شم النسيم.. يوم مميز له طقوسه وأسراره ومن أبرزها، تناول الأسماك المملحة التي تحمل تاريخًا عريقًا في عاداتنا الشعبية، ولكن مع تزايد الوعي بالتغذية الصحية، أصبحت تلك الأطعمة تثير الجدل حول مدى تأثيرها على الصحة العامة، ما بين محبين لها، وآخرين يرونها مصدرا للضرر.

والأسماك المملحة تُعرف بأنها أسماك يتم تجفيفها باستخدام الملح الجاف حتي يسهل حفظها وتعليبها وتداولها لاستخدامها في أوقات لاحقة، بحسب د. رضوي أحمد شاهين، مدرس مساعد التغذية وعلوم الأطعمة بكلية التربية النوعية – جامعة عين شمس، موضحة أن طريقة الحفظ بالتمليح من أقدم الطرق وأوسعها انتشارا لحفظ الأسماك وتستخدم تحديدا لان معظم البكتيريا والفطريات والكائنات الحية التي تسبب الأمراض لا تستطيع البقاء في بيئة شديدة الملوحة.

فوائد متعددة
وللأسماك المملحة،  فوائد كثيرة، كما تؤكد د. رضوى، إذ تعد مصدرا غنيا للبروتين،  كما تسهم في تكوين العضلات وتقوية الجهاز المناعي، فضلا عن احتوائها على مضادات أكسدة مفيدة لصحة الجسم وكذلك مستويات عالية من الكالسيوم والفسفور والأميجا 3 والأحماض الدهنية وفيتامين E، هذا بالإضافة إلى أن السمك المملح وخاصة الرنجة والفسيخ من الأكلات الفاتحة للشهية.

ومع ذلك، فقد أوضحت مدرس علوم الأطعمة، أن الدراسات كشفت عن أنه يمكن أن تنشأ الكائنات الحية الدقيقة في الأسماك نفسها في أجزاء كبيرة من الأسماك الطازجة في سطح الجسم والخياشيم والأمعاء، وأن نمو هذه الكائنات يجعل الطعام غير مقبول من الناحية الحسية بسبب التغيرات في اللون والطعم والرائحة والملمس، وتكمن المشكلة في أن العديد من حالات التسمم تحدث بسبب هذه الاطعمة المملحة.

أسباب الضرر
وبشكل أساسي تكمن أضرار الأسماك المملحة،  كالرنجة والفسيخ،  في طريقة التحضير، والحفظ، والتداول، التي تمكن البكتيريا اللاهوائية من النمو، خلال فترة التخليل والتمليح إذ أن هذه الأسماك لا يتم تفريغها قبل عملية النضج والتمليح مما يوفر فرصة لبكتيريا  Clostridium botulinum التي قد تكون موجودة في أمعاء الأسماك لتنمو وتنتج السموم التي تسبب التسمم الغذائي، كما أوضحت د. رضوى، قبل أن تستطرد:  ولذلك لابد من أن تحفظ هذه الأسماك في صناديق خشبية وأن تكون المدة كافية ومناسبة لضمان تمليحه بطريقة سليمة مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن يكون السمك طازجا.

ومن الأضرار التي يمكن أن يسببها تناول الرنجة والفسيخ،  لبعض الأشخاص أيضا،  ارتفاع ضغط الدم وذلك لاحتواء تلك الأسماك المملحة على كميات كبيرة من الملح، والحديث مازال للدكتورة رضوى، كذلك قد تؤدي إلى ارتفاع مستوي الكوليسترول، وضيق في التنفس لبعض الأحيان وألم في الصدر، الشعور بالانتفاخ والحموضة التي قد يتطور في بعض الحالات ليصبح نزلة معوية، الإصابة بمرض البوتيوليزم وهذا المرض يهاجم الأعصاب وينتج عنه ازدواج الرؤية وصعوبة الكلام وضعف الأطراف العليا للجسم وقد يصيب الجهاز التنفسي ويسبب ضيق التنفس والوفاة، وينتج هذا المرض نتيجة الطريقة الخاطئة في حفظ الأسماك المملحة التي تؤدي إلى نمو وتكاثر نوع معين من البكتيريا، كما أن الإكثار من تناول الفسيخ والرنجة قد يؤدي إلى الإصابة بإسهال شديد قد يستمر إلى ساعات طويلة وقد يحدث تسمم غذائي.

إرشادات الوقاية
وهناك العديد من الإرشادات التي يجب إتباعها قبل تناول الرنجة والفسيخ، تبدأ من عملية شرائها، كما أكدت م. رقية حسن، اختصاصية علوم وتكنولوجيا الأغذية، ونصحت باختيار الأسماك التي يكون لحمها متماسكًا ومقبولة الرائحة، وأعينها براقة، والخياشيم حمراء، مع ملاحظة علامات الفساد التي قد تظهر على الأسماك المدخنة من جفاف الجلد، وفقدان اللمعان، وليونة القوام، وتهتك اللحم والأنسجة، وكذلك ظهور بقع فطرية عليها، وتغير لون الجلد في بعض المناطق.

ويمكن التأكد من سلامة الرنجة، بحسب م. رقية،  من خلال مسح سطحها بقطعة قطن، فإذا تغير اللون فهذا يدل على وجود صبغات عليها، مشددة على ضرورة شرب كوب من الماء مع إضافة قطرات من الليمون والنعناع له بعد تناول الأسماك المملحة لتقليل العطش، وأيضا الاستعانة بالمشروبات الطبيعية الأخرة كالشاي الأخضر والكركديه، بالإضافة للخضروات الورقية مثل الخس والجرجير لتساعد في تنشيط الأمعاء مما يسرع من التخلص من فضلات الوجبة بشكل أسرع.

و يجب على مرضى ارتفاع ضغط الدم الامتناع عن تناول الأسماك المملحة، كما نصحت اختصاصية علوم وتكنولوجيا الأغذية، في ختام حديثها، حيث تشكل عبئًا على الدورة الدموية، وأيضا مرضى الكلى  لتجنب إجهاد الكلى بسبب احتوائها على الملح وتراكمه في الجسم.