تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
كتب آرون ويس ميتشل، وهو مدير في مبادرة ماراثون ومساعد سابق لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون أوروبا وأوراسيا، مقالاً نشرته مجلة فورين بوليسي بعنوان "الولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من حرب يمكنها الخسارة فيها"، استهله قائلاً إن الولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من حرب عالمية يمكن أن تخسرها؛ فهناك صراعات جادة تتطلب اهتمام الولايات المتحدة في اثنتين من المناطق الثلاث الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية في العالم. فإذا قررت الصين شن هجوم على تايوان، قد يتصاعد الوضع بسرعة إلى حرب عالمية على ثلاث جبهات، تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل مباشر أو غير مباشر. ورغم أن هناك خيارات لتحسين الموقف الأمريكي، فجميعا تتطلب جهوداً جدية ومقايضات حتمية. ولذا، حان الوقت للتحرك بإلحاح حقيقي لحشد الولايات المتحدة ودفاعاتها وحلفائها لمواجهة ما يمكن أن يصبح الأزمة العالمية للعصر الراهن. ويشير الكاتب إلى أنه مع حشد روسيا صفوفها لحرب طويلة في أوكرانيا وفتح جبهة جديدة في بلاد الشام، فسوف يتنامى الإغراء لدى الصين التي تتسلح بوتيرة سريعة للتحرك بشأن تايوان. وبالفعل، تختبر بكين واشنطن في شرق آسيا، وهي تعلم جيداً أن الولايات المتحدة سوف تكافح في التعامل مع أزمة جيوسياسية ثالثة. وإذا اندلعت حرب، فستجد الولايات المتحدة أن بعض العوامل الهامة للغاية تعمل فجأة ضدها. وستكون الجغرافيا هي أحد هذه العوامل؛ فالجيش الأمريكي اليوم ليس مصمماً لخوض حروب ضد خصمين كبار في وقت واحد. وفي حالة وقوع هجوم صيني على تايوان، فسوف تجد الولايات المتحدة نفسها تحت ضغط شديد لتجاهل الهجوم مع مواصلة تقديم الدعم إلى أوكرانيا وإسرائيل. ولا يرجع ذلك إلى أن الولايات المتحدة تعيش حالة ركود، بل إلى أنه على عكس الولايات المتحدة التي تحتاج إلى أن تكون قوية في هذه الأماكن الثلاثة، لا يحتاج أي من خصومها -الصين وروسيا وإيران- إلى استعراض القوة إلا في منطقتهم الأصلية فقط من أجل تحقيق أهدافهم. ويرى الكاتب أن السيناريو الأسوأ هو حرب متصاعدة في ثلاث ساحات نائية على الأقل، يخوضها جيش أمريكي متناثر إلى جانب حلفاء سيئي التجهيز وغير قادرين في الغالب على الدفاع عن أنفسهم ضد قوى صناعية كبرى تتمتع بالعزم والموارد والقسوة اللازمة لمواصلة هذه الحرب. وسيتطلب شن هذه المعركة نطاقاً واسعاً من الوحدة الوطنية، وتعبئة الموارد، والاستعداد للتضحية على نحو لم يشهده الأمريكيون وحلفاؤهم منذ أجيال. وقد خاضت الولايات المتحدة حروباً متعددة الجبهات من قبل، ولكنها كانت دائماً قادرة على التفوق على خصومها في الإنتاج. ولم يعد الأمر كذلك: فالبحرية الصينية أكبر بالفعل من البحرية الأمريكية من حيث العدد الهائل من السفن، وهي تنمو بما يعادل البحرية الفرنسية بأكملها (حوالي 130 سفينة، وفقاً لرئيس أركان البحرية الفرنسية) كل أربع سنوات. وبالمقارنة، تخطط البحرية الأمريكية للتوسع بمقدار 75 سفينة على مدى العقد المقبل من الزمن. وفي الصراعات الماضية، كان بإمكان واشنطن أن تتفوق بسهولة على خصومها في الإنفاق. وخلال الحرب العالمية الثانية، تضاعفت نسبة الدين الوطني إلى الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة تقريباً، من 61% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 113%. وعلى النقيض من ذلك، ستدخل الولايات المتحدة اليوم في صراع مع ديون تتجاوز بالفعل 100% من الناتج المحلي الإجمالي؛ وبافتراض معدل توسع مماثل لمعدل الحرب العالمية الثانية، يمكن توقع أن يتضخم الدين إلى 200% من الناتج المحلي الإجمالي أو أعلى. وكما أوضح مكتب الميزانية في الكونغرس ومصادر أخرى، تهدد أي أعباء الديون بهذا الحجم بعواقب كارثية على الاقتصاد والنظام المالي الأمريكي. وسينطوي أي صراع عالمي على مخاطر أخرى؛ فالخصمان الأمريكيان روسيا وإيران هما منتجان رئيسيان للطاقة النفطية، وقد وجد أحد التقارير مؤخراً أن الإغلاق المطول لمضيق هرمز وسط صراع أوسع في الشرق الأوسط يمكن أن يدفع أسعار النفط إلى ما هو فوق 100 دولار للبرميل، ما سيزيد بشكل كبير من ضغوط التضخم. ويتضاءل كل هذا أمام التكاليف البشرية التي قد تتكبدها الولايات المتحدة في أي صراع عالمي؛ فمن المحتمل أن تموت أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين. إذ يمتلك بعض خصوم الولايات المتحدة قدرات تقليدية ونووية يمكنها الوصول إلى الأراضي الأمريكية؛ ويتمتع آخرون بالقدرة على إلهام أو توجيه هجمات إرهابية على غرار هجمات حماس على الأراضي الأمريكية، وهو ما قد يكون تنفيذه أسهل بالنظر إلى حالة الحدود الجنوبية التي يسهل اختراقها. ويؤكد الكاتب أن يجب على الولايات المتحدة بذل قصارى جهدها للاستعداد لهذا السيناريو على أمل ردع الصراع ولكن مع ضمان استعداد الأمريكيين له إذا حدث. ويجب أن تكون الأولوية المباشرة هي ضمان حصول أوكرانيا وإسرائيل وتايوان على الأسلحة التي تحتاجها للدفاع عن نفسها، لأنهم الأمل الأكبر لتجنب صراع عام هو أن تكون هذه الدول الحدودية شجاعة وشائكة للغاية بحيث توقف العدوان أو تردعه قبل انتشاره. ولن يكون ذلك ممكناً ما لم تنظم الولايات المتحدة قاعدتها الصناعية الدفاعية؛ فمنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، زاد إجمالي الإنتاج الدفاعي الأمريكي بنسبة 10% فقط. ويرى الكاتب أن الوضع جاد بما فيه الكفاية بحيث قد تحتاج واشنطن إلى تفعيل قانون الإنتاج الدفاعي والبدء في تحويل بعض الصناعات المدنية إلى أغراض عسكرية. وحتى في هذه الحالة، قد تضطر حكومة الولايات المتحدة إلى اتخاذ خطوات صارمة -بما في ذلك إعادة توجيه المواد المخصصة للاقتصاد الاستهلاكي، وتوسيع مرافق الإنتاج، ومراجعة الأنظمة البيئية التي تعقد إنتاج المواد الحربية- من أجل إعداد القاعدة الصناعية الأمريكية للتعبئة. ومن الواضح أن واشنطن ستضطر إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، مع تقليص الإنفاق على البرامج الاجتماعية التي تتمتع بدعم شعبي واسع. وسيتعين على حلفاء الولايات المتحدة أيضاً المشاركة بطرق جديدة هامة. وقد دفعت الحرب الأوكرانية أعضاء حلف شمال الأطلسي الأوروبيين، وأبرزهم ألمانيا، إلى التعامل بجدية أكبر مع مسألة الأمن؛ ولكن حتى الآن، أقل من ثلث هذه الدول تفي بالتزامها بإنفاق ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. ولم ينفذ الأعضاء الرئيسيون في غرب أوروبا بعد الوعد الذي قطعوه قبل أكثر من عام في قمة مدريد بنشر وحدات على الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي. وفي مختلف أنحاء الغرب، يتعين على الحكومات والمواطنين أن يعيدوا تقييم الأولويات التي تضع دولهم في وضع غير مؤات في الصراع المقبل؛ فمن غير المنطقي أن يربط الأمريكيون أنفسهم بسياسات مناخية متسرعة ومكلفة للغاية تعمل على استنزاف النمو الاقتصادي في وقت تبني فيه الصين محطات طاقة تعمل بالفحم بمعدل محطتين في الأسبوع. ويتعين على الأوروبيين أن يعيدوا النظر في نفورهم من الطاقة النووية؛ وسيتعين على التقدميين الأمريكيين أن يعيدوا التفكير في القيود التي فرضوها على أنفسهم والتي تحد من قدرة الولايات المتحدة على زيادة إنتاج الطاقة. ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن لا شيئاً مما يقترحه سيكون يسيراً، ولكن الولايات المتحدة وحلفائها يدخلون مرحلة القرارات الصعبة. فقد كان ما يحدث في أوكرانيا وإسرائيل غير قابل للتصور حتى قبل بضع سنوات، ويتعين على الأمريكيين وحلفائهم الشروع في ترتيب شؤونهم الآن حتى لا يجدوا أنفسهم غير مستعدين لأي صراع عالمي قد يندلع.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية