تتغير درجات الحرارة تدريجيًا بين حر الصيف وبرد الشتاء مع بداية فصل الخريف، ولا يتغير شكل السماء فقط أو لون الأشجار، بل يتبدّل سلوك عالم الحيوان من حولنا بطريقة دقيقة ومثيرة للدهشة. بعض الكائنات تختفي تمامًا طوال العام ثم تعود للظهور في هذا الموسم وكأنها تعرف موعده بالتحديد.
 

 الطيور المهاجرة

من أوضح الظواهر التي نراها مع دخول الخريف هي عودة الطيور المهاجرة من رحلاتها الطويلة في الشمال إلى الجنوب، بحثًا عن الدفء والغذاء.

الهدهد والسنونو وأنواع من البط البري تبدأ في الظهور مجددًا فوق الأراضي الزراعية والمسطحات المائية في سبتمبر وأكتوبر.

العجيب أن هذه الطيور لا تحتاج إلى تقويم أو أجهزة GPS، فهي تعتمد على ساعاتها البيولوجية الداخلية التي ترتبط بتغير طول النهار ودرجة الحرارة، فتدرك أن الخريف قد بدأ وأن وقت الهجرة قد حان.

 الخفافيش

في الريف أو المناطق الزراعية، يلاحظ السكان زيادة في أعداد الخفافيش الصغيرة مع بداية الخريف، السبب أن هذا الفصل يشهد نشاطًا أكبر للحشرات الطائرة مثل العثّ والبعوض، ما يوفر وجبة غنية لهذه الكائنات الليلية.

كما أن الخفافيش تستعد لفصل الشتاء الذي قد تدخله في حالة سبات، فتكثر من الأكل في الخريف لتخزين الطاقة، لهذا تظهر فجأة بأعداد أكبر وتختفي لاحقًا مع انخفاض الحرارة الشديد.

 القوارض والسناجب

من الظواهر الطريفة أيضًا نشاط السناجب والفئران البرية في الخريف بشكل غير معتاد. فهي تبدأ بجمع المكسرات والبذور وتخزينها في جحورها تحضيرًا لشهور الشتاء القاسية.

حتى في المدن، تزداد حركة الفئران في الحدائق وأطراف الشوارع في هذا الوقت تحديدًا، لأن دورة حياتها تعتمد على وفرة الغذاء الناتجة عن تساقط الثمار والأوراق.

 الحشرات الموسمية

ليست الطيور والثدييات وحدها من ترتبط بالخريف. هناك أنواع من اليرقات والفراشات والعثّ لا نراها إلا في هذا الفصل، إذ إن بيضها يفقس بعد صيف طويل، وتعيش دورة حياتها القصيرة بين الخريف وبداية الشتاء.

وهذه الحشرات تلعب دورًا مهمًا في التوازن البيئي فهي مصدر غذاء أساسي للطيور المهاجرة في أثناء رحلتها الطويلة.

 لماذا الخريف تحديدًا؟

يعتبر العلماء أن الخريف هو فصل التوازن البيئي بامتياز، فهو يوفر درجة حرارة معتدلة ومصدرًا غذائيًا وفيرًا بعد مواسم النمو، ما يجعل كثيرًا من الكائنات تختاره كـ"فصل انتقال" في حياتها.

بعضها يستعد للسبات، وبعضها للهجرة، وبعضها يكتمل نموه في هذه الظروف فقط، ولذلك نراه في الخريف ونفتقده بقية العام.