ويحذر الأطباء من أن هذه الظاهرة لم تعد حالة فردية، بل باتت تهدد صحة جيل كامل، في ظل الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية دون وعي بكيفية الجلوس والحركة السليمة.

رعب واقعي
ويشير الدكتور محمود كامل، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، إلى أنها ظاهرة مقلقة بدأت تتفشى بين الشباب والأطفال بسبب الاستخدام المفرط للهواتف المحمولة، وهي ما تعرف بـ "متلازمة الرأس المتدلي"، والتي يمكن أن تؤدي إلى انحناء دائم في الرأس يصعب علاجه.

ويشرح د. محمود أن هذه المتلازمة تصنف ضمن الحالات النادرة التي تؤثر على عضلات الرقبة، فتصبح ضعيفة بشكل كبير إلى درجة أن المصاب لا يعود قادرًا على رفع رأسه، ما يؤدي إلى انحناء دائم ومزمن في القامة، وتعد هذه المتلازمة من الحالات المرعبة التي قد تلازم الشخص طوال حياته إذا لم يتم التعامل معها مبكرًا.

حالة واقعية
وقد سلط تقرير نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية الضوء على حالة شاب ياباني يبلغ من العمر 25 عامًا، ظهرت عليه أعراض هذه المتلازمة بعد قضاء خمس ساعات متواصلة منحنياً على هاتفه، مولعًا بألعاب الفيديو، وبعد ستة أشهر من الشعور بآلام شديدة في الرقبة وعدم القدرة على رفع رأسه، تطورت حالته ليصاب بمضاعفات شملت مشاكل في البلع وفقدان شديد في الوزن.

ويضيف د. محمود أن هذه الحالة ليست الوحيدة، فمع الاستخدام الطويل للهواتف، باتت أعراض مشابهة تظهر بشكل متكرر بين الأطفال والمراهقين، وتتمثل الأعراض الأساسية في صعوبة رفع الرأس، وألم مستمر في الرقبة، وأحيانًا عدم راحة عامة، مع احتفاظ الأطراف بقوتها الطبيعية.

أسباب أخرى
ويشير إلى أن هناك أسبابًا أخرى لهذه المتلازمة، من بينها أمراض عضلية وعصبية مثل الوهن العضلي الوبيل، ضمور العضلات بأنواعه، التهابات العضلات، وكذلك الأمراض العصبية المركزية مثل الشلل الرعاش أو الشلل فوق النووي التقدمي، إضافة إلى مشكلات في العمود الفقري، أو حتى كمضاعفات لبعض الجراحات أو الأدوية.

ويدعو د. محمود كامل الأهالي إلى الحد من استخدام الهواتف المحمولة بين الأطفال والمراهقين، ومراقبة أوضاع الجلوس والانحناء الطويل، مؤكدًا أن الوقاية من هذه المتلازمة تبدأ بالعادات اليومية الصحية، من خلال تقوية عضلات الرقبة، وممارسة النشاط البدني، وأخذ فترات راحة منتظمة أثناء استخدام الشاشات.

وضعيات خاطئة
ومن جانبه، يقول الدكتور خالد عمارة، أستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس، إن متلازمة الرأس المتدلي تُعد مثالًا لمشكلات عديدة يعاني منها المجتمع بأسره، ولا سيما الأجيال الجديدة، وذلك نتيجة الوضعيات الخاطئة أثناء الجلوس لاستخدام الحاسوب أو الهاتف المحمول أو (اللاب توب)، بل وأحيانًا أثناء المشي بطريقة غير سليمة.

ويوضح أن المشكلة في بدايتها لا تكون ملحوظة بالنسبة للمريض، نظرًا لتركيزه الشديد في النظر إلى الأجهزة الإلكترونية، ولكن مع مرور الوقت يعتاد الجسم على الوضعية الخاطئة، مما يؤدي إلى تحميل زائد على الفقرات والغضاريف، ويتطور الأمر إلى حدوث ضعف مزمن في عضلات الرقبة والظهر.

الحل في الرياضة القتالية
ويؤكد د. خالد أن منع استخدام الهاتف المحمول أمر غير منطقي في ظل الاعتماد الكبير عليه في الحياة اليومية، لذا فإن الحل لا يكون في المنع، وإنما في التعايش الصحيح مع الأمر من خلال ممارسة تدريبات رياضية تُعلم العمود الفقري وعضلاته الوضعيات السليمة. 

ويشير إلى أن أفضل أنواع الرياضات في هذا الصدد هي الرياضات القتالية مثل الكاراتيه، والجودو، والتيكواندو، أو الأيروبيكس، نظرًا لأنها لا تركز فقط على تقوية العضلات، بل تهتم أيضًا بالحركة وطريقة وضع الجسم أثناء الحركة.