَت قبضًا فعليًا، بمعنى أنه يجوز للأب أن يهب لبناته العقارات أو الأموال بشرط أن تكون الهبة مُنجَزة وليست مضافة لما بعد الموت، وأن تتم بعقد رسمي مُوثّق بالشهر العقاري، وأن يتم التسليم الفعلي (القبض) للبنات حتى تصبح نافذة قانونًا".

أما إذا كتب الأب وصية لبناته بما يملكه بعد موته فهي تخضع لأحكام الوصية الشرعية المنصوص عليها في قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946، والتي لا تجوز لوارث إلا بإجازة باقي الورثة (المادة 37 من قانون الوصية).

يضيف عبد الرحمن، يجوز للأب أن يحمي بناته من حرمان الميراث عن طريق الهبة أو البيع الحقيقي وهو على قيد الحياة، ولا يجوز أن يجعلها وصية بعد الموت لبناته فقط، لأن ذلك يعتبر تحايلاً على أحكام الميراث، والأفضل أن يتم توثيق العقود رسميًا في الشهر العقاري حتى تكون نافذة وغير قابلة للطعن بسهولة، كما يحق للأب أن يكتب أو يهب لبناته ما يشاء في حياته رسميًا لحمايتهن، بشرط ألا يكون تحايلاً، أما بعد الوفاة فالميراث يُقسَّم شرعًا وقانونًا، ولا يمكن حرمان الأعمام والعمات من أنصبتهم إلا إذا كان الأب قد تصرّف في المال قبل وفاته بشكل قانوني صحيح.

هروب من الحق الشرعي 
أما فضيلة الشيخ الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، ومدرّس الثقافة الإسلامية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، فيقول: لا أجد أفضل من الآية الكريمة ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ﴾، فالشرع واضح، ووضع قوانين واضحة خاصة في حكم توريث البنات؛ فلهن الثلثان، والأم الثمن.

فلهن النصيب الأكبر من التركة، ولا مكان لمنطق الطرد أو التحايل لمنع إعطائهن حقوقهن، يتعلق بهذا المنطق البعض للهروب من الحق الشرعي للعصبة، وهذا حرام، ويُعد اعتداءً على حقوق الله عز وجل، وعدم رضًا بحكم الله، وهو ظلم بيّن وحرام لا ينبغي شرعنته، حتى لو استأذن أقاربه.

النوايا هي الفيصل؛ فإذا كانت البنت تحتاج إلى مأوى أو تجهيز كعروس أو أموال تعينها على العيش، فله أن يمنحها إياها وهو على قيد الحياة لمساعدتها، لا للتحايل على الشرع دون قصد لحرمان إخوته من الميراث "تلك حدود الله".

الهبة والتركة
يختلف الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية (الفقه المقارن)، جامعة الأزهر، مع الآراء السابقة، ويقول: يجوز شرعًا للإنسان إذا كان حرًا وفيه الأهلية المعتبرة شرعًا أن يهب ما يشاء لمن يشاء، سواء لأحد أقاربه أو لغير أقاربه أو للمؤسسات الخيرية، ولجوء بعض الآباء لكتابة أملاكهم لبناتهم على سبيل الهبة للبنات جائز شرعًا ما دام الأب على قيد الحياة، ولا مانع منه، ربما يفعل بعض الآباء ذلك لظروف اجتماعية طارئة على العادات والسلوكيات، وتُعد من باب المصالح، فيجوز.

وهناك خلط بين الهبة والتركة؛ فما دخل أقاربه في أمواله وهو على قيد الحياة؟ أما التركة فلها وضع آخر أقرّه القرآن الكريم.

عنصر القرابة الآن ضعف، وبعض الأعمام وأبنائهم أصبحوا لا يعرفون بنات أقاربهم، وتباعدت الأرحام، والكثافة السكانية وما لا يُحسن ذكره يستدعي ذلك، والقاعدة الفقهية: لا يُنكر تغيّر الأحكام بتغيّر الأزمان.

لا لحرمان الأقارب
أما الدكتورة عزة أحمد صيام، أستاذ الاجتماع بكلية الآداب – جامعة بنها، فترى أن الوصية معترف بها، فيوصي بها الإنسان كضمان للحقوق، خاصة إذا كان في شك أنه سيحصل على هذا الحق بعد وفاته بسبب ظلم وطمع بعض الأشخاص.

أختلف تمامًا مع حصول شخص على حق غير حقه، فهذا اغتصاب للحقوق، وضد الشرع والأعراف خاصة في المواريث، إذا لزم الأمر للوصية، فيجب أن تكون في حدود معقولة بعيدًا عن حرمان الآخرين، حسب الاتفاق والتراضي.

لكن مع شراسة ومادية مجتمعنا غير المقبولة، وتدمير بعض العائلات وطرد البنات من بيوتهن، يصل الأمر إلى تشريدهن في الشوارع بعد وفاة الأب بسبب احتيال الأعمام والعمات والأقارب، وذنبهن الوحيد عدم وجود أخ أو أب يحميهن.

التخطيط مرفوض اجتماعيًا
وتوضح الدكتورة آية صلاح، دكتوراه في علم الاجتماع، للأسف بعض الأشخاص يتسارعون للحصول على النصيب الأكبر من الأموال على حساب الآخرين، ومن ناحية أخرى يُسرع البعض في كتابة وصية لتوريث البعض وحرمان آخرين، فالتفكير في الميراث قبل وفاة الشخص مخالف للشرع، وعندما شرع الله ووضع الأحكام كان يعلم بالأمور قبل حدوثها، لكن في حالة الخوف على البنات من التشرد بعد وفاته، يجوز أن يضمن لهم مسكنًا بشرط ألا يتنازل عن كل ما يملك.

خاصة أن بعض الآباء يخشون على بناتهم من الحرمان، ففي بعض المجتمعات تُرفض تطبيق أحكام الشرع زعمًا أن أموال المتوفى يحصل عليها "الغريب" (زوج البنت)، فيُظلم البنات، والبعض يعطي البنات نصيبًا أقل من حقهن في الميراث، وهذا مخالف قانونًا وثقافةً وعُرفًا "الرضوي".

وتؤكد د. آية على رفض اتخاذ خطوات استباقية للميراث؛ فالتخطيط للميراث يخالف شرع الله، ولا تشجّع على الهبات إلا في الضرورة القصوى.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية