تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
وسط أصوات القطارات وصفيرها المميز، ينطلق قطار خاص من الدرجة الثانية المكيفة، يحمل بين عرباته شغفًا بالحضارة وشوقاً لاكتشاف التاريخ، فهو إحدى أيقونات مبادرة "اعرف بلدك"، الذي تنفذه وزارة الشباب والرياضة منذ سنوات طويلة، كنافذة تتيح للشباب معايشة معالم بلدهم، واكتشاف جذور حضارتها العريقة، إنه قطار الشباب.
تبدأ الرحلة كل يوم جمعة، حيث يتجمع المشاركون في محطة القطار بصالة الانتظار، في الساعة الثالثة والنصف عصرًا، استعدادًا لبدء مغامرتهم الثقافية، ليتحرك القطار في الخامسة مساءً، حاملاً 500 شاباً وفتاة، ليرسم بخط سيره خريطة مصر من الشمال إلى الجنوب، في رحلة لن ينسوها أبداً.
اعرف بلدك
مبادرة "اعرف بلدك" ليست مجرد رحلة سياحية، بل هي تجربة ثقافية متكاملة تهدف إلى تعزيز الانتماء والولاء للوطن، من خلال زيارة المعالم التاريخية، حيث يكتشف الشباب قيمة حضارتهم التي تمتد لآلاف السنين، كما يتضمن البرنامج أيضا ندوات توعوية تثري عقول المشاركين، بالتعاون مع الأزهر الشريف وخبراء التنمية البشرية، مما يعزز من وعيهم الثقافي والفكري.
ويعكس القطار الذي تم تخصيصه بالكامل لهذه الرحلات، مستوى التنظيم والدقة، فلا يقتصر الأمر على راحة الشباب فقط، بل يمتد إلى توفير الأمان التام طوال الرحلة، بالتعاون بين هيئة السكك الحديدية ووزارة الشباب، ويتم تأمين القطار بالكامل، من خلال وجود مشرفين على مدار الساعة، لمتابعة كافة تفاصيل الرحلة وضمان سلامة الشباب.
رحلة شبابية
مها أحمد، 28 سنة، خريجة كلية تجارة، قالت أنها كانت تخشى حدوث مشكلات ومشاجرات وعدم اهتمام بالتنظيم، في رحلات الشباب والرياضة، للأقصر وأسوان، وخاصة في ظل وجود المئات من الشباب في الفوج الواحد، وفي ذات مرة، واجهت ضغوطاً حياتية كثيرة، وقررت السفر "لتغيير الجو"، ولكن كانت التكلفة المادية عائقا أمامها نظرًا لارتفاعها في المناطق السياحية، ففكرت في السفر بقطار الشباب والرياضة، فمن ناحية تدفع تكلفة اقتصادية مخفضة، ومن ناحية أخرى تكون قد غيرت من بيئتها المعيشية بضعة أيام، تطّلع فيهم على أماكن جديدة، وتراث بلدها، وتتعرف على أشخاص جدد.
ما ميز الرحلة حسب رأي مها، تقارب الأعمار، فالجميع في سن الشباب، وتبادل الخبرات والمعلومات، وفتح المناقشات الفاعلة، دون التطرق إلى جدال ومناقشات في السياسة أو الدين أو كرة القدم، وكذلك قوة ودقة التنظيم وفريق الإشراف، والذي يتدخل لتذليل أية عقبات حتى قبل حدوثها، فهم أصحاب خبرة كبيرة في هذا المجال، وتغيرت نظرتها في هذه الرحلات، وبعد أن شاهدت الحضارة المصرية العظيمة، والتعامل الإنساني بين الجميع، واستفادت الكثير من الرحلة، وقررت تكرارها مستقبلاً.
صداقات ومعرفة
محمد علوي، شاب في الثانية والعشرين من العمر، قرر السفر ضمن رحلات الشباب والرياضة لصعيد مصر، بعد تخرجه من الجامعة، وقبل الاندماج في سوق العمل، فهو شاب يبحث عن العلم والمعرفة من خلال المعلومات التي يحصل عليها خلال الرحلة، حيث يضيف لنفسه معلومات جديدة، وصداقات يحافظ عليها مع الآخرين، ويقابل شباباً من مختلف المحافظات والثقافات، ويربط بينهم حب المعرفة والاطلاع، وتقوية روح الولاء والانتماء للبلد، مرتكزين على الحضارة العريقة للفراعنة، التي ألهمت العالم.
جسور تواصل
التوجه العام نحو هذه الرحلات ليس حديثًا، فقد بدأ في الثمانينيات، كفكرة طموحة لتقريب الشباب من تاريخهم، حسب تصريحات عطية سعد، مدير إدارة الثقافة بوزارة الشباب والرياضة، ومع تطور الزمن، شهد البرنامج تحديثات كثيرة، ليتناسب مع متطلبات العصر الحديث.
واستطرد: لا تقتصر الرحلات على تعريف الشباب بحضارتهم، بل تسهم في بناء جسور تواصل بين شباب المحافظات المختلفة، عبر الاندماج طوال أسبوع كامل، يتبادلون الخبرات والأفكار، ويشكلون ذكريات تبقى معهم مدى الحياة.
فقطار الشباب، بدأ كفكرة صغيرة، أصبح اليوم سفيراً للحضارة المصرية، يحمل شبابها إلى قلب التاريخ، ويعيد إليهم شعور الفخر والانتماء، فهذه الرحلة ليست فقط وسيلة لاكتشاف المعالم السياحية، بل هي تجربة تنمي وعي أعمق بمعنى الهوية الوطنية، وتترك أثرًا لا ينسى في نفوس المشاركين.
وتابع عطية سعد، تنظم وزارة الشباب والرياضة، الرحلات الشبابية المميزة إلى الأقصر وأسوان، ضمن برنامج "اعرف بلدك، ويتم الحجز عبر الموقع الرسمي للوزارة ووسائل التواصل الاجتماعي، وتتيح الرحلات فرصة مميزة للشباب من جميع المحافظات، بشروط تقتصر على الفئة العمرية من 18 إلى 45 عام.
شروط السفر
ومن أهم الشروط، العمر من 18 إلى 45 عام، وخلو المشاركين من الأمراض المزمنة، أما التكلفة 2500 جنيه خلال الأسبوع، وتشمل الإقامة، والوجبات، والانتقالات، والأنشطة، حيث توفر الوزارة دعما كاملًا للبرنامج.
برنامج الرحلة
حددت وزارة الشباب والرياضة، برنامجا استرشاديًا لرحلات قطار الشباب لزيارة مدينتي الأٌقصر وأسوان، ويبدأ يوم الجمعة من كل أسبوع، بتجمع الشباب في محطة قطار رمسيس، الساعة 5 مساءً، ليصل القطار صباح الأحد ويغادره نصف الفوج في الأقصر، والنصف الآخر يكمل رحلته لأسوان، بسبب زيادة الأعداد، بحيث يقضي كل مجموعة من المجموعتين 3 أيام في كل من المحافظتين، وعند الوصول يتم استقبال وتسكين الشباب بالمدن الشبابية، وزيارة لمعبد الكرنك لمشاهدة عرض "الصوت والضوء" في الأقصر "المجموعة الأولى"، ومتحف النوبة وجولة حرة في أسوان "المجموعة الثانية".
ويبدأ يوم الأحد بزيارة إلى معابد البر الشرقي، وجزيرة الموز بالأقصر، يعقبها محاضرة، وجولة حرة، وكذلك زيارة السد العالي، متحف النيل، معبد فيلة وجولة حرة بأسوان، والاثنين زيارة لمعابد البر الغربي بالأقصر وجولة حرة، بينما في أسوان يتم زيار جزيرة النباتات، والقرية النوبية وجولة حرة.
وفي الأقصر يوم الثلاثاء، تتم رحلة التبادل بالسيارات بين المدينتين، ثم تكرار نفس البرنامج الذي تم تطبيقه مع المجموعة الأخرى، على أن تتم المغادرة من أسوان والأقصر للعودة للقاهرة مساء الخميس، للوصول إلى محطة مصر صباح الجمعة، وخلال الرحلة يتم التبديل أو التعديل بالبرنامج الاسترشادي، حسب رؤية هيئة الإشراف، وحسب الظروف الطارئة في كل من الأقصر وأسوان.
إلى جانب أنشطة ثقافية مميزة، منها ندوات توعوية بالتعاون مع الأزهر الشريف، وخبراء التنمية البشرية، ومشاركة فعالة من أسقفية الشباب بالكنيسة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية