تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : فن محفوف بالمخاطر.. «الست» هل ظلم أم كلثوم؟
source icon

سبوت

.

فن محفوف بالمخاطر.. «الست» هل ظلم أم كلثوم؟

كتب:سيد محمود

لم يعد فيلم الست، الذي يتناول السيرة الذاتية لسيدة الغناء العربي أم كلثوم، مجرد عمل سينمائي أو تجربة فنية في إطار أفلام السير الذاتية، بل تحوّل إلى حالة جدلية واسعة، انقسمت حولها الآراء، ليس فقط داخل الأوساط النقدية، بل على المستوى الجماهيري أيضًا، مع دخول فنانين كبار على خط الجدل وإدلائهم بآرائهم المتباينة.

خرج الفنان محمد صبحي ليؤكد أن الفيلم أساء إلى تاريخ سيدة الغناء العربي، بل وأهان السينما المصرية، في حين أشادت كل من يسرا، ليلى علوي، وإلهام شاهين بالعمل، وعزز هذا الاتجاه رأي الناقد الفني طارق الشناوي، الذي اعتبره عملًا جيدًا وفي صالح تاريخ أم كلثوم.

وهنا يطرح السؤال نفسه بقوة؛ هل أصبح تناول السير الذاتية للمشاهير، بعد هذا الفيلم المثير للجدل -وهو من تأليف أحمد مراد وإخراج مروان حامد- مخاطرة غير محسوبة؟ 

هجوم مبكر وجدلية متصاعدة
على غير العادة، بدأ الهجوم على الفيلم قبل طرحه بنحو شهر تقريبًا، فور عرض الإعلان الترويجي، ثم ارتفع منسوب الانتقادات بعد عرضه في مهرجان مراكش السينمائي، ومع العرض الخاص في القاهرة، تصاعدت موجة انتقادات قال صُنّاع الفيلم إنها منظمة.

ورغم ذلك، نجحت هذه الحالة الجدلية في جذب جمهور واسع، من جيل «زد» ومن مختلف الأعمار، لمعرفة حقيقة ما يجري، ليحقق الفيلم إيرادات كبيرة، ليس فقط في مصر، بل في عدد من الدول العربية.

وانطلاقًا من هذه الأزمة، لجأنا إلى ناقد وصانع سينما، للوقوف على حقيقة الهجوم من جهة، وللإجابة عن سؤال جوهري: هل تمثل أفلام السيرة الذاتية فخًا ومصيدة للممثل؟

خطر على الممثل
يرى الناقد والمؤرخ الفني أشرف غريب أن تجارب السيرة الذاتية تمثل خطرًا حقيقيًا على الممثل، موضحًا أن أغلب هذه التجارب توقعه في فخ التقليد لا التقمص، فبدلًا من التركيز على جوهر الشخصية وروحها الإنسانية، ينشغل بعض الممثلين بمحاكاة الشكل الخارجي فقط، ما يحوّل الأداء إلى استعراض أقرب إلى أداء المقلدين أو «المنولوجيست»، وهو ما يشكل تهديدًا لمسيرة أي ممثل.

ويشير غريب إلى أن المقارنة الدائمة بين الشخصية الأصلية والشخصية التي يقدمها الممثل تكون في الغالب غير عادلة، وغالبًا ما تأتي على حساب الممثل، ويؤكد أن معظم التجارب السابقة، باستثناءات محدودة للغاية، تركت آثارًا سلبية واضحة على أصحابها.

ويضرب أمثلة بعدة أسماء، منها أنور أحمد، الذي قدم دورًا بارزًا واحدًا -مجسداً دور الزعيم مصطفى كامل عام 1952- ثم اختفى، ومنى زكي، التي واجهت حالة من التذبذب بعد أدائها شخصية «السندريلا»، واحتاجت وقتًا طويلًا لاستعادة مكانتها، وكذلك صابرين، التي اعتزلت التمثيل بعد مسلسل «أم كلثوم» قبل أن تعود تدريجيًا، أما تجربة شادي شامل في مسلسل «العندليب»، فيصفها غريب بأنها انتهت نهاية مأساوية.

محاولات لم تنجح
ويؤكد غريب أن جميع هؤلاء دفعوا ثمن الوقوع في «فخ التقمص»، مشيرًا إلى تجربة أشرف عبد الباقي حين قدم شخصية إسماعيل ياسين في فيلم «أبو ضحكة جنان»، معتبرًا أن التجربة لم تمنحه الدفعة الفنية التي كان يتطلع إليها.

ويرى أن فيلم «الست» قد يعيد منى زكي إلى نقطة كانت قد تجاوزتها بعد «السندريلا»، مؤكدًا أن الشخصيات الكاريزمية التي تتحول إلى أعمال فنية تحتاج إلى حذر بالغ، لأنها تحتل مكانة استثنائية في وجدان الجمهور، ويصعب الاقتراب منها دون مخاطر.

الاستثناء الأبرز
ويعتبر أشرف غريب أن الاستثناء الأوضح في هذا السياق هو أحمد زكي، الذي نجح في تجارب «الأيام»، «ناصر»، و«السادات»، أما تجربته في «حليم»، فيرى أن لها ظروفًا خاصة مرتبطة بالحالة الصحية للنجم الراحل.

ويؤكد أن سر تميز أحمد زكي كان اهتمامه بروح الشخصية لا شكلها، وقدرته الفائقة على الإمساك بأبعادها النفسية والإنسانية، لافتًا إلى أنه بدأ مشواره كمقلد، لكنه سرعان ما أدرك الفارق بين التقليد والتقمص الحقيقي.

كما أشار إلى أن تجربة فردوس عبد الحميد في فيلم «كوكب الشرق» لم تُحدث أزمة في مسيرتها، مؤكدًا أن استعراض تاريخ هذه الأعمال يكشف حجم المخاطرة التي دفع كثيرون ثمنها.

ورغم ذلك، يبرر أشرف غريب تقديم فيلم عن أم كلثوم في هذا التوقيت، مؤكدًا أنه من محبي أفلام السيرة الذاتية، لما لها من دور في تعريف الأجيال الجديدة بقامات فنية وثقافية كبرى، ويشير إلى أن شباب العشرينيات قد لا يعرف عن أم كلثوم سوى اسمها، وقد يرى بعضه أن أغانيها «قديمة»، ومن هنا تأتي أهمية الفيلم كعمل تعريفي وملهم.

مع الفيلم قلبًا وقالبًا
من جانبها، عبّرت الكاتبة والمنتجة ليالي بدر عن إعجابها الشديد بفيلم «الست»، مؤكدة أنه لم يظلم أم كلثوم، بل جاء في صالحها، واعتبرته من أجمل أفلام السيرة الذاتية، ومن أبرز أعمال مروان حامد إخراجيًا.

وأوضحت أن تميز الفيلم يعود إلى أسلوبه الإخراجي المختلف، وتقديمه أم كلثوم عبر محطات محددة من حياتها، بما يتسق مع رؤية الكاتب أحمد مراد، لتقديم شخصية عظيمة أثرت في التاريخ الفني والثقافي العربي.

كما أشادت بأداء منى زكي، معتبرة أنها قدمت أحد أجمل أدوارها، حيث حضرت روح أم كلثوم بقوة، وهو الأهم في تجسيد شخصية أيقونية، وأثنت على باقي عناصر العمل، من تمثيل وديكورات وإضاءة وحركة كاميرا، مؤكدة وجود انسجام واضح بين الإخراج والكتابة.

وتعترف ليالي بأنها تأثرت عاطفيًا وبكت أثناء مشاهدة الفيلم، مشيرة إلى أن بعض الاختيارات اللغوية الحديثة لم تزعجها، بل قبلتها لأنها صدرت عن حب واضح للشخصية، وترى أن الفيلم لم يسع إلى تقديم أم كلثوم كملاك، بل كإنسانة مثقفة وفنانة عظيمة امتلكت رؤية واضحة، واستطاعت بثقافتها ووعيها أن تصل إلى جميع طبقات المجتمع.

وحول ما إذا كان الفيلم يمثل مخاطرة، ترى ليالي أن «الست» لم يكن مخاطرة غير محسوبة، في ظل وجود تمويل قوي وأسماء بارزة مثل مروان حامد، وأحمد مراد، ومنى زكي، وتؤكد أن أي استثمار يصب في صالح الثقافة والفن يُعد أمرًا إيجابيًا ومهمًا، حتى وإن أثار الجدل.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية