تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : من التحالف إلى القطيعة.. النفط يفجّر العلاقة بين أمريكا وفنزويلا
source icon

سبوت

.

من التحالف إلى القطيعة.. النفط يفجّر العلاقة بين أمريكا وفنزويلا

كتب:سعاد طنطاوي

بين صخب حقول النفط في كاراكاس، وصقيع العقوبات في واشنطن، تقف العلاقة بين الولايات المتحدة وفنزويلا على حافة بركان لا يهدأ، فالأزمة بين البلدين لم تعد مجرد خلاف دبلوماسي عابر، بل تحولت إلى صراع إرادات محتدم بين "العم سام" وإرث "البوليفارية"، حيث أصبحت المصالح الاقتصادية وقودًا لمواجهة مفتوحة، وتحول “الذهب الأسود” إلى فتيل يشعل فتنة المواقف السياسية.

وفي هذا التقرير، نغوص في كواليس المواجهة التي حبست أنفاس القارة اللاتينية، لفهم كيف تحولت الصداقة النفطية إلى قطيعة أيديولوجية مريرة.

معادلة النفط.. لماذا فنزويلا؟
يرى اللواء الدكتور سمير فرج، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن جوهر الصراع يتمثل في "الكنز" الذي تمتلكه فنزويلا، كونها صاحبة أكبر احتياطي نفطي في العالم يُقدَّر بنحو 303 مليارات برميل.

كما يشير إلى نقطة فنية بالغة الأهمية، موضحًا أنه رغم ضخامة الإنتاج الأمريكي من النفط، إلا أنه من النوع الخفيف، في حين صُممت المصافي الأمريكية أساسًا لتكرير النفط الفنزويلي الثقيل، الذي يُستخدم في إنتاج الديزل والأسفلت، وهو ما يفسر الأهمية الاستراتيجية لكاراكاس في الحسابات الأمريكية.

أزمة إنسان ونظام
وعلى صعيد الداخل، يلفت اللواء فرج إلى أن فنزويلا تمر بأسوأ أزماتها الإنسانية والاقتصادية تحت حكم الرئيس نيكولاس مادورو، حيث تعاني من تضخم حاد، وهجرة واسعة، وتزايد معدلات الجريمة.

ومنذ عام 2017، غادر البلاد أكثر من 2.3 مليون مواطن، فيما يعيش نحو 90% من السكان تحت خط الفقر، وهي أوضاع يعزوها خبراء إلى تفشي الفساد وسوء الإدارة.

العقوبات وصراع تغيير النظام
من جانبه، يتناول الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، الأزمة من زاوية أخرى، معتبرًا أن شعارات "حقوق الإنسان والديمقراطية" التي ترفعها الإدارة الأمريكية ليست سوى غطاء للتدخل في الشئون الداخلية الفنزويلية.

ويتساءل بدر الدين: أين هذا الموقف الأمريكي مما يحدث في غزة، حيث تُنتهك أبسط حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الحياة؟ مؤكدًا أن الأزمة تحولت إلى مواجهة شخصية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو.

ويشير إلى أن تصنيف واشنطن للنظام الفنزويلي كـ "منظمة إرهابية" يُعد تجاوزًا قانونيًا خطيرًا بحق دولة ذات سيادة كاملة، لافتًا إلى أن الهدف الحقيقي يتمثل في تقليص نفوذ روسيا والصين في منطقة الكاريبي.

التلويح العسكري وسيناريوهات المواجهة
لم يتوقف التحرك الأمريكي عند حدود العقوبات، بل امتد إلى التلويح بالقوة العسكرية عبر إرسال حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد فورد"، وفرض حصار بحري، وإغلاق المجال الجوي.

ويطرح اللواء سمير فرج تساؤلًا دستوريًا حول مدى أحقية الرئيس الأمريكي في شن حرب دون موافقة الكونجرس، مستدركًا بأن "مستنقع فيتنام" لا يزال حاضرًا في الذاكرة الأمريكية، ما يجعل خيار الحرب البرية مستبعدًا.

وهو الرأي الذي يؤيده الدكتور إكرام بدر الدين، الذي وصف سيناريو الحرب بأنه "ضعيف"، مستشهدًا برغبة ترامب في خفض النفقات العسكرية، معتبرًا أن ذرائع التدخل بحجة مكافحة المخدرات أو حماية الديمقراطية لا تبرر هذا الحشد العسكري.

تباينات الكونجرس والساحة الدولية
وفي قراءة مستقبلية، يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن العقوبات الأمريكية قد لا تحقق أهدافها في ظل الانقسامات داخل الكونجرس.

ويحذر من أن منطقة الكاريبي تحولت إلى "ملعب صراع دولي"، قد يفتح على الولايات المتحدة جبهات أخرى، لا سيما في تايوان وبحر الصين الجنوبي، حال استمرار الصدام مع المصالح الروسية والصينية.

جذور العلاقة المتأرجحة بين واشنطن وكاراكاس
لم تكن العلاقة بين البلدين قائمة دائمًا على العداء، بل مرت بمراحل متباينة شكلت ملامح الحاضر.

- عصر التحالف (1900 – 1998): كانت فنزويلا الشريك النفطي الأبرز للولايات المتحدة، خاصة خلال خمسينيات القرن الماضي، حيث اعتمدت كاراكاس على التكنولوجيا الأمريكية في بناء قطاعها النفطي، ورأت فيها واشنطن حليفًا استراتيجيًا في مواجهة الشيوعية، حتى لُقبت بـ "باريس اللاتينية".

- نقطة التحول (1999): مع وصول هوجو تشافيز إلى السلطة، تبنى خطاب "الاشتراكية البوليفارية" وهاجم "الإمبريالية الأمريكية"، ما أحدث شرخًا أيديولوجيًا عميقًا.

- محاولة الانقلاب (2002): اتهم تشافيز واشنطن بدعم محاولة الانقلاب الفاشلة ضده، لتتحول العلاقة من خلاف سياسي إلى عداء مؤسسي.

- عصر العقوبات (2015 – الآن): أعلنت إدارة أوباما أن فنزويلا تشكل "تهديدًا غير عادي" للأمن القومي الأمريكي، وتوالت العقوبات في عهدي ترامب وبايدن، وصولًا إلى شبه قطيعة كاملة.

محور فلسطين وإسرائيل
يشير الدكتور إكرام بدر الدين إلى أن فنزويلا قطعت علاقاتها بإسرائيل منذ نحو 15 عامًا، وانحازت بالكامل للقضية الفلسطينية، وهو ما فاقم الخلاف مع الإدارات الأمريكية التي تضع أمن إسرائيل في صدارة أولوياتها، ويحذر من تخوفات تتعلق بإمكانية استخدام الولايات المتحدة الأسلوب نفسه مع دول الشرق الأوسط الغنية بالنفط.

الوضع الراهن
وصلت العلاقة بين واشنطن وكاراكاس إلى طريق مسدود؛ حيث ترى الولايات المتحدة في فنزويلا تهديدًا لأمنها القومي بسبب قضايا المخدرات والهجرة، بينما تعتبر كاراكاس العقوبات الأمريكية حربًا اقتصادية تستهدف الاستيلاء على ثرواتها النفطية والمعدنية.


 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية