تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : مع الإصرار التركي على التواجد.. غزة ساحة جديدة للصراع الإقليمي
source icon

سبوت

.

مع الإصرار التركي على التواجد.. غزة ساحة جديدة للصراع الإقليمي

كتب:مصطفى أمين عامر

تواصل تركيا جهودًا مكثفة مع أطراف دولية وإقليمية من أجل المشاركة في القوة الدولية المحتملة لحفظ السلام في قطاع غزة، في مسعى فسّره خبراء بأنه محاولة من أنقرة للعب دور أكبر من حجم تأثيرها الفعلي في مسار القضية الفلسطينية، بما قد ينعكس على التوازنات الإقليمية والعناصر الحاكمة للصراع العربي–الإسرائيلي.

في المقابل، يرى آخرون أن هذه المحاولات التركية تنطوي على قدر بالغ من الخطورة، ولا تخدم الاستقرار الإقليمي أو المصالح العربية، بل تفتح الباب أمام تعقيدات أمنية وسياسية مستقبلية.

توسيع النفوذ الإقليمي
ويرى صلاح لبيب، الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن التركي، أن الإصرار التركي على المشاركة في القوات الدولية بقطاع غزة، وفق خطة السلام التي تم إقرارها في شرم الشيخ، لا ينبع من دوافع إنسانية خالصة، وإنما يرتبط برغبة واضحة من أنقرة في توسيع نفوذها الإقليمي، من خلال توظيف الملف الفلسطيني كورقة ضغط سياسية في مواجهة أطراف إقليمية ودولية.

وأوضح أن هذا التوجه يُعد سعيًا لترسيخ وجود عسكري دائم أو شبه دائم في نقاط جغرافية حساسة، بما يمنح تركيا قدرة أكبر على التأثير في معادلات الأمن في شرق المتوسط والبحر الأحمر.

وشدد لبيب على أن المشاركة التركية ضمن تشكيل قوات دولية قد تتولى مهام أمنية أو رقابية في قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة تُعد أمرًا بالغ الخطورة، ولا تخدم الاستقرار الإقليمي أو المصالح العربية، بل قد تفتح الباب أمام تعقيدات أمنية وسياسية مستقبلية، وربما تؤدي إلى صدام مع الطرف الإسرائيلي الذي يرفض وجود قوات أجنبية داخل القطاع.

وأشار إلى أن التجارب السابقة لتركيا في المنطقة خلال السنوات الماضية لا تجعلها طرفًا محايدًا أو موثوقًا به في ملفات الإقليم، إذ اتسمت سياساتها الخارجية بالتدخل المباشر، كما حدث في ليبيا، وتوظيف الوجود العسكري لتحقيق أجندات سياسية وأيديولوجية بعيدة عن منطق حفظ الأمن أو دعم الاستقرار.

ومن هذا المنطلق، فإن وجود عناصر عسكرية تركية، حتى ولو بأعداد محدودة، على مقربة مباشرة من الحدود المصرية، يمثل خطرًا استراتيجيًا لا ينبغي الاستهانة به أو التقليل من آثاره المحتملة.

واختتم لبيب حديثه بالتأكيد على أن الملف الفلسطيني وقطاع غزة يتميزان بحساسية عالية ومسئولية تاريخية، وأن رفض أي مشاركة عسكرية تركية في غزة يُعد حفاظًا على أمن مصر واستقرار المنطقة، ومنعًا لإقحام القضية الفلسطينية في صراعات النفوذ الإقليمي.

البحث عن دور فعال
من جانبه، اعتبر اللواء الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، أن الإصرار التركي على وجود قوات لها ضمن أي قوة دولية محتملة في قطاع غزة يأتي في إطار سعي أنقرة إلى لعب دور فاعل في القضايا الإقليمية الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، خاصة في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، ومحاولات العديد من القوى الإقليمية تثبيت حضورها في ترتيبات ما بعد الحرب.

وأوضح أن لدى تركيا عدة ملفات تدفعها للتواجد في قطاع غزة، من أبرزها السعي للحصول على حصة في غاز شرق المتوسط، ونفوذها المتنامي في الملف السوري عقب سقوط النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد، إضافة إلى تحالفها مع حكومة غرب ليبيا، إلا أن هذا الاندفاع يقابله رفض من بعض القوى الإقليمية، وعلى رأسها إسرائيل.

وتابع أن أنقرة تحاول تقديم نفسها كطرف «داعم» لحركة حماس بشكل خاص وللفلسطينيين بشكل عام، مستندة إلى خطاب سياسي وإعلامي موجّه للرأي العام الداخلي والخارجي، يهدف إلى تعزيز صورة القيادة التركية كفاعل إقليمي مؤثر في قضايا الشرق الأوسط، خاصة في ظل تراجع أدوار بعض القوى التقليدية، مؤكدًا أن هذا التوجه لا يمكن فصله عن طموحات أنقرة في استعادة ثقلها الإقليمي في شرق المتوسط والشرق الأوسط.

وفي الوقت نفسه، شدد د. فرحات على أن هذا الدور قد يتعارض مع مصر، التي شهدت علاقاتها مع أنقرة خلال الفترة الأخيرة تطورًا ملحوظًا وتحسنًا واضحًا، قائمًا على الاحترام المتبادل وتبادل المصالح، وهو ما ينعكس في مستوى التنسيق السياسي والدبلوماسي بين البلدين في عدد من القضايا الإقليمية، من بينها الملف الفلسطيني.

وأشار إلى أن هذا التحسن يفرض ضرورة قراءة الموقف المصري من أي طرح تركي في إطار حسابات استراتيجية هادئة، وليس من منطلق الخلاف أو التوتر.

وأوضح أن مصر لا تعترض من حيث المبدأ على الأدوار الدولية أو الإقليمية التي تستهدف حماية المدنيين ووقف نزيف الدم في غزة، لكنها تضع مجموعة من الضوابط الأساسية، في مقدمتها ضرورة وجود توافق دولي وإقليمي واضح، وقبول فلسطيني جامع، وتحديد دقيق لمهام أي قوة محتملة، بما يضمن عدم تحولها إلى أداة نفوذ أو عنصر تعقيد إضافي في مشهد بالغ الحساسية.

الأمن القومي واستقرار الحدود
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن القاهرة تنطلق في هذا الملف من اعتبارات تتعلق بالأمن القومي المصري، واستقرار الحدود، ومنع انزلاق الأوضاع نحو سيناريوهات قد تؤدي إلى توسيع نطاق الصراع أو فرض واقع جديد على الأرض دون حل سياسي شامل، مؤكدًا أن مصر تفضل دائمًا الحلول التي تعزز التهدئة وتدعم المسار السياسي، وليس تلك التي تفرض ترتيبات أمنية مؤقتة أو محل خلاف.

واختتم د. فرحات حديثه بالتأكيد على أن نجاح أي قوة دولية في غزة مرهون بتكامل أدوارها مع الجهود المصرية، التي تركز على وقف إطلاق النار، وتثبيت التهدئة، وفتح المسار أمام تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، تقوم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو الهدف الذي يجمع بين مصر وتركيا رغم اختلاف زوايا المقاربة وتقدير المواقف.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية