تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
شهدت الساحة السياسية المصرية خلال الفترة الأخيرة حالة لافتة من الجدل حول العملية الانتخابية، وما صاحبها من أشكال متعددة لغضب الشارع، والتي تراوحت بين العزوف الكامل عن المشاركة والاعتراضات العلنية عبر منصات التواصل الاجتماعي والطعون الرسمية، وقد دفعت هذه الأصوات المطالِبة بتصحيح المسار إلى استجابة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن اهتمامه بما أثير حول العملية الانتخابية، وتوجيهه بدراسة الملاحظات المطروحة والعمل على تحسين البيئة السياسية. وفي المقابل، يقدم خبراء السياسة قراءات مختلفة حول الأسباب الجذرية للمشهد الحالي، وما يتطلبه البرلمان القادم لإعادة الحيوية للحياة الحزبية وتعزيز ثقة المواطنين.
أعمق صور الغضب
فيرى الدكتور عمار علي حسن – الباحث في علم الاجتماع السياسي – أن الشارع المصري عبّر عن غضبه من المشهد الانتخابي بعدة صور، بدأت أولها بالانصراف شبه الكامل عن العملية الانتخابية، فبحسب تقديره، تجاوز المواطنون مرحلة "المشاركة السلبية" المتمثلة في الامتناع عن التصويت، إلى اللامبالاة الكاملة، حتى بدا وكأن قطاعات واسعة من الشعب لا تعير العملية برمتها أي اهتمام، باستثناء قلة محدودة جذبها المرشحون إلى اللجان. ويعتبر حسن أن هذا العزوف هو أعمق أشكال الاحتجاج الشعبي.
ساحة إعلان المقاطعة
ويضيف أن منصات التواصل الاجتماعي شكّلت مساحة ثانية للتعبير عن الرفض، حيث أعلن كثيرون مقاطعتهم منذ الخطوات الأولى للعملية الانتخابية، اعتراضًا على القوانين التي اعتبروها محسومة النتائج قبل بدايتها، ثم الممارسات المصاحبة للتصويت والفرز.
احتجاجات ميدانية وطعون رسمية
أما الصورة الثالثة للغضب، فقد ظهرت من خلال احتجاجات محدودة في بعض الدوائر، وصلت إلى حد مطالبة البعض بتدخل رئيس الجمهورية، ثم جاءت الطريقة الرابعة عبر تقديم طعون رسمية للهيئة الوطنية للانتخابات.
أحزاب بلا قواعد
ويشير د. عمار إلى أن البيئة الحزبية الحالية سمحت بظهور ممارسات غير نزيهة، إذ يرى أن كثيرًا من الأحزاب وُلد "مبتسرًا" بلا قاعدة شعبية حقيقية، وبعضها معوق سياسيًا، مما أدى إلى غياب حياة حزبية ناضجة، ونتيجة لذلك، تحولت العملية الانتخابية ــ في رأيه ــ من شراء أصوات إلى شراء مقاعد كاملة، حتى وصل سعر المقعد الواحد إلى نحو 70 مليون جنيه.
شعور بالخداع
هذا الواقع أضعف حماس الناخبين، ودفع بعضهم لاعتبار المشهد مهينًا حيث لم يقم المرشح ببذل جهد في حشد الجماهير، مما جعلهم يرفضون حتى المساعدات العينية، كما ظهرت ظاهرة "سماسرة الانتخابات" الذين يحصلون على أموال من المرشحين مقابل جلب ناخبين، بينما لا يتلقى هؤلاء الناخبون ما وُعدوا به بعد التصويت. ويصف أن هذه الظاهرة جديدة بحجمها لا بنوعها، وأنها أدت إلى شعور عام "بالخداع".
أولويات البرلمان القادم
من جانبه، يرى الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، من أهم الملفات التي يجب أن يواصل البرلمان القادم العمل عليها هو الجهود لتحسين مستوى معيشة المواطن، سواء في الجانب التنموي أو الاقتصادي، ويؤكد أن المواطن في مصر كما في أي دولة ينتظر تحسن دخله وجودة حياته، وهو ما يتطلب دورًا برلمانيًا فاعلًا.
تشريعات اقتصادية وتفعيل المجالس المحلية
ويشدد د. بدر الدين على أن البرلمان القادم مطالب بإصدار تشريعات لمواجهة التحديات الاقتصادية، وعلى رأسها التضخم والبطالة وتنشيط الاستثمار، إلى جانب دفع الدولة نحو تفعيل المجالس المحلية المنتخبة، لأنها تخفف الأعباء عن البرلمان وتتيح لأعضائه التركيز على التشريع والرقابة.
أحزاب بلا تأثير فعلي
وفيما يتعلق بالأحزاب السياسية، يوضح د. بدر الدين أن هناك خللًا واضحًا بين "الكم والكيف"، فمصر تضم نحو 105 أحزاب، بينما لم يُمثَّل منها في البرلمان السابق سوى حوالي 15 حزبًا، وغالبية هذه الأحزاب كانت بتمثيل محدود، ويتساءل: كيف يمكن اعتبار 90 حزبًا بلا تمثيل أنها أحزاب فعلية؟ لذلك يرى ضرورة إعادة النظر في قوانين الأحزاب والانتخابات، بحيث يُحل أي حزب لا يحصل على مقعد واحد خلال دورتين انتخابيتين متتاليتين، لأنه لا يمتلك دورًا مؤثرًا في الحياة السياسية.
دمج التيارات المتشابهة
ويدعو د. بدر الدين إلى دمج الأحزاب ذات الأيديولوجيات المتقاربة، بدل وجود عشرات الأحزاب التي تمثل التيار نفسه. فبدلًا من تعدد غير مفهوم، يمكن أن تنصهر أحزاب اليمين أو اليسار أو الوسط في كيانات أكبر وأكثر تأثيرًا، بحيث يصبح لدى المواطن القدرة على فهم البرامج والتمييز بينها بسهولة، ويرى أن وجود ثلاثة أو أربعة أحزاب قوية سيكون أفضل بكثير من مئة حزب بلا حضور، خصوصًا في نظام القوائم، حيث يسهل على المواطن اختيار قائمة ذات برنامج واضح وكيان حزبي مفهوم.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية