تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في صباح يوم عادي، بينما كانت تهيئ نفسها لمناسبة مهمة، جلست أمام المرآة تحلم بشعر ناعم كالحرير، لكن ما لم تدركه أن كل نفس كانت تأخذه وهي تستخدم مكواة الشعر الساخنة، كان يحمل معه مليارات الجسيمات السامة التي تتسلل إلى رئتيها، هذه ليست قصة فتاة واحدة فقط، بل قصة ملايين النساء في العالم العربي اللاتي يدفعن ثمناً خفياً للجمال.
تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن الجسيمات متناهية الصغر مسئولة عن 8% من حالات الوفاة الناتجة عن أمراض الجهاز التنفسي المزمنة على مستوى العالم، ما يجعلها أحد أخطر الملوثات غير المرئية في البيئات المغلقة مثل صالونات التجميل.
فقد كشفت دراسة حديثة من جامعة بيردو الأمريكية، أن تسخين الشعر بدرجات حرارة تتراوح بين 150-210 درجة مئوية يؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من الجسيمات النانوية السامة.
تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن الجسيمات متناهية الصغر مسئولة عن 8% من حالات الوفاة الناتجة عن أمراض الجهاز التنفسي المزمنة على مستوى العالم، ما يجعلها أحد أخطر الملوثات غير المرئية في البيئات المغلقة مثل صالونات التجميل.
فقد كشفت دراسة حديثة من جامعة بيردو الأمريكية، أن تسخين الشعر بدرجات حرارة تتراوح بين 150-210 درجة مئوية يؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من الجسيمات النانوية السامة.
تحذيرات عربية وعالمية
تقول الدكتورة نهلة عبد المنعم أستاذ الكيمياء البيئية بالمركز القومي للبحوث، الدراسة الأمريكية أكدت ما كنا نحذر منه منذ سنوات في أبحاثنا المحلية، فمادة السيلوكسان D5 - التي تدخل في تركيب معظم مستحضرات الشعر - تتحول عند تسخينها فوق 150 درجة مئوية إلى مركبات سامة متطايرة، الخطير أن هذه الجسيمات الصغيرة جداً تتخطى كل آليات الدفاع في الجهاز التنفسي لتستقر في الحويصلات الهوائية، وقد تصل إلى مجرى الدم.
والسؤال الذي يتردد دائماً؛ أين تكمن الخطورة تحديداً؟ والإجابة العلمية المؤكدة أنها في التفاعل الكيميائي الذي يحدث عندما تلتقي مستحضرات الشعر بالمكواة الساخنة.
وتوضح د. نهلة إن المستحضرات المحتوية على مواد مثل السيلوكسان تكون مستقرة في الظروف العادية، لكن عند تعرضها للحرارة تتحول من مواد آمنة إلى جسيمات نانوية ضارة، هذا التحول الحراري يغير التركيب الجزيئي للمواد، محولاً إياها إلى سحابة من الجسيمات الدقيقة التي تتصاعد مع ما نظنه بخاراً عادياً.
وتضيف، في تجاربنا المحلية، وجدنا أن نسبة 85% من المنتجات المتداولة في الأسواق العربية تحتوي على هذه المادة الخطيرة، والأخطر أن الكثير من المستهلكين لا يدركون أنهم يتعرضون لهذا الخطر يومياً.
والأكثر إثارة للقلق أن هذه الجسيمات لا تؤثر فقط على مستخدم المكواة، بل تظل عالقة في هواء الغرفة لساعات، مما يعرض جميع أفراد الأسرة للخطر، خاصة الأطفال وكبار السن.
وتحذر د. نهلة من استخدام أدوات الفرد الحراري للأطفال والمراهقين؛ إذ أن رئاتهم أكثر حساسية لتأثير الجسيمات الدقيقة، وقد أظهرت بعض التجارب زيادة معدلات الحساسية الصدرية بين الفتيات الصغيرات بسبب الاستخدام المبكر لمكواة الشعر.
أنفاس مسمومة
وفي ذات السياق، يشير الدكتور أحمد رياض استشاري الأمراض الصدرية، من خلال ممارستي السريرية التي تمتد لأكثر من 20 عامًا، لاحظت تزايدًا ملحوظًا في حالات الالتهابات الرئوية المزمنة بين النساء، وخاصة مصففات الشعر، فالجسيمات النانوية التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرون تتغلغل إلى أعمق مناطق الرئة مسببة التهابات مزمنة قد تتطور مع الوقت إلى تليف رئوي عند التعرض المتكرر، تبدأ الأعراض عادة بسعال جاف وبحة في الصوت، لكنها قد تتفاقم لتصل إلى ضيق تنفس مزمن، في عيادتي، نحو 60% من مصففات الشعر يعانين من أعراض تنفسية مستمرة، ويُعد السبب الرئيسي لذلك هو التعرض اليومي لتلك الجسيمات الدقيقة.
ومن خلال متابعة مجموعة من السيدات، تبيَّن أن 42% من اللواتي يستخدمن أدوات فرد الشعر بانتظام يعانين من انخفاض في كفاءة الرئة مقارنةً بمن لا يستخدمنها.
ولا يقتصر التأثير على الجهاز التنفسي فقط، فالكثير من المريضات يشكين أيضًا من صداع مزمن وإرهاق عام، وهي أعراض تدعمها الدراسات الحديثة التي تشير إلى أن ضعف كفاءة الرئة يؤدي إلى نقص مستوى الأكسجين في الدم، وبالتالي الشعور المستمر بالإجهاد.
ونصيحتي للسيدات، إذا لاحظتن أعراضاً مثل السعال المستمر، بحة الصوت، أو ضيق التنفس بعد استخدام مكواة الشعر، فهذه إنذارات مبكرة تستدعي التوقف الفوري واستشارة الطبيب.
الاعتدال هو الحل
ويوضح الدكتور محمد السيد أستاذ السموم البيئية، المشكلة الحقيقية في هذه الجسيمات هي قدرتها على التراكم في الجسم، فالكبد لا يستطيع التخلص منها بسهولة، ومع كل استخدام تزيد الكمية المتراكمة، فالدراسات الدولية تشير إلى أن التعرض المتكرر قد يؤثر على الجهاز المناعي والوظائف العصبية على المدى الطويل.
والبيانات العلمية تُظهر أن نسبة كبيرة من هذه الجسيمات تبقى في الرئتين، بينما جزء آخر ينتقل عبر الدم إلى أعضاء أخرى مثل الكبد والكلى، وهذا يفسر تعدد الأعراض الصحية المرتبطة بهذا التعرض.
في أبحاثنا المحلية التي أجريت على عينات من أنسجة، لاحظنا وجود جسيمات دقيقة في عينات من النساء اللاتي يستخدمن أدوات الفرد الحراري بانتظام.
الخطر الرئيسي يكمن في أن هذه الجسيمات قد تعبر الحاجز الدموي الدماغي، مما قد يؤثر على الوظائف الإدراكية مع التقدم في العمر، كما أن تراكمها في الكبد يعطل إنزيمات التكسير الطبيعية.
الحل الأمثل ليس التوقف التام عن استخدام أدوات التجميل، ولكن الاعتدال والوعي بآليات الحماية، والتحول نحو المنتجات الطبيعية التي أثبتت الدراسات أنها تقلل من هذه المخاطر بنسبة تصل إلى 90%."
المتهم الخفي
يعتبر مركب Decamethylcyclopentasiloxane (D5) من أكثر المواد إثارة للقلق، حيث يدخل في تركيب أكثر من 80% من منتجات العناية بالشعر العالمية، ومصنف من قبل الوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية كمادة شديدة الثبات وصعبة التحلل في البيئة، وقد فُرضت قيود على استخدامها في بعض المنتجات التجميلية القابلة للبقاء على الجلد أو الشعر، كما أنه يتحول عند التسخين إلى مركبات الفورمالدهيد والبنزين المسرطنة، ويتراكم في الأنسجة الدهنية ولا يسهل التخلص منه.
من التنفس إلى الأعصاب
أظهرت الدراسة الأمريكية أن التعرض لهذه الجسيمات يؤدي إلى:
على المدى القصير:
- التهابات رئوية حادة
- تهيج العيون والجهاز التنفسي
- صداع ودوخة
- سعال جاف مستمر
- احتقان الأنف والحنجرة
- التهاب الجيوب الأنفية
على المدى الطويل:
- التهابات رئوية مزمنة
- تليف الرئة
- اضطرابات في الجهاز العصبي
- تأثيرات سامة على الكبد والكلى
- زيادة خطر الإصابة بالربو
- تراجع في وظائف الرئة
- ضعف المناعة العامة للجسم
- زيادة احتمالية الإصابة بالحساسية
بدائل ذكية.. جمال بلا مخاطر
وتنصح الدكتورة نسرين فؤاد، استشارية الأمراض الجلدية والعناية بالشعر، السيدات باتباع مجموعة من الإرشادات التي تساعد على تقليل أضرار أدوات الفرد الحراري:
- ينبغي ضبط درجة الحرارة بين 120 - 150 درجة مئوية كحد أقصى، لأن الحرارة العالية لا تضر الشعر فقط بل تؤدي إلى تصاعد مركبات ضارة من المنتجات المستخدمة، كما أن فتح النوافذ أثناء الفرد أو تشغيل المراوح يساعد في تقليل تركّز الأبخرة الضارة في الهواء.
- من المهم أيضًا اختيار منتجات الشعر الخالية من مادة السيلوكسان والعطور الصناعية، لأن هذه المواد عند تعرضها للحرارة قد تتحلل وتُطلق مركبات مهيجة للجلد والجهاز التنفسي.
-أنصح السيدات باستخدام مكواة السيراميك أو التورمالين لأنها أقل ضررًا على الشعر، إلى جانب الاعتماد على الزيوت الطبيعية مثل جوز الهند والأفوكادو لتغذية الشعر بدلًا من الفرد.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية