تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : من الحقن إلى الحلوى.. "الجلوتاثيون" وصفة التفتيح المضللة
source icon

سبوت

.

من الحقن إلى الحلوى.. "الجلوتاثيون" وصفة التفتيح المضللة 

كتب:هايدي شتات

خلال السنوات الأخيرة، انتشر اسم الجلوتاثيون بشكل واسع في سوق التجميل، حيث يُسوّق له كحلّ سحري لتفتيح البشرة وتحسين نضارتها، لم يقتصر الترويج على شركات ومستحضرات التجميل فقط، بل شمل أيضًا الصيدليات ومنصات التواصل الاجتماعي، ليظهر في أشكال متعددة؛ حقن وريدية، كبسولات، محاليل للشرب، وحتى حلوى للمضغ، وغالبًا بتركيزات مرتفعة.

ورغم أن هذه الحملات التسويقية تركز على الجانب التجميلي، إلا أن الحقيقة العلمية مختلفة؛ فالجلوتاثيون في الأصل مضاد أكسدة طبيعي ينتجه الجسم، ودوره الأساسي حماية الخلايا ودعم المناعة وإزالة السموم، لكن الاستخدام العشوائي له كمستحضر تجميلي، خاصة عبر الحقن، أثار مخاوف طبية لما قد يحمله من مخاطر على الجلد وأعضاء الجسم الحيوية.


ما هو الجلوتاثيون؟
يوضح الدكتور أشرف عبادي، أستاذ الصيدلة والكيمياء الطبية بالجامعة الألمانية بالقاهرة، أن الجلوتاثيون مادة ثلاثية تتكون من ثلاثة أحماض أمينية: السيستين، الجليسين، وحمض الجلوتاميك، وينتجه الجسم طبيعيًا بتركيز أعلى في الكبد، ويُعد من أهم مضادات الأكسدة الخلوية، حيث يساهم في إزالة السموم من الكبد، إصلاح وتجديد الخلايا، بالإضافة لدعم الجهاز المناعي، وإعادة تدوير بعض الفيتامينات مثل C وE.

ويشير د. عبادي، إلى أن له دورًا علاجيًا في بعض الاضطرابات مثل أمراض الكبد ونقص المناعة، لكن تحت إشراف طبي وبجرعات محددة.

حقن وحلوى
ويوضح د. عبادي، أن الحقن الوريدي يمنح أعلى تأثير وأسرع امتصاص للجلوتاثيون، لكنه أيضًا الأخطر إذا استُخدم دون إشراف طبي، إذ تم تسجيل آثار جانبية في بعض الحالات بالولايات المتحدة، أما الكبسولات والأقراص والمحاليل الفموية، فيُمتص الجلوتاثيون منها بدرجة أقل بكثير، وقد يحتاج تأثيرها – إن وُجد – إلى أسابيع أو أشهر.

أما منتجات الحلوى التي تحتوي على تركيزات محدودة من المادة، فهي أقرب إلى مكمل غذائي عام ولا يُعوّل عليها للتفتيح.

ويؤكد د. عبادي، أن استخدام هذه المادة يجب أن يظل محصورًا في دواعي طبية واضحة، وأن تعاطي الحقن خارج بيئة طبية متخصصة يشكّل خطرًا مباشرًا على الصحة.

حقيقة "التفتيح" والأبحاث السريرية
تشير الأبحاث السريرية المتاحة إلى أن تأثير الجلوتاثيون على تفتيح البشرة متواضع ومؤقت، وغالبًا ما يتلاشى بعد التوقف عن الاستخدام، كما أن الدراسات أوضحت أن المادة تتحلل داخل الجهاز الهضمي قبل أن تصل إلى الخلايا، ما يقلل من فعاليتها عند تناولها فمويًا، وللتغلب على هذه المشكلة، جرى تطوير صيغ دوائية جديدة مثل الجلوتاثيون الفموي (الليبوزومي)، لكنها ما تزال قيد البحث ولم تثبت نتائج قوية في المجال التجميلي.

الموقف العالمي من الجلوتاثيون للتفتيح
تنظيميًا، لا توجد موافقة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أو وكالة الأدوية الأوروبية على اعتماد الجلوتاثيون كعلاج للتفتيح. بل إن بعض الدول مثل الفلبين أصدرت تحذيرات رسمية ضد استخدام الحقن الوريدية لأغراض تجميلية، وفي مصر أيضًا، لم يُعتمد الجلوتاثيون كدواء للتبييض، وأي ترويج له في هذا السياق يُعد خارج الأطر الطبية المصرح بها.

الفوائد الطبية الحقيقية
يؤكد الدكتور خالد مصيلحي، أستاذ الصيدلة بجامعة القاهرة، أن الجلوتاثيون يُفرز طبيعيًا من الكبد والأعضاء الداخلية الأخرى كالكلى والرئتين والبنكرياس، ودوره الأساسي هو مكافحة الأكسدة وحماية المناعة، ومع التقدم في العمر، يقل إنتاجه، ما يدفع الأطباء أحيانًا لوصف مضادات أكسدة بديلة مثل السيلينيوم أو الفلافونويدات أو فيتامين C، إلى جانب أطعمة طبيعية غنية بمضادات الأكسدة مثل الثوم والبروكلي والبصل.

استخدامات تجميلية
ظهرت في السنوات الأخيرة مستحضرات عناية بالبشرة تحتوي على تركيزات منخفضة من الجلوتاثيون (0.5 – 1%) إلى جانب مكونات أخرى مثل فيتامين C وخلاصة العرقسوس، لكن د. مصيلحي يشير إلى أن الدراسات التي استندت إليها هذه المنتجات ضعيفة وغير كافية لإثبات الفعالية أو الأمان، خصوصًا عند أصحاب البشرة الحساسة.

خطر المكملات والترويج المضلل
ويحذر د. مصيلحي من أن بعض المنتجات على وسائل التواصل الاجتماعي تُباع بتركيزات عالية من الجلوتاثيون، وهو أمر غير مرخص عالميًا، ويُعد خطرًا على الكبد والكلى إذا استُخدم بلا إشراف طبي، كما أن هيئة الدواء المصرية وفرت خدمة للتحقق من تراخيص المنتجات، داعيًا المواطنين لعدم الانسياق وراء دعايات المشاهير أو الصفحات المجهولة.

يضيف الدكتور باسم طعيمة، استشاري اقتصاديات الصحة بجامعة تورونتو، أن الجلوتاثيون بالفعل أحد مضادات الأكسدة المهمة داخل الخلايا، لكن الأدلة السريرية على فائدته في تحسين الأداء الرياضي أو إبطاء الشيخوخة أو تفتيح البشرة ما تزال ضعيفة وغير مقنعة.

ويشير إلى أن الاستخدام المزمن للمكملات قد يرتبط بمضاعفات مثل انخفاض الزنك أو مشكلات في الجهاز الهضمي والتنفس، بل وحذّرت الـ FDA من احتمال تلوث بعض المساحيق المستخدمة في الحقن.

تم الإبلاغ عن تقلصات معوية، وغثيان، وانتفاخ بطني، وردود فعل تحسسية، كما أُفيد بأن الجلوتاثيون المُستنشق يُسبب نوبات ربو. 

فالجلوتاثيون مادة طبيعية مهمة لصحة الجسم والمناعة، لكنه لم يُثبت علميًا كوسيلة فعّالة وآمنة لتفتيح البشرة، ورغم انتشاره في الأسواق تحت أشكال دوائية وتجميلية متعددة، تبقى الحقيقة أن الاستعمال التجميلي غير المرخص يحمل مخاطر تفوق فوائده المزعومة.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية