كتب هال براندز، وهو أستاذ معهد هنري كيسنجر المتميز للشؤون العالمية في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، وزميل أول في معهد إنتربرايز، مقالا نشرته مجلة فورين أفيرز تحت عنوان "الحرب العالمية القادمة"، أجرى فيه مقارنة بين الوضع الجيواستراتيجي الحالي والأزمات الإقليمية التي وقعت قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية. 

ويشير المقال إلى أن كثير من الأمريكيين لا يدركون مدى اقتراب العالم من الخراب بسبب الصراعات الشرسة والمتشابكة المُحتدمة حاليا، لأنهم نسوا كيف اندلعت الحرب العالمية الأخيرة، والتي بدأت كثلاث صراعات إقليمية منفصلة نسبيا: غزو اليابان للصين ومنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، وسعي إيطاليا للتوسع في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، وطموح ألمانيا للهيمنة على أوروبا. 

غير أن هذه الصراعات أصبحت متشابكة ومترابطة مع مرور الوقت، بسبب عوامل مشابهة للوضع الراهن، منها: تنامي طموحات القوى الفاشية في إعادة رسم خريطة النظام الدولي، وزيادة الصراعات في منطقة ما لعدم الاستقرار في كثير من المناطق الأخرى، وتقارب القوى الفاشية وتحالفها ضد قوى الديمقراطية. 

ويلفت المقال إلى أن الوضع الحالي يشبه ذلك. حيث تشهد أوروبا والشرق الأوسط صراعات مسلحة: فإيران وزمرتها من الوكلاء يخوضون صراعا دمويا من أجل الهيمنة الإقليمية ضد إسرائيل وممالك الخليج والولايات المتحدة. 

كما أن الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا نابعة عن جهود روسيا طويلة الأمد لاستعادة التفوق في أوروبا الشرقية وإحياء أمجاد الاتحاد السوفييتي السابقة، بينما تجتاح الصين منطقة شرق آسيا بالقوة: حيث تعمل الصين على حشد قوتها العسكرية سريعا كجزء من حملتها لطرد الولايات المتحدة من غرب المحيط الهادئ، وربما تصبح القوة المهيمنة في العالم. كما تتقارب العلاقات بين روسيا والصين وإيران: فالقواسم المشتركة الأساسية التي تربط الدول الرجعية هي الحكم الاستبدادي والمظالم الجيوسياسية. وفي هذه الحالة، الرغبة في كسر النظام الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يحرمهم من العظمة التي يرغبون فيها. 

وفي ضوء ذلك، يحذر المقال في الختام من أن اندلاع أزمة جديدة في المحيط الهادئ قد يتسبب في اشتعال صراع شامل في أوروبا والشرق الأوسط وشرق آسيا مجتمعة، كما حدث في الحرب العالمية الثانية.