تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
يحتفل العالم باليوم الدولي لمحو الأمية، في 8 سبتمبر من كل عام منذ عام 1967، وهو مناسبة عالمية تهدف إلى تسليط الضوء على الأهمية الحاسمة للقراءة والكتابة، في بناء مجتمعات أكثر استدامة وعدالة، وهذا اليوم دعوة لإدراك أن محو الأمية حق أساسي من حقوق الإنسان، وشرط لا غنى عنه للتمتع بالحقوق والحريات، والمشاركة الفعالة في المواطنة العالمية.
تحديات عالمية
لاتزال هناك تحديات هائلة، حيث قدرت منظمة الأمم المتحدة أن هناك ما يقرب من 754 مليون شخص بالغ غير قادر على القراءة أو الكتابة، وأن ملايين الأطفال يواجهون صعوبة في إتقان المهارات الأساسية.
واقترحت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو"، اعتماد نهج متعدد اللغات في التعليم وتنمية مهارات القراءة والكتابة، خاصة باستخدام اللغة الأولى للمتعلمين، بما يساهم في تعزيز الفهم، ويحافظ على الهويات المجتمعية والتاريخ الجماعي، مما يتيح للأفراد اكتساب معارف ومهارات أوسع.
اليونسكو 2025
يركز اليوم الدولي لمحو الأمية لعام 2025 طبقا لليونسكو، على استراتيجية اليونسكو لمحو أمية الشباب والكبار "2020-2025"، والتي تهدف إلى تسريع التقدم نحو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، المتعلق بالتعليم الجيد، لذلك تعمل على تعزيز برامج محو الأمية الشاملة والمستدامة، التي تدمج التكنولوجيا والمهارات الحياتية، لضمان أن يتمكن كل فرد من التمتع بحقه في التعليم.
آفة مجتمعية
قال د. عاشور أحمد العمري، الرئيس السابق للهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، أستاذ التخطيط التربوي بجامعة عين شمس، في تصريح خاص، إن الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية الذي يوافق 8 سبتمبر من كل عام، ليس مناسبة للفرح، بقدر ما هو تذكير بمدى خطورة الأمية باعتبارها آفة مجتمعية، تهدد أمن واستقرار الدول سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، مشيرا إلى أنها ظاهرة عالمية لا تخلو منها أي دولة.
وأضاف أن المجتمع المصري، يعاني من الأمية منذ عقود طويلة، حيث تبلغ نسبتها نحو 24% من الشريحة العمرية 15 سنة فأكثر، أي ما يقرب من 20 مليون أمي، وهي نسبة كبيرة جدا رغم الجهود المبذولة من الدولة.
وأوضح أن تعريف الأمي يقتصر على من تجاوز ال 15 من عمره ولا يعرف القراءة والكتابة، بينما الأطفال دون هذا السن يعتبرون ضمن المتسربين من التعليم، وليسوا داخل الإحصاءات الرسمية للأمية.
وأكد العمري، أن هيئة محو الأمية وحدها غير قادرة على مواجهة هذه الظاهرة، نظرا لمحدودية كوادرها التي لا تتجاوز 5 آلاف معلم على مستوى الجمهورية، موضحا أن الأمية مشكلة مجتمعية شاملة، وأن القضاء عليها يتطلب تكاتفا من كافة الجهات المعنية.
وأشار إلى أنه خلال فترة رئاسته للهيئة بين عامي 2018 و 2022، جرى توقيع شراكات مع مختلف المؤسسات، أبرزها القوات المسلحة من خلال إدارة الدفاع الشعبي والعسكري، ووزارة الشباب والرياضة عبر مراكزها المنتشرة، ووزارة التضامن الاجتماعي من خلال برامج الخدمة العامة، فضلا عن جهود طلاب الجامعات، مشيرا إلى أن دخول الجامعات المصرية على خط المواجهة، كان نقطة تحول هامة، حيث ألزمت بعض الجامعات طلاب الكليات النظرية، بمحو أمية عدد محدد من الأفراد، يتراوح بين 2 و7 وفقا لظروف كل جامعة وبيئتها.
واعتبر د. عاشور، أن هذا المشروع القومي، هو المسؤول عن نحو 90% من الإنجاز المحقق حاليا في مصر، لافتا إلى أن طلاب الجامعات أكثر قدرة على إقناع ذويهم وأقاربهم وجيرانهم، بالالتحاق بفصول محو الأمية، لارتباط تخرجهم بإنجاز هذه المهمة.
تجربة عالمية
أشار العمري، إلى فوز جامعة عين شمس عام 2021، وجامعة المنصورة في 2024، بجائزة اليونسكو لمحو الأمية، وهو ما يعكس نجاح التجربة المصرية عالميا.
وفي رؤيته لمصر بلا أمية، شدد على أن التعليم هو السبيل للارتقاء بسلوك المجتمع، ومواجهة العنف والبطالة والتطرف، مؤكدا أن الشخص المتعلم، يكون أقل عرضة للاستغلال الفكري، وأكثر قدرة على الحصول على فرص عمل، حتى وإن كانت خارج مجال تخصصه.
الأمية التكنولوجية
ولفت إلى أن مواجهة الأمية، لم تعد مقتصرة على القراءة والكتابة، بل امتدت إلى الأمية التكنولوجية، موضحا أن الدولة بدأت بالفعل في مواجهتها، من خلال مبادرات مثل "مصر الرقمية"، التي تستهدف صغار السن، وتمنحهم مهارات التعامل مع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إلى جانب جهود وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي في التحول الرقمي، سواء في أساليب التدريس أو الامتحانات الإلكترونية.
وقال العمري، إن اليابان احتفلت عام 2005 بمحو أمية آخر شخص تكنولوجيا، وهو ما يعكس أهمية هذه الخطوة في الارتقاء بالمجتمعات، مشددا على أن مصر تخطو خطوات واسعة في هذا الاتجاه، عبر تعميم أساليب التكنولوجيا في التعليم الجامعي وما قبله.
صعوبات البحث والابتكار
قال د. علاء النهري، أستاذ علوم التكنولوجيا وخبير الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، إن الأمية التكنولوجية تمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمع المصري حاليا، وأن مواجهة هذه الظاهرة مرتبطة بالتنمية المستدامة، والتكيف مع التغيرات المناخية والبيئية.
وأكد النهري، أن التعليم التقليدي في الجامعات المصرية، لا يزال قائما على التلقين، ما يجعل الطالب يعتمد على المذكرات، ويواجه صعوبة في البحث والابتكار، أو التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.
الطلاب والفهم العميق
وأشار د. علاء النهري، إلى أنه في مجال تدريس علوم الفضاء والاستشعار عن بعد، يعتمد على طرح أسئلة تحتاج من الطالب البحث والاطلاع عبر الإنترنت، لافتا إلى أن هذه الطريقة تساعد الطالب على الفهم العميق، والقدرة على تطبيق التكنولوجيا في مجالات عدة، بما فيها رصد التغيرات المناخية ومتابعة الظواهر البيئية.
وأوضح، أن مصر لا تزال في بداية الطريق، فيما يخص دمج التكنولوجيا في التعليم، وخاصة على مستوى المناهج أو الكليات التكنولوجية، مشددا على أن المناهج بحاجة إلى تحديث مستمر لمواكبة التغيرات العالمية، ويجب أن تتضمن عناصر البحث والتطبيق العملي، والاعتماد على مصادر حديثة خارج الكتاب المدرسي التقليدي، وأن التحديث السنوي للمناهج أصبح ضرورة لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة عالميا.
أكبر التحديات التكنولوجية
وأشار النهري، إلى أن البنية التحتية والوسائل التعليمية العملية، تمثل أحد أكبر التحديات، مؤكدا أن التعليم الفعلي يجب أن يكون مزيجا من 70% عملي و30% نظري، مع توفير معامل متقدمة وأجهزة تعليمية حديثة، كما شدد على أن الكوادر التعليمية تحتاج إلى تطوير مستمر لتكون مؤهلة للتدريس التكنولوجي، ودمج الطلاب في مجالات التكنولوجيا المستقبلية.
وأكد النهري، أن محو الأمية في مصر لا يقتصر على القراءة والكتابة التقليدية، بل يشمل الأمية التكنولوجية، وهي الأساس لتحقيق نهضة مجتمعية وتنمية مستدامة، وقال أن محو الأمية التقليدية ضرورية للفرد ليتمكن من الاعتماد على نفسه، لكن الأمية التكنولوجية هي التي تحدد قدرة المجتمع على التقدم ومواكبة العالم الحديث.
وأضاف أن الجامعات التكنولوجية، هي الأداة الأساسية لإحداث طفرة في المجتمع المصري، وأن الاستثمار في جودة التعليم، ومواكبة التكنولوجيا العالمية، أهم بكثير من زيادة عدد الجامعات، أو التركيز على الأرباح المالية فقط، فبدون رفع مستوى الكفاءات التعليمية والتقنية، لن تحقق مصر التنمية المستدامة المنشودة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية