تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام قليلة دعوى خُلع أردنية تُعد من أغرب الدعاوى، تقدمت بها عروس إلى المحكمة الشرعية تطلب الطلاق بعد أقل من شهر على زواجها بسبب هوس زوجها بشخصية "باتمان" لدرجة خروجه ليلًا بدعوى تلقيه "إشارة من باتمان"، وإجبار زوجته على مشاهدة أفلامه، مما تسبب لها في الخوف.
وبين ردود أفعال المؤيدين للزوجة والمستنكرين لفعلها أو الواقعة في حد ذاتها، واصفين إياها بأنها "شو" لمجرد الحصول على "اللايكات"، يبقى الأمر - وإن لم يكن ظاهرة - لافتًا للانتباه لضرورة معرفة العوامل التي تدفع بعض الأشخاص إلى تقمص شخصيات وهمية قد تدمر حياتهم في النهاية.
وليست الدراما المصرية عنا ببعيدة؛ فمنذ 57 عامًا عالجته في فيلم عفريت مراتي الذي كتبه "لوسيان لامبير" - الملحن والروائي الفرنسي - والسيناريو والحوار لعلي الزرقاني وأخرجه فطين عبد الوهاب، وأبدعت فيه الفنانة شادية، وتناول تقمص الشخصيات، وكذلك تناولته أفلام عالمية عديدة.
وبين ردود أفعال المؤيدين للزوجة والمستنكرين لفعلها أو الواقعة في حد ذاتها، واصفين إياها بأنها "شو" لمجرد الحصول على "اللايكات"، يبقى الأمر - وإن لم يكن ظاهرة - لافتًا للانتباه لضرورة معرفة العوامل التي تدفع بعض الأشخاص إلى تقمص شخصيات وهمية قد تدمر حياتهم في النهاية.
وليست الدراما المصرية عنا ببعيدة؛ فمنذ 57 عامًا عالجته في فيلم عفريت مراتي الذي كتبه "لوسيان لامبير" - الملحن والروائي الفرنسي - والسيناريو والحوار لعلي الزرقاني وأخرجه فطين عبد الوهاب، وأبدعت فيه الفنانة شادية، وتناول تقمص الشخصيات، وكذلك تناولته أفلام عالمية عديدة.
ميكانيزم الدفاع النفسي
يقول الدكتور وليد هندي الاستشاري النفسي، إن هذا التقمص يُعد أحد طرق الدفاع النفسي، وله أسباب نفسية كثيرة جدًا، وهو حيلة لا شعورية يلجأ إليها الإنسان بصورة لا إرادية ويستنسخ من خلالها جانبًا معينًا أو عدة جوانب أو صفة أو صفات متعددة من شخص آخر، فيستعيرها منه ويتقمصها، وبموجبها يصبح شبيهًا للشخص المتقمَّص.

الدكتور وليد هندي
ويعتقد د. وليد أنه لو عاش لوسيان لامبير وعلي الزرقاني في عام 2025 لما ألفا فيلم عفريت مراتي الذي تقمصت فيه شادية الشخصيات السينمائية، وإنما كانا سيؤلفان أفلامًا مثل عفريت سوبرمان أو عفريت أليس في بلاد العجائب وغيرها من الشخصيات الكرتونية المعروفة.
تأثير شديد على الكبار
ويضيف أنه وجد أن إدمان مشاهدة الأفلام الكارتونية لم يعد تأثيره مقتصرًا على الأطفال كما كان يُعتقد من قبل، بل أصبح يؤثر أيضًا على الكبار بدرجة تصل إلى حد التقمص.
متلازمة الأفلام الكارتونية
ويؤكد د. وليد هندي أن هذا الكلام أثبتته دراسة عام 2024 في المجلة الهندية للطب النفسي بعنوان "متلازمة الشخصيات الكارتونية وتأثيرها على النمو في العصر الرقمي"، والتي أثبتت أن إدمان مشاهدة الأفلام الكارتونية أثّر على ديناميكيات الأسرة، وعلى أنماط الزوج والزوجة، وجعلها تنحرف عن مسارها الطبيعي، كما أثّرت على مشاعرهم وأفكارهم وأحاسيسهم وميولهم العاطفية، بل وعلى حركتهم الجسدية.
وأثبتت الدراسة أيضًا أن المصابين تأثروا بالشخصيات الكارتونية حتى في لغتهم ولهجتهم المستخدمة، والتي غادرت لهجتنا المعروفة في التواصل الإنساني الطبيعي، لدرجة تخطي تأثير الشخصيات الكارتونية للسلوك وارتداء الملابس؛ فنجد الشخص المتقمص يلبس مثلهم ويتواصل مثلهم، وكأنه جزء من الفيلم أو الرسوم المتحركة تمامًا.
"فيكتوفيليا" والتقمص الإسقاطي
ويشير إلى أنه رغم عدم الاعتراف الرسمي بوجود متلازمة تقمص الشخصيات الكارتونية حتى الآن، فإن الدراسة أعطت إرهاصات تشير إلى إمكانية إصابة الإنسان بها، ووجد أن هناك عوارض نفسية تجعل الإنسان يقلد الشخصيات الكارتونية تقليدًا سلبيًا، أو ما يسمى تقليد "الفيكتوفيليا" (Fictophilia)، وهو الانجذاب لشخصية خيالية عاطفيًا ونفسيًا وجسديًا وجنسيًا وروحيًا وفكريًا، لدرجة تقمص الشخصية والتعايش معها.
ويقول الاستشاري النفسي إن الأسوأ في الأمر هو ما يحدث إذا كان الشخص متزوجًا؛ إذ يفعل ما يسمى "التقمص الإسقاطي" بجعل الطرف الآخر (زوجًا أو زوجة) يعيش الفكتوفيليا للشخصية نفسها، ويرتدي ملابسها ويتصرف مثلها، وهو ما ينطبق على الحالة محل النقاش.
متلازمة "بيتربان"
ويضيف د. وليد أن السبب يرجع إلى أن بعض الرجال يفتقدون النضج الاجتماعي ويُصابون بمتلازمة "بيتربان"، والتي من أبرز ملامحها الهروب من تحمل المسئولية، بما يعني العيش في دور البطولة، والنسيان، وكثرة التبرير، وعدم القدرة على التعبير عن الذات أو الاعتراف بالخطأ، وعدم القدرة على الاستقرار في وظيفة واحدة، مما يجعل الشخصية غير موثوق فيها، خاصة بالنسبة للأزواج. بل تصبح شخصية صعبة كأنها طفل مدلل في صورة رجل كبير نتيجة التربية على الحماية الزائدة والتدليل المفرط، اللذين تسببا في اختلالات في تركيبته الشخصية، والخطورة الأكبر تكمن في سرعة تأثره إذا كان من الشخصيات سهلة الانقياد.
ضغوط وصفات منقوصة
ويوضح الاستشاري النفسي أن التقمص قد يأتي أصلًا استجابة لاشعورية للهروب من الضغوط الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، ويشير إلى أن هناك أشخاصًا يتقمصون الشخصيات الخيالية كتعويض عن صفات ينقصهم امتلاكها، مثل القوة والشجاعة والإقدام والقدرة على المواجهة، بينما ينبهر آخرون بهذه الشخصيات ويتقمصونها بحثًا عن القبول الاجتماعي والفكاهة والجاذبية والحركة والسرعة، كما يلجأ آخرون إليها سعيًا وراء قيم مفقودة، كتحقيق العدالة بسرقة الأغنياء وإعطائها للفقراء، والتعاطف مع الضحية، ونصرة الضعفاء، ويعد ذلك – وفقًا لسيجموند فرويد – نوعًا من معاقبة النفس.
وقد يكون الشخص مصابًا بـ "اضطراب الهوية التفارقي" أي يعيش بشخصيتين، وفي هذه الحالة يستلزم الأمر دراسة نفسية دقيقة لإثباتها، وهي مستبعدة في الحالة التي نناقشها.
اللجوء إلى المتخصصين
ويلفت د. وليد النظر إلى أنه في كل الأحوال، فإن تقمص الشخصيات الكارتونية الخيالية والتوحد النفسي معها أمر خطير للغاية، ومشكلة كبيرة، ويحذر من الانغماس في مشاهدتها حيث تنعكس آثارها النفسية على الكبار وليس الصغار فقط. ويقول إنه يجب مواجهة ذلك باللجوء إلى المتخصصين، معلقًا بأنه كان يجب على الزوجة في هذه الحالة أن تبدأ بعلاج زوجها بدل التفكير في الخلع إذا كانت تحبه.
بداية تشخيص المرض النفسي
وفيما يخص حالات التقمص المرضية النفسية تلفت الدكتورة جورجيت سافيدس، استشاري نفسي، إلى أنه لا يُشخص في الطفولة، لكن علاماته تظهر من سن 15 عامًا، ويتم تشخيصه عند المرضى من سن 18 عامًا.
صدمات سابقة
وتقول أيضًا إن التقمص المرضي قد يكون نتيجة كراهية الشخص لنفسه، أو محاولة للهروب من واقع مؤلم، أو بسبب صدمات نفسية سابقة، وقد يرجع ذلك إلى أسلوب تربية الطفل ونشأته في بيئة غير صحية، وقد يكون مرتبطًا بعوامل جينية في عائلته، أو بضعف تكوين الهوية الذاتية، فيلجأ إلى هوية خيالية قوية ومحددة، أو لاضطراب كيميائي في الدماغ كما في حالات الذهان، وحينئذ تكون الأسباب بيولوجية معقدة.
وتضيف د. جورجيت أن العلامات التي نتحدث عنها تعبر عن اضطراب الهوية الانفصامي (Dissociative Identity Disorder – DID)، ويتميز بوجود هويتين منفصلتين ومميزتين.
الكشف قبل الزواج
ومن جهتها تقول الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع، إنه يجري حاليًا مناقشة ضرورة فحص الجانب النفسي قبل الزواج مثلما يتم الفحص البدني المعروف باسم "فحص ما قبل الزواج".
وتشير إلى أن هذه الضرورة تأتي من اكتشاف كثير من الأزواج بعد الزواج أن الطرف الآخر مريض نفسيًا، وأن هناك تعتيمًا من الأهل، مما يؤثر على الحياة الزوجية التي قد تضطرب وتصل إلى الطلاق.
وتؤكد د. هالة أن المرض النفسي مثل أي مرض بدني يستلزم العلاج لتجنب ويلات كثيرة بعد الزواج، أخطرها استحالة الحياة الزوجية والوصول إلى الطلاق.
فترة الخطوبة
وتؤكد د. هالة على أهمية المصارحة والمكاشفة بين الطرفين خلال فترة الخطوبة، والتي تظهر فيها بعض الأمور التي لا ينبغي تجاهلها أو تمريرها مرور الكرام، لذا يستلزم الأمر التأني والعقلانية في الاختيار عند الزواج وعدم التدليس.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية