في عالم الفن لم يجد نزار قباني رمزًا للحب والغيرة والخيانة وانكسار القلب خيرًا من عقد الياسمين، وأبدع كاظم الساهر في لحن قدمه لماجدة الرومي التي سحرت عالمنا.
وفى عالم العشق قال ابن سيرين أن رؤية زهور الياسمين في المنام هي دليل على الَفرج والخير الكثير، كما يدل بشكل خاص ـ دونا عن باقي الأزهار - على زواج الرجل من فتاة على خلق، وأضاف ابن آياس أن الفتاة التي تحلم به يأتي إليها عريس كامل الأوصاف.
أما في عالم "أكل العيش"، فلم يجد أهل شبرا بلوله خيرًا من الياسمين ليرتزقوا منه! 
يقول محمد الطيب، المحامي والخبير في شئون الياسمين، أنّ الزهور تتفتح بعد منتصف الليل وتذبل بعد شروق الشمس، لتنبت مكانها زهرة جديدة مع كل يوم جديد، لذلك تبدأ عملية الحصاد من بعد منتصف الليل وحتى الصباح، أما من يستيقظ في الصباح مثلنا يكون ضيع أكل عيشه. 
وهكذا بدأنا رحلتنا من القاهرة في تمام الثانية صباحًا لقرية شبرا بَلولَه، التي كان أسمها في البداية شبرا بلوم Bloom (أى قرية الأزهار- لأن شبرا في اللغة القبطية تعنى عزبة أو قرية وبلوم بمعنى الإزهار) وتطورت لتصبح شبرا بلوله، وبدأ بعض شباب القرية يطلق عليها شبرا فرنسا، وذلك لشهرتها بزراعتها لشجر الياسمين الذى يُصدّر إلى فرنسا وبعض دول الاتحاد الأوربي وأمريكا بعد تصنيعه وتحوليه إلى زيت أو عطر أو عجينة.
وصلنا حوالي السادسة صباحًا لنجد أن معظم الحصاد اليومي قد انتهى، وبقى البعض. 
على ناصية كل ممر نجد سلال فارغة لتجميع ما يحصده الفلاحين ووزنها، ونقله للمصنع. تقابلت مع أمل محمد وهى تقطف زهور الياسمين، وقالت نتعب كثيرًا في قطف الزهور طوال الليل وحتى الصباح، ويتراوح ما يجمعه الرجل والمرأة وأولادهم بين الكيلو ونصف حتى 3 كيلو، وذلك بخلاف أننا نقوم بتأجير خط أو خطين شجر ياسمين لقطفها، وفى العام الماضي كان سعر كيلو زهرة الياسمين 30 جنيه، وغالبًا هذا العام سيتراوح بين 40 – 45 جنيه للكيلو، ونحصل على النقود من المصنع بطريقتين أما نهاية كل شهر أو في نهاية الموسم أي بعد 6 شهور، ونأمل في أن يعاد النظر في التسعير لكيلو زهور الياسمين حتى تتناسب مع ظروف أكل العيش. 
وقال محمد مخيمر أنا أبدأ في قطف الزهور بعد صلاة الفجر الساعة 3 صباحا وحتى 8 أو 9 صباحا، وعمري الآن 52 سنة وأقوم بهذا العمل منذ 30 سنة، أعمل أنا وأولدي 4 أفراد يوميًا، وينتج الخط وهو قيراط أرض كيلو ونصف زهور ياسمين يوميا.
أما مارتينا خليل وهى ضيفة وجدناها تجمع الياسمين، فكانت سعيدة للغاية وغنت لها ووضعت الزهور في سلال من البوص لتصنع لنفسها تاجا من البوص. 
وفي طريقنا للخروج وجدنا أن السلال الفارغة قد امتلأت بالفعل.
ويقول المهندس الزراعي محمد حسين أن أحمد محمود فخرى سليل العائلة المالكة حيث أن والده هو زوج الأميرة فوقية شقيقة الملك فاروق، أحضر في الستينات نبتة الياسمين من فرنسا وزرعها في أرضه التي بقيت به بعد تطبيق قوانين الإصلاح الزراعي، وانتشرت الزراعة في الحقول المجاورة التي يمتلكها الفلاحون، علما بأن نصف الأفدنة تزرع أورجانيك.
قام أحمد فخرى بعمل مصنع ومعمل تحاليل داخل المصنع باسم "أحمد فخرى وشركاه"، لإنتاج عطور وزيوت وعجينة الياسمين لتصديرها وحاليا يمتلكه حسين فخرى مصري فرنسي الجنسية وزوجته شريفة ، كما قام الحاج محمد أبو العينين الذى تعلم على يد أحمد فخرى بإنشاء مصنع لتصنيع زهور الياسمين، وأصبح رقم واحد في الجودة في العالم.
يدخل إلى مصنع أحمد فخري ما بين 10 طن – 15 طن زهور يوميا، ويتم أخذ عينات لتحليل الزهور، ثم يدخل للإنتاج أما بالتقطير أو باستخدام المشتقات البترولية، ويستخرج من طن الياسمين كيلو زيت ياسمين، ويباع جرام الزيت في حدود 100 جنيه محلى.