تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : من الدردشة إلى الطلاق.. الخيانة الرقمية تهدد الحياة الأسرية
source icon

سبوت

.

من الدردشة إلى الطلاق.. الخيانة الرقمية تهدد الحياة الأسرية

كتب: مروة علاء الدين

   لم تعد الخيانة الزوجية حكرًا على اللقاءات السرية أو العلاقات المخبأة بعيدًا عن أعين الناس، فاليوم يكفي هاتف ذكي أو حساب على مواقع التواصل لتبدأ قصة خيانة جديدة خلف شاشة مضيئة. 

في عصر "الرسالة الفورية" و"الإعجاب العابر"، تغيرت ملامح الخيانة لتأخذ شكلًا رقميًا قد يبدو في بدايته بريئًا، لكنه سرعان ما يتحول إلى تهديد صامت يستنزف الثقة ويهز استقرار الأسرة.

هذا ما يسميه الخبراء بـ "الخيانة الرقمية" أو "الافتراضية"، الظاهرة التي صارت واقعًا ملموسًا في حياة الكثيرين، وامتد أثرها من الأزواج إلى الأبناء، ومن الأسرة الصغيرة إلى المجتمع كله.

في هذا التقرير نستعرض آراء مجموعة من المتخصصين؛ لنفهم أبعاد الظاهرة وأسبابها وآثارها، مع استعراض دراسات وإحصاءات حديثة توضّح حجم التحدي الذي تواجهه الأسر في عصر الإنترنت.

خيانة خلف الشاشات
تُعرّف الخيانة الرقمية بأنها أي شكل من أشكال التفاعل العاطفي أو الجنسي عبر الإنترنت خارج نطاق العلاقة الرسمية، سواء تمثلت في محادثات نصية، مكالمات، تبادل صور أو مقاطع فيديو، أو حتى إعجاب وتفاعل مستمر قد يحمل طابعًا عاطفياً.

رغم غياب الاتصال الجسدي المباشر، إلا أن الطرف الآخر غالبًا ما يشعر بخيانة نفسية حقيقية، لأن العلاقة الافتراضية تُبنى على المشاعر وتستهلك من طاقة الارتباط الأصلي.

رؤية نفسية
ترى الدكتورة زينب مهدي، أستاذة الطب النفسي والعلاقات الزوجية، أن الخيانة الرقمية لم تعد مجرد ظاهرة هامشية بل أصبحت "تنفيسا سرياً" يلجأ إليه البعض للهروب من أزمات واقعية، وتقول؛ إن الخيانة عبر الإنترنت أكثر إغراء من الخيانة التقليدية، لأنها تعتمد على الإشباع النفسي السريع والشعور الزائف بالأمان والخصوصية، كثيرون يعتقدون أنهم يسيطرون على الأمر لأنه يحدث خلف شاشة، لكن الحقيقة أن هذه العلاقات تتطور سريعاً، وغالبًا ما تترك ندوبًا نفسية عميقة.

وتضيف، أن الفراغ العاطفي والإهمال الزوجي هما المدخل الأكبر لانزلاق الأفراد إلى هذه التجارب، مشيرة إلى أن الملل والروتين داخل العلاقة يُهيئان بيئة خصبة للتواصل الخارجي.

كما تُبرز أن الرقيب الداخلي – الضمير والوازع الديني – هو خط الدفاع الأول ضد هذه الممارسات، وعندما يضعف هذا الرقيب، يصبح الإنترنت مجرد محفز قوي، وليس سببا في ذاته.

وتؤكد، أن العلاقات الافتراضية لا تنتهي بانتهاء المحادثة، بل تترك آثارًا من التوتر، الغيرة، فقدان الثقة، وأحيانًا تصل إلى أعراض اكتئابية أو اضطرابات في النوم، لأنها تُشعر الشريك المتضرر بالخذلان والانكسار.

آثار متراكمة
وتشيرد. زينب، إلى أن الخيانة الرقمية تُخلّف آثارًا متشابكة على الأفراد والمجتمع:
- فقدان الثقة بين الشريكين وتدهور العلاقة.
- اضطرابات نفسية كالقلق والاكتئاب للطرف المتضرر.
- تفكك أسري مع ارتفاع نسب الانفصال والطلاق.
- انعكاسات اجتماعية تتمثل في ضعف الروابط الأسرية وتراجع دور الأسرة كحاضنة للاستقرار.

رؤية اجتماعية
تربط الدكتورة عبير حسن، أستاذة الخدمة الاجتماعية بجامعة كفر الشيخ، بين التحولات الاجتماعية في مصر وانتشار الخيانة الرقمية، موضحة أن الانفتاح التكنولوجي وتراجع بعض القيم التقليدية للأسرة، بجانب الضغوط الاقتصادية من فقر وبطالة، جميعها عوامل أضعفت البنية الأسرية.

وتقول في دراستها: "المجتمع لم يستوعب بعد هذه التحولات المتسارعة، فظهرت هشاشة واضحة في العلاقات الزوجية، وسائل التواصل لم تعد مجرد أداة للتسلية، بل تحولت إلى ساحة لإقامة علاقات بديلة تبدأ بالفضفضة أو مشاركة الاهتمامات، لكنها تتطور تدريجيا إلى ارتباط عاطفي قد يهدد كيان الأسرة بأكمله".

وتكشف نتائج دراستها أن 71% من الزوجات المصريات يفقدن الثقة تمامًا في الزوج عند اكتشافهن خيانة رقمية، حتى دون وجود علاقة جسدية مباشرة.
وتضيف، الخيانة الإلكترونية لا تقل وقعًا نفسيًا عن الخيانة الواقعية، لأنها تقوم على مشاعر واهتمام ووقت كان يفترض أن يُمنح للشريك.

وتحذر من أن هذه الظاهرة تُسهم في ارتفاع معدلات الطلاق داخل المجتمع، مشيرة إلى أن ضعف الثقافة الرقمية، غياب الحوار الأسري، وغياب الرقابة الذاتية كلها عوامل تجعل الظاهرة أكثر خطورة واستمرارية.

حلول مقترحة
وتقدم د. عبير مجموعة من الحلول منها: 
- ضرورة وجود تواصل صريح بين الشريكين حول احتياجاتهما العاطفية.
- وضع حدود رقمية واضحة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
- تثقيف رقمي للأزواج حول المخاطر النفسية والاجتماعية للخيانة الإلكترونية.
- استشارة مختصين نفسيين أو اجتماعيين عند ظهور مؤشرات أزمة.
- إحياء الحميمية والأنشطة المشتركة التي تقوي الروابط العاطفية.

رؤية سوسيولوجية
يرى الدكتور محمود عبد الجواد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، أن الخيانة الرقمية انعكاس مباشر لطبيعة العصر الرقمي الذي يعيش فيه الإنسان، حيث صارت العلاقات الإنسانية أكثر هشاشة بسبب وفرة البدائل وسهولة الوصول إليها.

ويقول؛ إن المجتمع الشبكي أعاد تشكيل مفهوم الخصوصية والعلاقات، فالحدود بين العام والخاص أصبحت ضبابية، الشخص الذي لا يجد إشباعا في بيئته القريبة، يستطيع بسهولة أن يفتح نافذة جديدة للعاطفة أو المغامرة عبر الإنترنت، وهي مرتبطة أيضًا بعوامل ثقافية منها:

- صراع القيم: بين الجيل الجديد الذي يتبنى الحرية الرقمية، والجيل الأقدم الذي يلتزم بالقيم الأسرية التقليدية.
- التباين الطبقي: حيث أن الطبقات الأكثر تعرضًا للبطالة والضغط الاقتصادي تبحث عن الهروب عبر العالم الافتراضي.
- ضعف مؤسسات الضبط الاجتماعي: مثل المدرسة والدين والإعلام، ما يقلل من وعي الأفراد بخطورة السلوكيات الرقمية.

مؤكداً أن الخيانة الرقمية ليست سلوكاً فردياً فقط، بل هي مرآة لاضطرابات المجتمع الأوسع، كلما زادت ضغوط الحياة وتناقضات القيم، زاد الميل إلى البحث عن بدائل افتراضية قد تُدمّر الروابط الحقيقية.

ويضيف د. محمود، أن الحل يتطلب أيضا تدخلا مجتمعيا عبر إدماج التربية الرقمية في المدارس والجامعات، وتشجيع الإعلام على نشر محتوى يعزز الوعي بخطورة الخيانة الافتراضية

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية