تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في رحلة إلى أرض المُعاناة، عبر روايته "الشوك والقرتفل"، يصوّر يحيى السنوار الرئيس الحالي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بعيون السارد ما رآه طفل لم يتجاوز الخامسة من عمره، في شوارع غزة، وتحديدا مُخيم الشاطئ،، وما علق في أنفه من رائحة البارود، ودوى في أذنيه من أصوات الانفجارات، وارتسم على وجه جده وجدته أخوته الذين يكبرونه بسنوات من علامات الهلع التي خلعت القلوب.
أحداث حقيقية
يبدأ القائد العسكري، والروائي الأسير روايته التي كتبها عندما كان أسيرًا في سجن بئر السبع عام 2004م، بكلمات مُقدّمة موجزة موجهة بالضرورة إلى القارئ العربي، ليُخبره أن أحداث الرواية وما جاء على لسان ساردها، ما هو إلا واقع حي عاشه أهل المُخيّم بكل تفاصيله، وإن لم يعشه المؤلف ذاته.
فيقول: "هذه ليست قصتي الشخصية، وليست قصة شخص بعينه رغم أن كل أحداثها حقيقية، كل حدث منها أو كل مجموعة أحداث تخص هذا الفلسطيني أو ذاك، الخيال في هذا العمل فقط في تحويله إلى رواية تدور حول أشخاص محددين ليتحقق لها شكل العمل الروائي وشروطه، وكل ما سوى ذلك حقيقي، عشته وكثير منه سمعته من أفواه من عاشوه هم وأهلوهم وجيرانهم على مدار عشرات السنوات على أرض فلسطين الحبيبة، أهديه إلى من تعلقت أفئدتهم بأرض الإسراء والمعراج من المحيط إلى الخليج، بل من المحيط إلى المحيط".
مُخيّم الشاطئ
يأخذنا السارد معه إلى مُخيّم الشاطئ في شتاء العام 1967م، لنعيش معه مأساة النازحين من بلدانهم ومنازلهم قسرًا في ظروف يُقال عنها في أحسن الأحوال أنها قاسية، وكان من بين النازحين عائلته المُهجّرة من بلدة الفلوجة في الأراضي المُحتلة عام 1948م.
يحكي السارد هذه الظروف المُلتبسة، التي قضت في أمرهم وأجبرتهم على العيش في منزل مُهدّم بالكاد تستر حوائطه الأجساد، ولكنها لا تحجب مياه الشتاء التي تغمره أرضه من كل اتجاه، فيبذل الأب والأم جهدهم لإنقاذ الصغار والحفاظ عليهم، في محاولة منهم للتأقلم مع الواقع الجديد.
في الجيش المصري
يسترجع "السنوار"، ذكريات طفولته مع شقيقه ابن التاسعة، الذي يصحبه إلى مُعسكر الجيش المصري المُتاخم لمُخيّم الشاطئ، يتذكّر بكلمات توحي للقارئ أنّ هذا المُعسكر نقطة النور الوحيدة، وسر السعادة الباقي لهذان الطفلان وسط أكوام الخراب والدمار.
يتذكر كيف كان يستقبله الجنود المصريون وشقيقه بالترحاب والبهجة، وكانوا يعطفون عليهم، يقف الأطفال في أدب شديد مُنكّسين رؤوسهم في انتظار ما سيُقدّمه لهم الجنود من حلوى، فكان أحد الجنود الذي عرفهم بالاسم يضع يده في جيب بنطاله العسكري ويخرج لكل واحد منهم قطعة من حلوى الفُستقية، التي يلتقطها الأطفال ويبدأون قضمها في نهم شديد، فيربت الجندي المصري على أكتافهم، ويمسح على رؤوسهم، ويأمرهم بالرجوع إلى البيت، فيبدأن في جرجرة أرجلهما عائدين في طرقات المُخيم.
غطرسة المحتل
في المُقابل لم ينس الطفل الصغير نداءات جنود الاحتلال في مُكبرات الصوت ليخرج من تجاوز الثامنة عشرة من عمره من أهل المخيم ليجتمع في ساحة كبيرة، محذّرين من يُخالف التعليمات بأنه يُعرّض نفسه للقتل، فيخرج بعض المدنيين ويرفض البعض اعتراضًا على ممارسات جنود الاحتلال.
بعد ذلك يبدأ جنود الاحتلال بتفتيش المنازل، وكل من يعثرون عليه فوق الثامنة عشرة داخل بيته يقتلوه، ثم يتعاملون مع الرجال المُجتمعين في الساحة، تعامل يُخبر بوحشية العدو وغطرسته وسعيه لكسر وإذلال أهل القطاع قبل أي شيء آخر.
كان ضابط يمر أمام الجلوس، ومن يُشير إليه يخرج ويجلس جانبًا، أما البقية فيعودون إلى منازلهم، ويصطف جنود الاحتلال أمام المواطنون المدنيون العُزّل من السلاح، وبعد إشارة قائدهم وهو أحد ضباط الموساد، يُطلق جنود الاحتلال الرصاص بشكل جنوني فيردون الأبرياء قلتي، وذلك بدعوى أنه يشتبه في انضمامهم لحركات المقاومة الفلسطينية.
ألعاب الخنادق
يعرض "السنوار"، خلال الرواية للخنادق التي كان يحفرها الأهالي ليختبئوا بها أوقات الغارات، كما يحكي عن الألعاب التي كان يلعبها أطفال المُخيّم للتسرية عن أنفسهم، وهي ذاتها الألعاب التي لعبناها أطفالًا في شوارع وحواري مصر، ومنها على سبيل المثال "السبع طوبات"، و"النطة".
وذكر طريقة وآلية لعب كل واحدة منها بالتفصيل الدقيق، وكأنه ينقل بكاميرا فيديو واقع ما حدث على الأرض بكافة جوانبه وتفاصيله، ثم يعود مرّة أخرى ليرصد مُعاناة الأطفال من فقد الآباء، وفقد الزوجات للأزواج، علاوة على الأوضاع المعيشية الصعبة التي كانت تصل إلى جمع مياه الأمطار للشراب، وتقاسم أكثر من عائلة لبيت واحد، والتحايل على الواقع لتوفير الطحين الذي يسد جوع الأطفال.
خيانات الداخل
تتصاعد الأحداث، وتتطور الحبكة، ويعرض السارد خلال حديث مُفصّل لجرائم الاحتلال، ومعاناة أهل قطاع غزّة معهم، مُعددًا الجرائم التي ارتكبت ضد شباب ورجال ونساء عُزّل، وكانت تلك الجرائم دليل إدانة وشاهد على وحشية معتدٍ لا يُجيد إلا شرب الدماء، ولا يستنشق سوى رائحة البارود، ويطرب لدى أصوات الانفجارات.
كما تتناول تفاصيل جرائم الاعتقال في حق أهالي القطاع وترحيل أعداد كبيرة منهم معصوبي الأعين إلى أقصى شمال لبنان، وترصد الخيانات في الداخل والطعنات الغادرة في الظهور، والفجيعة في الأهل والآباء الذين رحلوا وعادت أخبار وفاتهم ودفنهم في بلدان غريبة، وتتناول تجنيد الموساد لعملائه وطرق اتصاله وبهم، كيف لصديق أن يتحول لعدو لأهله بعد أن خان بلده ورفاقه وقضيته.
رواية مأساوية
يمكننا وصف الرواية بالاجتماعية المأساوية، فهي تتناول أدق تفاصيل الحياة اليومية لأهل القطاع متخذة من أسرة السارد نموذجا لسُكان القطاع الذين يعيشون على الأمل المولود من رحم الفجيعة والألم.
وتنتهي الرواية كما بدأت بكلمة للمؤلف يقول فيها: "انتهى في ديسمبر 2004، سجن بئر السبع، ايشل فلسطين، انتهت هذه الرواية في زنازين سجن بئر السبع واكتملت بفصلها الثلاثين، ولكن لا زالت مأساة كاتبها ورفاقه مستمرة في أقبية سجون الاحتلال".
أحداث حقيقية
يبدأ القائد العسكري، والروائي الأسير روايته التي كتبها عندما كان أسيرًا في سجن بئر السبع عام 2004م، بكلمات مُقدّمة موجزة موجهة بالضرورة إلى القارئ العربي، ليُخبره أن أحداث الرواية وما جاء على لسان ساردها، ما هو إلا واقع حي عاشه أهل المُخيّم بكل تفاصيله، وإن لم يعشه المؤلف ذاته.
فيقول: "هذه ليست قصتي الشخصية، وليست قصة شخص بعينه رغم أن كل أحداثها حقيقية، كل حدث منها أو كل مجموعة أحداث تخص هذا الفلسطيني أو ذاك، الخيال في هذا العمل فقط في تحويله إلى رواية تدور حول أشخاص محددين ليتحقق لها شكل العمل الروائي وشروطه، وكل ما سوى ذلك حقيقي، عشته وكثير منه سمعته من أفواه من عاشوه هم وأهلوهم وجيرانهم على مدار عشرات السنوات على أرض فلسطين الحبيبة، أهديه إلى من تعلقت أفئدتهم بأرض الإسراء والمعراج من المحيط إلى الخليج، بل من المحيط إلى المحيط".
مُخيّم الشاطئ
يأخذنا السارد معه إلى مُخيّم الشاطئ في شتاء العام 1967م، لنعيش معه مأساة النازحين من بلدانهم ومنازلهم قسرًا في ظروف يُقال عنها في أحسن الأحوال أنها قاسية، وكان من بين النازحين عائلته المُهجّرة من بلدة الفلوجة في الأراضي المُحتلة عام 1948م.
يحكي السارد هذه الظروف المُلتبسة، التي قضت في أمرهم وأجبرتهم على العيش في منزل مُهدّم بالكاد تستر حوائطه الأجساد، ولكنها لا تحجب مياه الشتاء التي تغمره أرضه من كل اتجاه، فيبذل الأب والأم جهدهم لإنقاذ الصغار والحفاظ عليهم، في محاولة منهم للتأقلم مع الواقع الجديد.
في الجيش المصري
يسترجع "السنوار"، ذكريات طفولته مع شقيقه ابن التاسعة، الذي يصحبه إلى مُعسكر الجيش المصري المُتاخم لمُخيّم الشاطئ، يتذكّر بكلمات توحي للقارئ أنّ هذا المُعسكر نقطة النور الوحيدة، وسر السعادة الباقي لهذان الطفلان وسط أكوام الخراب والدمار.
يتذكر كيف كان يستقبله الجنود المصريون وشقيقه بالترحاب والبهجة، وكانوا يعطفون عليهم، يقف الأطفال في أدب شديد مُنكّسين رؤوسهم في انتظار ما سيُقدّمه لهم الجنود من حلوى، فكان أحد الجنود الذي عرفهم بالاسم يضع يده في جيب بنطاله العسكري ويخرج لكل واحد منهم قطعة من حلوى الفُستقية، التي يلتقطها الأطفال ويبدأون قضمها في نهم شديد، فيربت الجندي المصري على أكتافهم، ويمسح على رؤوسهم، ويأمرهم بالرجوع إلى البيت، فيبدأن في جرجرة أرجلهما عائدين في طرقات المُخيم.
غطرسة المحتل
في المُقابل لم ينس الطفل الصغير نداءات جنود الاحتلال في مُكبرات الصوت ليخرج من تجاوز الثامنة عشرة من عمره من أهل المخيم ليجتمع في ساحة كبيرة، محذّرين من يُخالف التعليمات بأنه يُعرّض نفسه للقتل، فيخرج بعض المدنيين ويرفض البعض اعتراضًا على ممارسات جنود الاحتلال.
كان ضابط يمر أمام الجلوس، ومن يُشير إليه يخرج ويجلس جانبًا، أما البقية فيعودون إلى منازلهم، ويصطف جنود الاحتلال أمام المواطنون المدنيون العُزّل من السلاح، وبعد إشارة قائدهم وهو أحد ضباط الموساد، يُطلق جنود الاحتلال الرصاص بشكل جنوني فيردون الأبرياء قلتي، وذلك بدعوى أنه يشتبه في انضمامهم لحركات المقاومة الفلسطينية.
ألعاب الخنادق
يعرض "السنوار"، خلال الرواية للخنادق التي كان يحفرها الأهالي ليختبئوا بها أوقات الغارات، كما يحكي عن الألعاب التي كان يلعبها أطفال المُخيّم للتسرية عن أنفسهم، وهي ذاتها الألعاب التي لعبناها أطفالًا في شوارع وحواري مصر، ومنها على سبيل المثال "السبع طوبات"، و"النطة".
وذكر طريقة وآلية لعب كل واحدة منها بالتفصيل الدقيق، وكأنه ينقل بكاميرا فيديو واقع ما حدث على الأرض بكافة جوانبه وتفاصيله، ثم يعود مرّة أخرى ليرصد مُعاناة الأطفال من فقد الآباء، وفقد الزوجات للأزواج، علاوة على الأوضاع المعيشية الصعبة التي كانت تصل إلى جمع مياه الأمطار للشراب، وتقاسم أكثر من عائلة لبيت واحد، والتحايل على الواقع لتوفير الطحين الذي يسد جوع الأطفال.
خيانات الداخل
تتصاعد الأحداث، وتتطور الحبكة، ويعرض السارد خلال حديث مُفصّل لجرائم الاحتلال، ومعاناة أهل قطاع غزّة معهم، مُعددًا الجرائم التي ارتكبت ضد شباب ورجال ونساء عُزّل، وكانت تلك الجرائم دليل إدانة وشاهد على وحشية معتدٍ لا يُجيد إلا شرب الدماء، ولا يستنشق سوى رائحة البارود، ويطرب لدى أصوات الانفجارات.
كما تتناول تفاصيل جرائم الاعتقال في حق أهالي القطاع وترحيل أعداد كبيرة منهم معصوبي الأعين إلى أقصى شمال لبنان، وترصد الخيانات في الداخل والطعنات الغادرة في الظهور، والفجيعة في الأهل والآباء الذين رحلوا وعادت أخبار وفاتهم ودفنهم في بلدان غريبة، وتتناول تجنيد الموساد لعملائه وطرق اتصاله وبهم، كيف لصديق أن يتحول لعدو لأهله بعد أن خان بلده ورفاقه وقضيته.
رواية مأساوية
يمكننا وصف الرواية بالاجتماعية المأساوية، فهي تتناول أدق تفاصيل الحياة اليومية لأهل القطاع متخذة من أسرة السارد نموذجا لسُكان القطاع الذين يعيشون على الأمل المولود من رحم الفجيعة والألم.
وتنتهي الرواية كما بدأت بكلمة للمؤلف يقول فيها: "انتهى في ديسمبر 2004، سجن بئر السبع، ايشل فلسطين، انتهت هذه الرواية في زنازين سجن بئر السبع واكتملت بفصلها الثلاثين، ولكن لا زالت مأساة كاتبها ورفاقه مستمرة في أقبية سجون الاحتلال".
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية