شهدت السواحل المصرية خلال الأيام الماضية ظاهرة ارتفاع الأمواج، ما كشف أننا على أعتاب حقبة مناخية جديدة تستلزم الحذر والإسراع في استكمال إنشاء حواجز الأمواج لحماية المصطافين من المخاطر الناتجة عن المنخفضات الجوية، فهل هذه الظاهرة طبيعية وتحدث سنوياً أم أنها مستحدثة نتيجة التغيرات المناخية؟ توجهنا للمختصين لمعرفة رأيهم خلال هذا التقرير. 

ظاهرة متكررة
الدكتورة إيمان شاكر، مدير مركز الاستشعار عن بعد بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، أوضحت أن ارتفاع الأمواج مؤخرًا تسبب في غلق الشواطئ، وهذه ليست المرة الأولى، فقد شهد البحر خلال السنوات الأخيرة تكرارًا واضحًا لهذه الظاهرة بسبب التغيرات المناخية، ففي كل صيف تصدر الهيئة العامة للأرصاد الجوية تحذيرات من نشاط الرياح على سطح البحر المتوسط، يعقبها ارتفاع في الأمواج يتراوح بين 3 -3.5 متر، وقد يصل أحيانًا إلى 6 أمتار خاصة في فصلي الخريف والشتاء، وبناءً على هذه التحذيرات، تُخطر الهيئة غرف الأزمات بمجلس الوزراء والمحافظات لاتخاذ الإجراءات اللازمة ورفع الرايات التحذيرية للمصطافين.

وأكدت د. إيمان أن ارتفاع الأمواج لا علاقة له بذوبان الجليد في القطبين، إذ إن ذوبان الجليد يؤدي فقط إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بضع سنتيمترات، بينما الظاهرة الحالية سببها المنخفضات الجوية ونشاط الرياح، وأضافت أن غلق الشواطئ يكون لفترة محدودة لا تتجاوز بضعة أيام لحماية المصطافين، ثم تعود الأمور إلى طبيعتها.

كما أوضحت أن تسمية الظاهرة بـ "ملتم أغسطس" ليست تسمية علمية، بل مصطلح تاريخي أطلقه الصيادون قديمًا مثلما هو الحال مع أسماء النوات، بينما من الناحية العلمية تُعزى الظاهرة إلى اضطرابات الطقس. ولفتت إلى أن درجات الحرارة والرطوبة المرتفعة ما زالت تزيد الإحساس بالحرارة، لكن مع دخول الخريف بعد نحو 20 يومًا تبدأ الأجواء في الاعتدال نسبيًا.

اضطراب غير مسبوق
من جانبها، أكدت الدكتورة سوسن العوضي، خبيرة علوم البيئة وتغير المناخ، أن البحر المتوسط شهد منتصف أغسطس اضطرابًا غير معتاد، إذ ارتفعت سرعة الرياح إلى 40 كيلومترًا في الساعة، ما رفع الأمواج إلى 4 أمتار، وأوضحت أن الظاهرة مرتبطة بالتغيرات المناخية، وأن الأنظمة الجوية في شرق المتوسط تشهد تغيرات جذرية، ما يؤكد أننا أمام عصر مناخي جديد، كما أعلن "سيمون ستيل"، المدير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.

وأضافت أن هذه التغيرات تظهر في أشكال مختلفة؛ مناطق تعاني الجفاف، وأخرى من التصحر، وأماكن تتعرض لسيول، بينما تواجه مصر اضطرابات في البحر المتوسط، وارتفاعًا في درجات الحرارة بالصيف، وقصر فصل الشتاء إلى نحو 35 يومًا مع أمطار أقل.

وأكدت د. سوسن أن بناء حواجز الأمواج ضرورة ملحة لحماية الشواطئ من التآكل وللحفاظ على سلامة المصطافين، وهو ما بدأت الدولة بتنفيذه على طول الساحل الشمالي من الإسكندرية وحتى مطروح كجزء من خطط التكيف مع التغيرات المناخية.

"ملتم أغسطس".. مصطلح الصيادين
أما حسام خليل، رئيس جمعية صيادين عزبة البرج، فأوضح أن الظاهرة تُعرف بين الصيادين باسم "ملتم النقطة" أو "ملتم أغسطس"، وهو مصطلح قديم متعارف عليه في المجتمعات الساحلية. وأشار إلى أن هذه الفترة تمثل موسم رزق للصيادين، إذ تشهد المياه هجرة أنواع كثيرة من الأسماك مثل الدوبار والبوري، وتقوم بعض الأنواع بوضع بيضها، ما يجعل الصيد وفيرًا.

وأضاف أن هذه الظاهرة تتكرر سنويًا تقريبًا في منتصف أغسطس، حيث يتم غلق الشواطئ مؤقتًا والتأكيد على المصطافين بعدم النزول إلى البحر لحمايتهم، خاصة أن كثيرين لا يجيدون السباحة ولا ينتبهون لصفارات التحذير أو الرايات الحمراء المرفوعة على الشواطئ.