تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
وقائع كثيرة تؤكد أن الشهامة المصرية ليست سلوكًا عابرًا أو فورة مشاعر لحظية، بل هي موروثاً ثقافياً واجتماعياً متجذراً في الشخصية المصرية منذ آلاف السنين، إنها قيم تعبر عن الارتباط العميق بالإنسانية، والإحساس بالمسئولية تجاه الآخر، والقدرة على التضحية دون انتظار مقابل.
فالمصري – رغم كل التحديات – لا يزال ذاك الإنسان الذي يقف وقت الشدة، ويفتح بيته للغريب، ويخاطر بحياته من أجل حياة إنسان آخر، ليثبت في كل أزمة أنه يستحق عن جدارة وصف "ابن بلد".
فالمصري – رغم كل التحديات – لا يزال ذاك الإنسان الذي يقف وقت الشدة، ويفتح بيته للغريب، ويخاطر بحياته من أجل حياة إنسان آخر، ليثبت في كل أزمة أنه يستحق عن جدارة وصف "ابن بلد".
خالد.. افتدى أرواح الناس
وفي واقعة تجسدت فيها البطولة المطلقة، تمثلت في السائق خالد محمد شوقي، الذي واجه خطرًا مميتًا خلال اندلاع حريق هائل في محطة وقود بالعاشر من رمضان، وبينما كان الجميع يفر من المكان، اتخذ خالد قرارًا مهيبًا بإنقاذ من حوله، فقاد السيارة المحترقة إلى خارج المحطة، مانعًا امتداد النيران إلى الخزانات المجاورة، أصيب بحروق خطيرة وتوفي لاحقًا متأثرًا بإصابته، ليُخلّد اسمه كبطل ضحى بنفسه لحماية الآخرين.
تضامن واسع خلال العاصفة الأخيرة
في وقت عصيب اجتاحت فيه عاصفة جوية عدداً من المحافظات، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصات تضامن شعبي، حيث سارع المواطنون لعرض إمكانياتهم البسيطة لمساعدة المتضررين، دون تفرقة بين دين أو طبقة أو محافظة.
البعض فتح منازله للمشردين أو العالقين، وآخرون قدّموا وجبات مجانية في مطاعمهم، في حين استخدم آخرون سياراتهم لنقل العالقين وسط غياب وسائل المواصلات، ولعبت المساجد والكنائس دورًا بارزًا في هذا المشهد، إذ فُتحت أبوابها أمام المتضررين لتوفير المأوى والطعام، كما حدث في مسجد الفتح برمسيس والكنيسة الإيبراشية بحلوان.
بطولة شبابية في فيصل
وفي منطقة كعبيش بفيصل، تسابق أكثر من خمسة شباب بشجاعة نادرة على تسلق واجهة عقار لإنقاذ ثلاثة أطفال حُوصروا داخل شقة تلتهمها النيران، أظهر هؤلاء الشباب روحًا بطولية خالصة، وتعاطفًا واسعًا من المصريين الذين تداولوا مقاطع الفيديو وأشادوا بتصرفهم البطولي، في انتظار وصول قوات الحماية المدنية.
شهيد النيل في سوهاج لإنقاذ فتاة
وفي محافظة سوهاج، فاضت روح شاب أثناء محاولته إنقاذ فتاة قفزت من أعلى كوبري أخميم في نهر النيل، لم يتردد الشاب لحظة، وقفز خلفها في محاولة للإنقاذ، إلا أن الأقدار اختارته شهيدًا للمروءة.
للشجاعة ثمن
لا تزال قصة محمود البنا، ابن محافظة المنوفية، محفورة في ذاكرة المصريين، بعدما سعى للدفاع عن فتاة كانت تتعرض للمضايقة، فلقى حتفه في مشهد مأساوي، تحولت قضيته إلى قضية رأي عام، ولقبه الناس بـ "شهيد الشهامة"، ليكون رمزًا جديدًا من رموز الشجاعة في مواجهة الانحراف المجتمعي.
تبرعات المصريين تنقذ حياة "رقية"
وإلى جانب الشجاعة في مواجهة الموت، تجلت ملامح التكافل المجتمعي العميق في قصة الطفلة رقية المصابة بمرض ضمور العضلات الشوكي، تمكن المصريون من جمع أكثر من 45 مليون جنيه خلال أيام قليلة، لتلقيها حقنة العلاج الوحيدة في العالم لحالتها، والتي تعرف باسم "Zolgensma"، كانت هذه الواقعة تجسيدًا قويًا للمحبة والرحمة التي تسري في شرايين هذا الشعب، إذ ساهم الجميع – أغنياء وبسطاء – في منح الطفلة فرصة جديدة للحياة.
شهامة المصريين لا تزال حية
وتعليقًا على تلك الحالات أكد الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن القيم الأصيلة مثل الشهامة والمروءة لا تزال متجذرة في وجدان الشخصية المصرية، مشيرًا إلى أن مظاهرها تتجلى في مواقف يومية عديدة، لكنها قد لا تظهر دائمًا في المجال العام بنفس القوة التي اعتادها المصريون في الماضي.
جزء من التكوين النفسي والثقافي
وأوضح د. هندي أن "الشهامة" ليست سلوكًا طارئًا أو مكتسبًا مؤقتًا، بل هي جزء من التكوين النفسي والاجتماعي للمصري، تشكّلت عبر قرون من التفاعل المجتمعي والبيئة الثقافية، مشيرًا إلى أن المصري بطبيعته يميل إلى مساعدة الغير، والتعاطف، والمساندة في الشدائد.
تغيرات اجتماعية واقتصادية
ورغم هذا العمق، أشار استشاري الصحة النفسية إلى أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة التي مر بها المجتمع في العقود الأخيرة، مثل اتساع الفجوة الطبقية، وتراجع دور الأسرة الممتدة، وتغير منظومة القيم في بعض الطبقات، قد جعلت البعض أكثر تحفظًا أو خوفًا من المبادرة، خاصة في المواقف التي تتطلب التدخل أو المغامرة.
وأضاف أن تراجع بعض القيم لا يعني غيابها، وإنما يتطلب تجديد الثقة بها وتعزيزها من خلال التعليم والإعلام والمجتمع المدني، مؤكدًا أن "الشهامة" ليست فقط رد فعل فردي، بل ثقافة جماعية يجب أن تُغذى وتُكرَّم، حتى يشعر المواطن بأن السلوك الإيجابي له قيمة واحترام اجتماعي.
رسائل أمل
واختتم د. وليد بالإشارة إلى أن هناك مئات القصص التي تتكرر يوميًا في شوارع مصر لأشخاص يضحون بأوقاتهم، وراحتهم، وأحيانًا حياتهم، من أجل إنقاذ آخرين أو مساعدتهم، ما يثبت أن هذه القيم لا تزال حية، لكنها فقط بحاجة إلى مناخ داعم يعيد لها وهجها ويفتح المجال أمامها للظهور بثقة وشجاعة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية