تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
"الحانوتى العصرى" أو الطبيب أحمد عبد اللطيف جاب الله، مؤسس شركة "سُكْنَى" لتجهيز الجنازات، فرغم حصوله على بكالوريوس الطب- تلبية لرغبة الأسرة- حرص على اقتحام مجال علوم الحاسب الآلى والكمبيوتر، ونجح فى أكبر شركات الإنترنت (جوجل، أدوبى، فيس بوك)، لمدة ١٦ عاما، ولم يكتف بهذا بل مارس الأنشطة التجارية والاستثمارية بتوظيف مواهبه وخبراته التعليمية وهواياته، وبعد كل المراكز والمناصب التى نالها عالمياً، حوَّل مساره كلياً، تجاه "الآخرة" بنظرة "استثمارية" أيضاً، فأسَّس شركة لتكريم الإنسان .
يقول د. عبداللطيف: صحيح أننى عملت فى مجال التكنولوجيا أكثر من 16 عاماً، وأحببته وتفوَّقت فيه، وكان بإمكانى الاستمرار فيه وتأسيس شركة خاصة، وبالفعل حصلت على إجازة للتفكير فى العمل المستقبلى إلا إنني شعرت بعدم الراحة، و أن عقلى بدأ يتوقّف عن التفكير.
مجال جديد
هنا قرّرت العودة للعمل، ولكن فى مجال مختلف، ألا وهو "تجهيز الجنازات"، وما دفعنى لهذا، موقفان، الأول: أثناء دراستى بالجامعة الأمريكية فى القاهرة، توفِّىَ والد صديقى، فطلب منى مساعدته والوقوف بجواره فى أزمته، وكانت أول مرة لى حضور جنازة، فكان يوماًصعباً علينا نحن الاثنين، بسبب شعوره بفقدان والده، ثم العشوائية فى المشاهِد والتصرّفات التى صاحبت الجنازة وإجراءات التصاريح ولوجستيات استخراج الأوراق، والدفن، وما بين ذلك كثير، فكانت تجربة قاسية ومريرة على أسرته، فقرّرت يومها عدم حضور أى جنازات أخرى.
وتكرّر نفس المشهد معى فى أمريكا، ولكن بشكل مختلف، قررت شراء منزل في سان فرانسيسكو، وبعد 6 أشهر مفاوضات للشراء، تعرّفت خلالها على السمسار "هِيْرب" معرفة شخصية، وأردتُ دعوته والبائع على الغداء، وفى الموعد المحدّد فوجئت بوفاة السمسار، وأخبرتنى ابنته بذلك عبر الهاتف، فكانت ثانى جنازة احضرها مضطراً، فوجدتها منظَّمة باحترافية، واحترام لآدمية المتوفَّى، رغم اختلاف الثقافات والتقاليد، والشُرْطَة تتولّى إفساح الطريق أمام الجنازة، وكان هذا عام 2013.
مراسم عالمية
ومنذ ذلك الحين، عَلَقَت الفكرة فى ذهنى، وكلّما سافرت إلى أى مكان بالعالم أحرص على متابعة ومعرفة طُرُق الدفن، وطبيعة المقابر، وتعامل الثقافات المختلفة مع الجنازات.
ومن هنا قرّرت الدخول فى عالم "تنظيم الجنازات" لأن هذا العمل له هدف وتأثير جميل على الناس، وفكّرت بالعودة إلى مصر وتأسيس شركة متخصّصة فى هذا المجال.
البداية
تحدّثت مع زميلى المهندس حسين، للبحث عن دراسة جدوى المشروع، والذهاب إلى "الحانوتى" ومعرفة أساليب وطُرق عمله ومشاكله، وجهَّز لى 12 شخصاً مستعدّين للتعاون، وأعجبنى واحد منهم "يوسف"؛ مُرَتَّب، مُنَظَّم، يفكِّر بشكل مختلف، تطوَّع بالعمل معى.
أواخر 2018 سجَّلت الشركة، وبدأنا فعلاً فبراير 2019، بحضور الجنازات، وسافرنا إلى عدد من الدول العربية والإسلامية، خاصة جنوب شرق آسيا، لدراسة كل الخطوات التالية، وكيفية حل المشكلات والعقبات فى كل خطوة.
منظومة إنسانية
ويؤكد د. عبد اللطيف، حرصت على وجود 3 محاور فى تعامل الناس مع حالة الوفاة، وهى الحقيقة الواحدة الثابتة والمؤكَّدة على كل البَشَر، تتمثّل فى: الأساس الدينى، الثقافى، القانونى.
وهذا حتى نشكِّل منظومة إنسانية، تقنية، قانونية، علمية، بحيث نبدأ من حيث انتهى الآخرون، لا أن نكرِّر نفس التجارب.
ونجحنا فى تنظيم 19 جنازة، وفى كل مرة نتعلّم ونغيِّر، وفى خطّتنا الحالية التوسّع بعد أن آمن الناس بالدور الذى نقوم به وقيمته، بما يؤكد أننا نلبِّى احتياجاتهم وليس اختراعاً، وبالفعل تم تعيين أول 6 أشخاص، وبدأنا نكبر.
خطوات محددة
نتولّى إجراءات الجنازة منذ أول اتصال بنا، من:
- استخراج تصاريح الدفن.
- الغُسْل- كلٌّ حسب دينه، مسلمين ومسيحيين.
- تحديد المساجد والكنائس القريبة والمتاحة.
- وضع أفضل مسار للسيارة "لايف" تجنباً للزحام أو الانحراف عن الطريق.
-تجهيز المقابر والتوابيت.
- حجز السرادقات والمُقرئين.
- إعلانات الصحف.
- الصدقات الجارية.
- تقديم الورود، وغيره من متطلبات الوفاة.
الترتيب المسبق
وأكثر من هذا بدأنا نقدّم خدمات ما قبل وما بعد الوفاة، مثل: توفير المقابر، الترتيب المسْبَق لأناس يعيشون بمفردهم يريدون الاطمئنان على إجراءات الدفن إذا حدثت الوفاة، عائلات لا تعرف أماكن مقابرها إلا من خلال كبارهم، وكيفية الاستعداد لهذا اليوم، ولدينا برنامج "الترتيب المسْبق" وهو من أنجح برامجنا، وما بعد الوفاة، مثل: استخراج شهادات الوفاة، إعلام الوراثة، كل هذا بطريقة مهنية، شفَّافة، فى أقْصَر وقت، بأقلّ التكاليف، كذلك تجهيز مناسبات إحياء الذكرى المختلفة، كل هذا بناء على دراساتنا لاحتياجات السوق.
دليل كوفيد
يضيف د. عبداللطيف، ظللنا نعمل حتى جاءت كارثة "الكوفيد"، وكان أمامنا خياران: الاستسلام والتوقّف، أو الاستمرار.
بالفعل توقّفنا، لكن دون استسلام، بمعنى التوقّف لمدّة شهر حتى نفهم الوضع الجديد، وقام فريقنا بعمل بحث، وكانت أمريكا أعلنت إجراءات "كوفيد" قبلنا بثلاثة أشهر، سافرت لأمريكا والتقينا الأطباء، وتعرّفت على كيفية التعامل مع حالات الوفاة بطريقة وقائية مضبوطة، وقرأنا تقارير كل المنظمات المتخصصة الدولية والإقليمية، وأصدرنا "دليل التعامل مع وفيات الكوفيد"، وأرسلناه للمستشفيات المصرية لمراجعته والإدلاء برأيهم حول بنوده، فأُعْجِبوا به، وطلبوا الإذْن باستخدام خطواته، ثم أسندوا لنا تولّى مسئولية التعامل مع حالات الوفاة، ومن هنا استأنفنا العمل بعقد بروتوكولات مع تلك المستشفيات، أولها مجموعة "كليوباترا"، فكانت الانطلاقة الكبرى لنا.
كذلك نقوم بنقل الجثمان من خارج إلى داخل مصر، بالتعاون مع الجهات الحكومية والقنصليات المصرية، والعكس، حينما يُتوفَّى الأجنبى المقيم أو الزائر لمصر، نقوم بنقله إلى بلده، وبالفعل تعاقدنا مع عدد من السفارات فى هذا الإطار.
ضوابط التغطية الإعلامية
وعن التغطيات الإعلامية لجنازات المشاهير والفنانين والشخصيات العامة، يقول: إنها تتطلّب التوثيق من خلال التغطية الإعلامية، ولذا لابد من تكاتف وتعاون أكثر من جهة، واتّفقنا العام الماضى، مع نقابتى الممثّلين والصحفيين، على مجموعة من المعايير والضوابط الأخلاقية والمهنية، بحيث تتيح للإعلامى والصحفى ممارسة العمل بشكل مُيَسَّر، فهذا حق المواطن، وأيضا الحفاظ على المشاعر والخصوصية للمتوفَّى وأهله ومُعَزِّيه.
فوضعنا عدة ضوابط، هى:
1- قاعدة بيانات معتمَدة من شُعبة المصوِّرين والصحفيين بالنقابة، بأسماء من يحقّ لهم الدخول والتصوير، ومنْحِهم "فاسْت وآيدى" بـ"كود" معيَّن.
2- تخصيص "بارتشن" مكان لتواجد المصوِّرين يتيح لهم التقاط الصور دون إحداث ما يخالف القواعد والضوابط.
3- توجيه النقابة بالتعاون مع الإعلاميين فى المكان المخصص لذلك.
4- تخصيص جروب واتساب يحدّد للمصورين كل الخطوات اللازم اتباعها.
5- ترشيح أماكن مناسبة لإقامة الجنازات.
6- وضْع سياسات وقواعد واضحة متّفق عليها، وإجراءات رادعة لمن يتجاوزها.
7- قيام الشركة بالاتفاق مع أهل المتوفَّى على تخصيص مكان ووقت للإدلاء بتصريحات للإعلاميين، وفى هذا منع لتطفل الدخلاء والمتطفِّلين على العمل الإعلامى والصحفى، وحفظ لخصوصية أهل المتوفَّى ومراعاة مشاعرهم.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية