تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
ترتفع خطورة التصحر يومًا تلو الآخر، حتى وصل لظاهرة يجب مواجهتها بشتى الطرق، خاصة بعد أن أصبحت العديد من القوى والمناطق المصرية معرضة له، وهو ما يمثل خطورة على سكانها والحياة بها، وتضم عدد من المناطق في شمال سيناء، منها الساحل، الشيخ زويد، الساحل الشمالي الغربي مثل رأس الحكمة، الجروالة، القصر، الواحات الجنوبية الغربية ومنها الداخلة والفرافرة بالوادي الجديد، وأجزاء عديدة من الدلتا، والمناطق الجديدة، طبقا لمركز بحوث الصحراء بوزارة الزراعة.
وتتعرض الأراضي الزراعية الواقعة على امتداد وادي النيل والدلتا للتصحر، بسبب عوامل مختلفة، منها الري السطحي، والري بمياه الصرف الزراعي عالية الملوحة، والاستخدام المكثف للأسمدة الكيماوية، وقلة تعويض التربة بالمواد العضوية، وانقطاع طمي النيل، وغياب الدورات الزراعية، إضافة إلى الزحف العمراني والبناء على حساب الأراضي الزراعية.
رأس الحكمة وتآكل التربة
على الساحل الشمالي بمطروح، تبرز قرية رأس الحكمة، كمثال آخر على المفارقة بين الثروات الزراعية والتحديات البيئية، فهي من أبرز المناطق المنتجة للتين والزيتون في مصر، تواجه تآكلًا تدريجياً في التربة نتيجة غياب مصدات الرياح، وسوء استخدام الموارد المائية، ويؤكد مركز بحوث الصحراء أن الاعتماد على الزراعة التقليدية، دون تجديد أو تحسين للطرق، يؤدي إلى إنهاك التربة وتحويلها تدريجيا إلى أرض فقيرة.
محمية أميد تواجه زحف الرمال
وفي مطروح، تقع محمية أميد التي تضم 4 قرى صغيرة، يقطنها نحو 400 نسمة، تعرف هذه المنطقة بتنوعها البيئي الفريد الذي يجمع بين الكثبان الرملية، الأراضي الزراعية، والمراعي الطبيعية، إلا أن أنماط الاستخدام غير المستدام، مثل الرعي الجائر، وقطع النباتات الطبيعية، ساهمت في تدهور التربة، وارتفاع معدلات التصحر، ما يهدد بفقدان هذا التنوع الحيوي.
قارة أم الصغير
قارة أم الصغير هي أصغر واحة في مصر، وتتبع محافظة مطروح، وهي مهددة بالتصحر، وتقع جنوب شرق مرسى مطروح على بُعد 300 كيلو مترًا، وتتبع مركز سيوة، حيث تقع على منخفض القطارة، وعدد سكانها 475 نسمة، وبها عيون مياه ساخنة لدرجة الغليان، ويعيش أهلها حياة شبه بدائية، ويعتمدون على المقايضة في تبادل السلع والخدمات، ويزرعون النخيل والزيتون ومحاصيل أخرى ذاتية، ويربطها بالمدينة طريق فرعي أسفلتي بطول 100 كيلو مترا، وتتميز بعزلتها وبعدها عن المناطق المأهولة.
وهي واحدة من أبرز القرى المهددة بالتصحر، وتعتمد على الزراعة المطرية التي تتأثر بشدة بتقلبات الطقس وتراجع معدلات سقوط الأمطار، ووفقا لمركز بحوث الصحراء، فإن الكثبان الرملية بدأت تزحف على الأراضي الزراعية، بالتوازي مع زيادة ملوحة التربة، ونفاد المياه الجوفية من الآبار السطحية.
الفرافرة وموجات الجفاف
وفي محافظة الوادي الجديد -حسب مركز بحوث الصحراء - تتصدر واحة الفرافرة قائمة المناطق المعرضة للخطر، وهي أصغر واحات الوادي، وتتميز بالمحميات الطبيعية، وجبال الكريستال، ولكنها تعاني من تناقص المساحات المنزرعة بفعل تكرار موجات الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، وتراجع مناسيب المياه الجوفية، ويقطنها نحو 5 آلاف نسمة، ويعتمد أغلبهم على الزراعة والرعي، مما يجعلهم عرضة لفقدان مصدر رزقهم الوحيد أيضًا.
الخارجة.. واحة تحت التهديد
في قلب الصحراء الغربية، تقف مدينة الخارجة، عاصمة محافظة الوادي الجديد، كنموذج حي على التحديات البيئية القاسية، التي تواجهها المناطق الزراعية في مصر، نتيجة التغير المناخي وسوء إدارة الموارد المائية، ورغم ما تتمتع به المدينة من إمكانات طبيعية ومساحات زراعية واعدة، فإنها تواجه أزمة تهدد مستقبلها الزراعي وبيئتها المستقرة.
يقطن الخارجة أكثر من 100 ألف نسمة، يعتمد معظمهم بشكل مباشر أو غير مباشر على الزراعة والأنشطة المرتبطة بها، لكن تقارير صادرة عن مركز بحوث الصحراء تؤكد أن المياه الجوفية، المصدر الرئيسي للري في المدينة، تشهد ارتفاعاً ملحوظًا في معدلات الملوحة، نتيجة الإفراط في السحب العشوائي وغير المنظم من الآبار، دون مراعاة لتجدد الخزان الجوفي أو قدرته على التحمل.
هذا الضخ المفرط أدى إلى تدهور تدريجي في نوعية التربة الزراعية، وانخفاض إنتاجية المحاصيل، خاصة في المناطق التي تم استصلاحها حديثًا، واستمرار هذا النمط سيؤدي إلى تملح مساحات أوسع من الأراضي، مما يعني فقدانها للقدرة على الزراعة، ودخولها في مرحلة التصحر.
وتكمن الخطورة، في أن الخارجة تمثل نموذجًا لمئات المناطق الزراعية في الصحراء الغربية، والتي تمثل مستقبل التوسع الزراعي في مصر، وهو ما يتطلب تدخلاً عاجلًا لإعادة تنظيم إدارة المياه الجوفية، وتطبيق تقنيات حديثة للري، وتنفيذ خطط لحماية التربة.
من قرى خضراء إلى صحراء جرداء
يشير الدكتور حازم أحمد، استشاري الدراسات البيئية، إلى أنه في الوقت الذي تتسارع فيه الجهود نحو استصلاح الصحراء وتوسيع الرقعة الزراعية، تواجه العديد من القرى المصرية خطراً مضادًا يتمثل في زحف التصحر إليها، مهدداً الأراضي الزراعية والمجتمعات الريفية بالفقدان والتهجير، وهناك مناطق بعينها تسجل مؤشرات مقلقة على تدهور التربة، وتراجع مصادر المياه، وغياب الغطاء النباتي، وهو ما ينذر بتحولها من قرى خضراء إلى صحاري جرداء.
يقول د. حازم، أن التصحر لا يحدث فجأة، بل يكون على عدة مراحل تدريجية، وهناك عدة أسباب تحول الخضرة إلى صحراء:
- زحف الرمال: حيث تغزو الكثبان الأراضي المزروعة، خاصة في المناطق الصحراوية المفتوحة.
- التعرية بفعل الرياح والأمطار: فتؤدي إلى انجراف التربة، وفقدان الطبقة السطحية الغنية بالمواد العضوية.
- ارتفاع ملوحة التربة: نتيجة الإفراط في استخدام المياه الجوفية، وغياب أنظمة الصرف الزراعي الجيدة.
- تراجع الأمطار والمياه: وهو ما يجعل الزراعة في بعض المناطق صعبة، ويحولها إلى أراضي جرداء.
- الإدارة غير الرشيدة: من حيث سوء التخطيط الزراعي، وغياب التوعية لدى المزارعين، وانهيار المعرفة بالأساليب الحديثة.
خطوات الإنقاذ
أطلق مركز بحوث الصحراء إنذاراً مبكراً، للتدخل العاجل لإنقاذ المناطق المهددة بالتصحر، من خلال:
- برامج قوية قابلة للتنفيذ لتحسين التربة، وتثبيت الرمال.
- توفير وسائل لتخزين مياه الأمطار بدلا من هدرها.
- تعميم الزراعة المقاومة للجفاف.
- إشراك المجتمعات المحلية في خطط المواجهة، بما يضمن استدامة الحلول وفاعليتها، وخاصة أن الخطر لا يهدد فقط أراضي قاحلة بعيدة، بل يزحف إلى القرى والمجتمعات التي كانت خضراء وواعدة.
3% من الأراضي مهددة بالتصحر
أشارت تقارير وزارة البيئة إلى أن أكثر من 3% من الأراضي الزراعية مهددة بالتصحر، نتيجة ارتفاع معدلات ملوحة التربة وسوء استخدام الموارد المائية، الأمر الذي يسهم في تعزيز ظاهرة الاحتباس الحراري، ويؤثر على توازن التنوع البيولوجي، ويقلل من قدرة البيئة على تجديد نفسها.
وكانت الحكومة قد أطلقت العديد من مشروعات استصلاح الأراضي، لزيادة الرقعة الزراعية، بهدف الخروج من بوتقة وادي النيل والدلتا، وتوسيع الأراضي الصالحة للزراعة في المناطق الصحراوية، من خلال مشروع مستقبل مصر، والذي يهدف إلى إضافة 4.5 مليون فدان بحلول عام 2027، بما في ذلك مليونا فدان العام المقبل.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية