تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : في يوم اللغة العربية.. قاموس العامية خدمة للفصحى أم تهديد لهويتها؟
source icon

سبوت

.

في يوم اللغة العربية.. قاموس العامية خدمة للفصحى أم تهديد لهويتها؟

كتب: مروة غانم

يحتفل العالم العربي والإسلامي في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، وهو اليوم الذي اعترفت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة باللغة العربية لغةً رسمية، لتُدرج ضمن اللغات الست المعتمدة لديها، وذلك عام 1973.

ومع حلول هذه المناسبة سنويًا، تتجدد هموم المهتمين باللغة العربية، بعدما تنصل كثيرون منها وتركُوها غريبة، مطلقين العنان لألسنتهم تتحدث بالعامية، ومفضلين عليها كل ما هو أجنبي وافد، وفي هذا السياق طالب بعض المتخصصين قديمًا وحديثًا بإعداد قاموس للهجات العامية، وهو ما يفتح بابًا واسعًا للجدل حول مدى نفع هذه الفكرة أو ضررها على لغة القرآن الكريم.

بين الإثراء والتهديد
اختلف أهل التخصص حول فكرة إعداد قاموس للعامية؛ فبينما يرى فريق أن هذه القواميس تخدم اللغة العربية، وتثريها، وتسهم في تسجيل الثقافة الشعبية ودراسة تطور اللغة عبر العصور، يرى فريق آخر أن هذا التوجه قد يجعل العربية الفصحى لغة غريبة لا يعرفها إلا المتخصصون، فضلًا عن أنه يقطع الصلة بين العرب وتراثهم القرآني والديني.

أجيال مفتونة بالعامية
في هذا الإطار، أكد الدكتور صبري أبو حسين، أستاذ الأدب والنقد ووكيل الدراسات العليا والبحوث في كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات بجامعة الأزهر، وجود أجيال مفتونة باللغات العامية والأجنبية، وتتعصب لهذه اللهجات على حساب لغتها العربية الأصيلة، مشيرًا إلى أن بعض الدعاة والعلماء ومعلمي اللغة العربية أنفسهم دعوا إلى إعداد قاموس للعامية.

تسجيل الثقافة الشعبية
ويرى د. أبو حسين أن إعداد قاموس للعامية يفيد في تسجيل الثقافة الشعبية، ويساعد على دراسة تطور اللغة العربية عبر العصور، لكنه في الوقت نفسه يُرسّخ للعامية ويُثبّت أركانها، ويؤكد أن الأَولى هو السير على نهج العلماء الكبار، مثل العلامة أحمد تيمور، الذي ألّف «معجم تيمور الكبير في الألفاظ العامية»، مسجلًا فيه ألفاظ المصريين العامية المستخدمة في حياتهم اليومية، مع ردّها إلى أصولها الفصيحة.

قواميس في خدمة الفصحى
ولفت إلى وجود محاولات قديمة في مختلف الدول الإسلامية لرصد الألفاظ والتعابير العامية وبيان أصولها الفصيحة، مؤكدًا أن هذه المؤلفات كانت تهدف في الأساس إلى خدمة الفصحى، وإبراز تأثيرها في لغة العامة، لا العكس.

وطالب بتحجيم مساحة العامية في الأنشطة التعليمية بالمدارس والجامعات، وضرورة تنظيم مسابقات تُعلي من شأن الفصحى، مع التحذير من خطورة المصطلحات الأجنبية التي تُكتب بحروف عربية، فضلًا عن توظيف وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للفصحى، وإبراز قيمتها وأهميتها.

صراع قديم
من جانبها، أوضحت الدكتورة سوسن حسانين الهدهد، أستاذ أصول اللغة ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات الأزهر، أن بعض العلماء القدامى صنفوا معاجم للهجات عامية بحتة، أوردت ألفاظًا لا أصل لها في العربية الفصحى.

واستطردت قائلة إن بعض الباحثين ينادون بإعداد معاجم للهجة العامية ظنًا منهم أن ذلك يخدم الفصحى، غير أن هذا التوجه - في رأيها - لا يمكن أن يثري العربية، لأن العامية متغيرة باستمرار، وتصنيف معاجم لها قد يؤدي إلى قطع العلاقة بين العرب وتراثهم وقرآنهم ودينهم، لتصبح الفصحى مع مرور الزمن لغة غريبة لا يعرفها إلا المتخصصون.

حل وسط
وطالبت د. سوسن بتصنيف معاجم في «فصاح العامية»، تجمع الألفاظ العامية ذات الأصل الفصيح، بهدف تقريب مستوى الخطاب اليومي الشفهي من اللغة المكتوبة، مؤكدة أن العامية تحاول في كل زمان ومكان مزاحمة الفصحى والتغلب عليها.

وأشارت إلى أن علماءنا القدامى، وعلى رأسهم ابن خلدون، تنبهوا إلى هذا الخطر، فرصدوا الانحرافات اللغوية في الأصوات والصيغ والتراكيب، ووضعوا المؤلفات التي تحذر من عواقبها، وتحد من انتشارها.

كما أوضحت أن المغالاة في تتبع العامية وتخطئتها دفعت بعض اللغويين إلى اتخاذ منهج جديد في التأليف المعجمي، هدفه إنصاف بعض الألفاظ العامية الصحيحة، ورد الاعتبار للفصيح من كلام العامة، وهو اتجاه ما زال مستمرًا حتى اليوم.

قادرة على الصمود
وشددت د. سوسن على أن العربية الفصحى نجحت في التغلب على تعدد اللهجات قبل الإسلام من خلال الشعر الجاهلي، ثم ثبتت أركانها بخطاب القرآن الكريم بعد الإسلام، لكنها تراجعت نسبيًا أمام زحف العاميات نتيجة احتكاك العرب بغيرهم أثناء الفتوحات الإسلامية، وما صاحب ذلك من شيوع اللحن والانحرافات الصوتية والتركيبية.

قضية شائكة
أما الدكتور علاء جانب، عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة، الملقب بـ«أمير شعراء الأزهر»، فيرى أن قضية الفصحى والعامية قضية جدلية شائكة، لدرجة أن البعض يعتبر التحدث بالعامية إثمًا كبيرًا في حق لغة القرآن، متسائلًا: فكيف يكون الحال مع إعداد قاموس كامل للعامية؟

وأضاف أنه ليس ضد الإبداع بالعامية، معتبرًا أنه لا يشكل خطرًا حقيقيًا على الفصحى، مشددًا على أن الخطر يكمن في إحلال العامية محل الفصحى وتنحية الأخيرة جانبًا، مستشهدًا بتجربة أحمد شوقي الذي كتب بعض قصائده بالعامية، وكذلك تجربته الشخصية في نظم بعض الأشعار بهذه اللهجة.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية