تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
لم تعد السينما مجرد وسيلة للترفيه، بل أصبحت أداة فاعلة في تشكيل الوعي وبناء صورة الشعوب أمام العالم، وقد تجلى هذا الدور مؤخرًا في مهرجان فينيسيا السينمائي، بعد عرض فيلم "صوت هند رجب" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، الذي يروي قصة الطفلة الفلسطينية ذات الست سنوات التي اغتالت براءتها رصاصة الاحتلال الإسرائيلي داخل سيارتها، بعد ساعات من مقتل عائلتها.
هذا العمل الإنساني أثبت أن السينما ما زالت في عام 2025 واحدة من أقوى أدوات الإبداع والتأثير، وأنها قادرة على توحيد الشعوب الأوروبية والعربية لدعم القضية الفلسطينية والتنديد بجرائم الاحتلال ضد أهالي غزة، فالسينما الحقيقية - كما أثبتت الأحداث - هي أحد أهم أشكال القوى الناعمة وسفير العرب إلى الغرب.
هذا العمل الإنساني أثبت أن السينما ما زالت في عام 2025 واحدة من أقوى أدوات الإبداع والتأثير، وأنها قادرة على توحيد الشعوب الأوروبية والعربية لدعم القضية الفلسطينية والتنديد بجرائم الاحتلال ضد أهالي غزة، فالسينما الحقيقية - كما أثبتت الأحداث - هي أحد أهم أشكال القوى الناعمة وسفير العرب إلى الغرب.
ومنذ نشأتها، لعبت السينما هذا الدور المحوري في الدفاع عن قضايا الشعوب، ولا يمكن أن ننسى فيلم "جميلة" للمخرج يوسف شاهين، الذي وثّق بطولة المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد وكشف جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر.
كما قدّم فيلم "في بيتنا رجل" للمخرج هنري بركات وبطولة عمر الشريف نموذجًا آخر للبطولة المصرية ضد الاحتلال الإنجليزي، من خلال القصة الحقيقية للثائر حسين توفيق التي سجلها الأديب إحسان عبد القدوس في روايته الشهيرة.
لقد كانت السينما دائمًا مرآةً تعكس نضال الشعوب العربية ضد الاستعمار، وسلاحًا ثقافيًا في مواجهة حملات التزييف والتضليل التي مارسها الغرب عبر عقود طويلة من الزمن.
واجب السينما
بعد حصولها على جائزة الأسد الفضي (لجنة التحكيم الكبرى) في مهرجان فينيسيا، عبّرت المخرجة كوثر بن هنية عن أسفها لوصف من يموتون في غزة بـ«الضحايا»، مؤكدة أن هذا الوصف لا يمتّ للإنسانية بصلة، وقالت: «السينما، بثقلها وجماهيريتها حول العالم، ومعها شتى الفنون وأدوات التعبير، تمنح هؤلاء الناس صوتًا مدويًا في الآفاق».
وأضافت أنها سعت منذ البداية للتواصل مع والدة هند داخل غزة، مؤكدة أن الفيلم لم يكن ليرى النور لولا موافقتها ودعمها، وأهدت بن هنية الجائزة إلى الهلال الأحمر الفلسطيني وكل من يخاطر بحياته لإنقاذ الأرواح في غزة، واصفة إياهم بـ«الأبطال الحقيقيين».
السينما سباقة في الدفاع عن القضايا
يقول الناقد الفني محمد شوقي إن السينما المصرية، منذ نشأتها، كانت سبّاقة في طرح القضايا الهامة وفتح الجروح المجتمعية لإعادة بناء الوعي، كما كانت دومًا في طليعة المدافعين عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
فبعد نكبة 1948، قدّمت السينما المصرية فيلم "فتاة من إسرائيل" لفضح ممارسات الصهيونية، ثم فيلم "جميلة بوحريد" الذي ساهم في تخفيف حكم الإعدام عن المناضلة الجزائرية، كما وثّقت الثورة اليمنية في أعمال سينمائية خالدة.
ويضيف شوقي بأسف، اليوم لم تعد لدينا سينما بالمعنى الحقيقي، بل أعمال موسمية تفتقر إلى العمق. نملك إنتاجًا ضخمًا وكتّابًا ومخرجين وتقنيات حديثة، لكن آفة الاستسهال أضعفت القيمة الفنية. علينا بالجدية لإعادة السينما المصرية إلى مكانتها، فهي أهم عناصر القوى الناعمة.
سرعة الانتشار
من جانبه، يرى الناقد أحمد سعد الدين أن السينما هي السفير الأول للعرب في المحافل الدولية، لأنها أسرع انتشارًا وأكثر تأثيرًا من الخطب السياسية، ويضيف، منذ 7 أكتوبر والأحداث في غزة، ظهرت أفلام بارزة أبرزها من المسافة صفر الذي شارك في مهرجان كان ونال إشادة واسعة لأنه نقل مأساة الشعب الفلسطيني بصدق، وكذلك فيلم صوت هند رجب الذي حصد جائزة الأسد الفضي وحقق تعاطفًا كبيرًا في أوروبا، مما غيّر صورة الصراع في أذهان كثيرين.
ويؤكد سعد الدين أن تعاطف الشعوب الأوروبية الذي طالما كان سلاحًا في يد إسرائيل، أصبح اليوم سلاحًا بيد العرب، بفضل السينما التي تنقل الحقيقة للعالم بسرعة هائلة عبر الشاشات والمنصات الرقمية.
ويسترجع نماذج أخرى مثل، فيلم "اليد الإلهية" للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان (2004)، الذي فاز بمهرجان كان بعد جدل حول نسبته لإسرائيل، فيلم "باب الشمس" ليسري نصر الله الذي عرض في كان أيضًا ونال تعاطفًا واسعًا، فيلم "الجنة الآن" لهاني أبو أسعد الذي قدّم رؤية إنسانية عميقة عن القضية الفلسطينية.
ويختتم قائلًا:«قدّمت السينما العربية عبر يوسف شاهين ونجيب محفوظ وغيرهما فنًا راقيًا وعميقًا جعل العالم يحترمنا. فالسينما ليست مجرد ترفيه، بل هي جوهر القوى الناعمة وسفير الشعوب العربية في كل مكان».
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية