تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : "كحك البيت".. صناعة الفرحة في مواجهة غلاء الأسعار
source icon

سبوت

.

"كحك البيت".. صناعة الفرحة في مواجهة غلاء الأسعار

كتب:محمود جودة

"كعك العيد" عادة مصرية أصيلة، توارثتها الأجيال كرمز للبهجة والتكافل. فقبيل عيد الفطر، تتحول البيوت في الريف والأحياء الشعبية إلى ورش عمل صغيرة، تنبعث منها روائح السمن البلدي والفانيليا، بينما تتشارك الأسر في صناعة الكعك وتبادله، كتعبير عن الفرحة بنهاية شهر رمضان المليء بالروحانيات واللقاءات العائلية.
في مواجهة غلاء الأسعار، يظل "كعك البيت" خيارًا اقتصاديًا وثقافيًا، فبينما تتنافس المحلات على الأشكال والماركات، تخلق الأسر المصرية فرحتها الخاصة، فـ "كحك العيد" عجينٌ يُعجن بالحب، ونقوشٌ تحمل ذكريات، وطقوسٌ تكرس معنى العيد الحقيقي.

مواجهة الغلاء.. بين "البيت" و"المحل"
ومع ارتفاع أسعار كعك العيد بشكل لافت هذا العام بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية، حيث يتراوح سعر الكيلو في المحلات بين 150 جنيهًا للأنواع الشعبية و1200 جنيه للفاخرة (حسب الحشو والتغليف)، وتكلفة توفير كعك لعائلة مكونة من 5 أفراد قد تصل إلى آلاف الجنيهات، خاصة مع تنوع المنتجات (كعك - غريبة - بسكويت - بيتي فور).

لكن العديد من الأسر لجأت إلى الخيار الأوفر وهو الصناعة المنزلية، التي تقلل التكلفة إلى النصف تقريبًا حيث يكلف الكيلو المُصنع منزليًا نحو 100 جنيه مع ضمان جودة المكونات وخلوها من المواد الحافظة.

كعك المشاعر
تحكي "مروة أحمد" (ربة منزل) عن طقوس صناعة الكعك: "منذ طفولتي، كانت ليلة العجين سحرية، واليوم أعيد هذه الذكريات مع أطفالي"، فكنت أنظر إلى والدتي وهي تصنع العجين، وأساعدها، كما كنت ألعب بالدقيق، وأترقب صواني الكحك حتى خروجها من الفرن، والأن أكرر نفس العادة مع أولادي ليشعروا بجمال العيد مثلما شعرت به سابقا.

حيث تجلس مروة، وبجوارها ابنتها الصغيرة ملك، التي تلونت أصابعها باللون الأبيض من آثار الدقيق، وهي تحاول تشكيل قطعة صغيرة من العجين، وتنظر إلى أمها بحماس، وتسألها عن رأيها في عمل الكعك على شكل قلب بدلاً من شكله المعتاد، وتضحك مروة وتجيبها، "كعك العيد مش بس طعمه حلو، دا كمان مليان مشاعر".

صناعة تحولت لإحتفالية

وتواصل أمينة محمد، 60 سنة، قائلة؛ تستخدم الأمهات والجدات "المناقيش النحاسية"، ذات الأشكال المختلفة، لتضع كل منهما بصمتها ولمساتها على سطح الكعك، ومن حولهما يلعب الأحفاد، وبقطع صغيرة من العجين يرسمون أسمائهم على الكعك لتزيينه، وتتراص القطع داخل "الصاج"، ليدخل الفرن واحدا تلو الآخر، لتبدأ اللحظة الأكثر تشويقا، ونراقب فيها وبجانبنا الأطفال في حماسة شكل العجين وهو يتحول إلى فطائر الكعك الذهبي، ومع خروج أول صاج، تنتشر الفرحة في المكان، وبعد رش السكر فوق القطع الساخنة، الذي يكسوها وكأنها مغطاها بالثلج الأبيض، يبدأ الجميع بتذوقه، والاستمتاع بمذاقه الحلو.

مشيرة إلى أن المقادير سهلة، حيث يحتاج كل 1 كيلو دقيق (20 جنيهاً) سواء كعك أو بسكويت إلى 1 كيلو سمن (100 جنيه)، بيض (35 جنيهاً)، ولبن (30 جنيهاً)، لينتج ضعف الكمية.

موروث يجمع الأجيال
ترى الدكتورة أمل أحمد؛ خبيرة موروثات شعبية، أن صناعة الكعك "طقس عائلي يربط الماضي بالحاضر"، فكل دور في العملية – من العجن إلى النقش – يحمل دلالات:

فالعجين الدائري؛ حركة متكررة تُحفظ عن ظهر قلب، أما النقوش فهي ليست زخارف فحسب، بل بصمة تميز كل عائلة.
وعندما يتحول العجين إلى اللون الذهبي داخل الفرن، ويخرج الكحك ساخناً، وتتسابق الأيدي لرش السكر الناعم فوقه، كأنه يرتدي ثوبا أبيض، وتبدأ لحظة التذوق الأولى، تمتلئ البيوت برائحة العيد الحقيقية، تلك هي اللحظة التي لا يمكن شرائها، فهو ليس مجرد طعم، ولكنه فرحة تصنع بالأيدي.

المعادلة الاقتصادية
يشرح الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم أن أسعار الكعك الجاهز ترتفع بسبب:

تكاليف العمالة والإيجار والضرائب، كذلك تباين الجودة (من السادة إلى المحشو بالمكسرات)، لكن الكعك المنزلي يتجاوز هذه المعضلة، ويحافظ على الطعم الأصيل وقيمة المشاركة التي لا تقدر بمال.






 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية