تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : مَن صنع المعجزة؟.. عمال بناء هرم "خوفو" وآلية إعداد أولادهم للمستقبل | الحلقة الثالثة
source icon

سبوت

.

مَن صنع المعجزة؟.. عمال بناء هرم "خوفو" وآلية إعداد أولادهم للمستقبل | الحلقة الثالثة

كتب:أحمد الرومي

تناولنا في الحلقتين السابقتين تفاصيل حياة عمال بناء الهرم الأكبر، هرم الملك خوفو، وتطرقنا إلى تفاصيل حياتهم اليومية ونمط عملهم، وكيف كانت الأسرة تشمل أبنائها بالرعاية الاجتماعية نفسيًا وذهنيًا وبدنيًا، من أجل إعدادهم وتهيئتهم للمستقبل. وفي هذا الحلقة نستكمل جولتنا في التفاصيل اليومية لأسر عمال بناء الهرم الأكبر.

الأطفال ودورة التدريب العملي المبكر
كان الأطفال في الأسر العاملة يساعدون في الأعمال المنزلية والزراعية أو الأعمال البسيطة المتعلقة بحياة الأسرة مثل جمع الماء، إعداد الطعام، ورعاية الحيوانات. وكان بعض الأطفال يرافقون الكبار إلى مواقع العمل، خاصة إذا كانت الأعمال تتطلب مهام مساعدة أو إشراف أقل، وبالتالي كانوا جزءًا من دورة التعلم العملي المبكر.
فالمشاركة في العمل كانت جزءًا من تنشئتهم الاجتماعية والاقتصادية، وتعزز لديهم قيم الاعتماد على النفس والمسؤولية.
وتعد الأسرة في ذلك الحين محور التنشئة الاجتماعية، حيث كان الأطفال يتعلمون عن القيم الدينية والاجتماعية، ويلعبون دورًا في تبادل المهام اليومية. 
فالحياة العائلية كانت مليئة بالتفاعلات التي تنمي مهارات الأطفال الاجتماعية، وتتضمن التعلم بالملاحظة والممارسة. هذه الأدوار تؤكد أن الأطفال في مصر القديمة كانوا جزءًا نشطًا من المجتمع، يجمعون بين التعلم من خلال العمل واللعب والمشاركة في الحياة الأسرية، مما يهيئهم لمستقبلهم ومسؤولياتهم كرشد.

تباين دور الأطفال بين الطبقات الاجتماعية
كان أطفال النخبة يتلقون تعليمًا رسميًا يشمل القراءة والكتابة والحساب والفنون والدين، وكان لهم دور في التعلم من أجل تولي مناصب حكومية ودينية عليا في المستقبل. حياتهم كانت أقل إجهادًا بدنيًا، وكانت مرحلة الطفولة مكرسة للتعليم والتنمية الثقافية والاجتماعية.
بينما كان الأطفال في الطبقات العاملة والفقيرة لهم دور عملي ومباشر في دعم الأسرة، بالمشاركة في الأعمال الزراعية والصناعية والخدمات اليدوية من سن مبكرة. وكان تعليمهم غير رسمي، معتمدًا على التعلم بالممارسة والملاحظات اليومية، وتتحمل هذه الفئة أعباء العمل الاقتصادية ضمن الأسرة.
التباين في دور الأطفال وفُرصهم التعليمية والاجتماعية واضح، حيث تعكس الطبقة الاجتماعية مستوى الوصول للتعليم والفرص المستقبلية، مع اختلاف في طبيعة الحياة اليومية بين الطبقات.
هذا التباين يوضح كيف كان المجتمع المصري القديم منظمًا بشكل هرمي، يعكس تباين الفرص والأدوار بين الأطفال وفقًا لمكانتهم الاجتماعية والاقتصادية، مما يؤثر بشكل مباشر على نمط حياتهم وتعليمهم وتنشئتهم.

الأطفال في العمل
بدأ الأطفال بالمشاركة في العمل خارج المنزل في مصر القديمة، عادةً من عمر مبكر نسبياً، يتراوح بين 7 إلى 10 سنوات، اعتمادًا على قدراتهم الجسمانية ونوع العمل.
إذ كان الأطفال يبدأون بمساعدة ذويهم في الأعمال المنزلية والحقول أو في مواقع البناء عندما يبلغون هذه الأعمار، حيث تُعتبر فترة التحول من الاعتماد الكامل على الأسرة إلى المساهمة في نشاطات الأسرة الاقتصادية.
الأعمال التي يشارك فيها الأطفال في هذه المرحلة غالبًا ما تكون مهامًا بسيطة مثل الحمل الخفيف أو مساعدة الكبار، حيث تتطور مهاراتهم تدريجيًا مع الوقت.
ويلعب نوع العمل دورًا مهمًا؛ الأطفال في الأسر العاملة والزراعية يبدأون العمل مبكرًا أكثر من الأطفال في الطبقات العليا، الذين قد يبدأون التعليم أولاً.
إذ تؤثر الظروف الاقتصادية للأسرة على مدى حاجة الطفل للعمل، فالأسر الفقيرة تدفع أطفالها للعمل في سن أصغر لدعم دخل الأسرة.
بشكل عام، يعتبر عمر 7-10 سنوات نموذجيًا لبدء الأطفال العمل خارج المنزل، مع تدرج في نوعية العمل وكميته حسب القدرات والظروف الاجتماعية والاقتصادية.

بقايا قرى العمال
تم اكتشاف بقايا تجمع سكاني كبير يعرف باسم "حيط الغراب" في المنطقة الجنوبية الشرقية لهضبة الجيزة، حيث كان المكان الذي عاش ومات فيه العمال الذين اشتركوا في بناء المجموعات الهرمية لكل من خفرع (حوالي 2558- 2532ق.م) ومنكاورع (حوالي 2532 - 2503 ق.م)، بالإضافة إلى بقايا سكنية أقدم ترجع لعهد خوفو (حوالي 2589- 2566 ق.م).
تم الكشف عن منازل ومخازن وثلاثة شوارع رئيسية ومبنى إداري ملكي داخل أسوار تلك المدينة، وكذلك أربعة صالات ضخمة، يحتمل أن تكون هي الثكنات التي كان ينام فيها العمال بناة الأهرامات ويعدون بها طعامهم.
وقد عُثِرَ على كمية هائلة من عظام السمك والطيور والأبقار والأغنام والماعز والخنازير، مما يكشف تكفل الدولة برعاية العمال لضمان الحصول على أفضل مقابل في كفاءة العمل.
على سفح التل مباشرة إلى الغرب من حيط الغراب، عثر على جبانة المدينة، حيث دفن المشرفون ذوو الرتب الدنيا من العمال في مصاطب متواضعة على سفوح التلال المنخفضة، محاط بها مصاطب أصغر أو مقابر مقببة، ربما خصصت للعمال أو لعائلات المشرفين أنفسهم وكانت تلك المقابر مبنية من الطوب اللبن، بينما دُفن المشرفون ذوو الرتب العالية والحرفيون المهرة والفنانين في مصاطب حجرية كبيرة أعلى المنحدر.
من بين تلك المقابر نجد مقبرة ذات زخارف بديعة تخص المشرف على صناعة الكتان والمشرف على بيت التطهير الملكي المدعو "نفرثيث".
وتظهر غالبية البقايا البشرية المكتشفة أدلة على وجود عمل بدني شاق، حيث أن العديد منها يظهر عظام مكسورة. 
ومع ذلك فإن معظم هؤلاء قد عولجوا بشكل صحيح وتماثلوا للشفاء، مما يؤكد على وجود تغذية سليمة للعمال بالإضافة إلى تلقيهم رعاية صحية على مستوى عالٍ.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية