اهتم المصري القديم بتفاصيل حياته الشخصية، وأدواته، وأيضا أناقة ملابسه، التي ترتب عليها اهتمامه بصناعة الثياب خاصة الملك.

و وصل تطور صناعة الملابس لتصميم ماكيتات بالأحجام الطبيعية، ليتمكن الخياطين من صناعة ملابس الملك بدقّة متناهية، دون وجود فرصة لخطأ، كما تفننوا في صناعة الأحذية وإذلال الأعداء، وهو ما يظهر على العديد من الأحذية التي تحمل نقوشًا للأسرى أسفل نعال الملك، في إشارة إلى أن أعداء مصر تحت حذاء ملكهم.

ومن المُدهش أنّ المتحف المصري بالتحرير، يعرض قطعتين أثريتين فريدتين من نوعهما، الأولى ، نموذج نصفي للملك الشاب توت عنخ آمون، والثاني زوج من الصنادل الخاص بالملك، والقطعتان تُعرضان في فاترينة عرض واحدة، وكأنهما يُكملان بعضهما البعض.

إلى جوار القطعة الأولى،  وضعت لوحة تعريفية تُشير إلى أن المُجسّم النصفي عبارة عن "نموذج للملك توت عنخ آمون"، يرجع إلى عصر الدولة الحديثة 1336-1327ق.م، مصنوع من الخشب والجص وملوّن بالأصباغ، وعثر عليه بالحجرة الأمامية في مقبرت الملك الذهبي بوادي الملوك.

    العجيب أن هذه القطعة عثر عليها مخبأة وسط العجلات الحربية المُفككة في الغرفة الأمامية لمقبرة الملك، وتمثّل نموذج بالحجم الطبيعي للملك، يُظهر الجزء الأعلى من الوسط فيما فوق للملك، وهو يرتدي سترة من الكتان الأبيض، وتاج أصفر اللون مُسطّح من فوق، وثقبت أذني الملك ليتدلا منها حلقان مفقودان.

كما توجد حية الكوبرا تزين جبهة الملك، والتي صُنعت كقطعة منفصلة من الخشب، مطلية باللون الأحمر، كما أضيفت رتوش للعين باللون الأحمر لإعطاها إحساس بالحياة.

ويقول هوارد كارتر مكتشف المقبرة أن هذه القطعة كانت بمثابة نموذج لتعليق ملابس ومجوهرات الملك في قصره الملكي، أو كنموذج من الحجم الطبيعي للخياطين الملكيين، بغرض حياكة الملابس الملكية على نموذج يُحاكي جسم الملك.


أما القطعة الثانية، تُعبّر عن فرادة وعظمة الحضارة المصرية، ففي الوقت الذي كانت بعض الأمم تعيش على البداوة والتشرد في الصحاري ومطاردة الوحوش، كان ملوك مصر ينتعلون الذهب في أقدامهم، فهذه القطعة الفريدة عبارة عن زوج من الصنادل المُطعّمة مصنوع من عدّة خامات كالخشب والجلد والذهب ولحاء الشجر.

عثر على الصندل في مقبرة الملك توت عنخ آمون، ويوضح امتداد السمات الملكية على الملابس، وتُشير اللوحة التعريفية المرافقة للصندل أن نعله مُزخرف بصور تمثّل أسرى مُقيدين، إشارة لقوة الملك وسيطرته على الأعداء، وتظهر أيضًا الأقواس التسعة التي تُمثّل أعداء مصر التقليديين، حيث يطأ الملك تلك الأقواس رمزًا إلى سحق الأعداء.