تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : عنف الآباء.. جرح لا يلتئم في نفوس الأبناء
source icon

سبوت

.

عنف الآباء.. جرح لا يلتئم في نفوس الأبناء

كتب: صفاء محمود

في الآونة الأخيرة، تصدرت حوادث العنف ضد الأطفال المشهد، لتطلق جرس إنذار حول خلل في أساليب التربية داخل بعض البيوت، فلم يعد الضرب أو الإهانة مجرد تصرفات فردية، بل تحولت إلى ظاهرة تؤرق المجتمع وتترك آثارًا نفسية عميقة في نفوس الصغار، بينما يراها البعض وسائل "تقويم"، يجمع خبراء النفس والتربية على أن بناء شخصية سوية يبدأ من تربية خالية من العنف، تقوم على الحوار، والاحتواء، والفهم لا القسوة.

التوجيه الحازم 

قال الدكتور مجدي حمزة الخبير التربوي إن التربية لا تقتصر على توفير الطعام و الشراب والملبس للأطفال بل هي عملية متكاملة تهدف إلى تشكيل الشخصية و السلوك وغرس القيم من خلال الحب و الاحترام المتبادل والقدوة الحسنة مع التوجيه الحازم دون عنف.

وفي تعليقه على واقعة الأب الذي تم حبسه بمدينة العاشر من رمضان بعد الاعتداء على ابنه لتأديبه، أكد حمزة أن التصرف التربوي كان خاطئا لكن رد الفعل الأمني أيضاً كان بحاجة إلى المراجعة ، قائلا " حبس الأب 10 أيام ترك أثرًا نفسيًا مضاعفًا ليس عليه فقط بل على الابن نفسه الذي  سيشعر بالذنب كونه السبب في سجن والده ، مما تسبب في عقدة  نفسية للطرفين " .

سلبية أنماط التربية 
وأشار الخبير التربوي إلى أن أنماط التربية تغيرت بشكل سلبي في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت مظاهر العنف منتشرة داخل كثير من الأسر المصرية، وهو ما يعكس حالة المجتمع ككل، بتأثير من مشاهد العنف في الأفلام والمسلسلات، والانفلات الأخلاقي في الشارع، وغياب القدوة داخل الأسرة، إلى جانب التأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات مثل "تيك توك"، مؤكدًا أن الأطفال اليوم يتعرضون للعنف في مختلف مراحل حياتهم، سواء في البيت أو خارجه.

وأضاف أن ضعف الوازع الديني وانشغال الأبوين عن دورهما الأساسي، أسهما في تراجع دور الأسرة التربوي، لدرجة أن الأبناء باتوا يتلقون 80% من تربيتهم من خارج المنزل، من خلال الأصدقاء والشارع والإنترنت، بينما لا تتعدى مساهمة الأسرة نسبة 20% فقط.
وأوضح حمزة أن بعض الآباء ينهون أبناءهم عن سلوكيات خاطئة يمارسونها هم أنفسهم، كما أن عدم تقديرالأم لدور الأب،أوالعكس، يؤدي إلى تصدع صورة الأبوين أمام الأبناء، ما ينعكس على انهيار منظومة القيم التربوية و الأخلاقية داخل المجتمع 

وأكد أنه في حالات العنف ضد الأطفال يجب أن يكون عبرالتقييم النفسي والاجتماعي أولًا، وليس باللجوء المباشر إلى الإجراءات القانونية، داعيًا إلى ضرورة تفعيل دور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين داخل أقسام الشرطة، لتقييم الحالة ومعرفة الدوافع النفسية والاجتماعية قبل اتخاذ أي قرارات قانونية قد تضر بكيان الأسرة أو تهدد هيبة الأب.

واختتم الدكتور مجدي حمزة بالتأكيد على أن التربية لا تخلو من العقاب، لكن العقاب لا يعني العنف، بل يمكن أن يكون بحرمان الطفل من بعض الأشياء المحببة إليه، موضحًا أن حتى السلوكيات الخطيرة، مثل السرقة، يجب التعامل معها كأعراض لمشكلات نفسية، لا كجرائم تستدعي العقاب البدني.

الثالوث القاتل

من جانبه ، أكد الدكتور محمد خطاب أستاذ التحليل النفسي وعلم النفس الإكلينيكي بقسم علم النفس بجامعه عين شمس أن من أسوأ أساليب المعاملة الوالدية ما يعرف "بالثالوث القاتل" ،الذي يشمل النقد العلني للطفل و مقارنته بالآخرين ، توجيه اللوم والتوبيخ وتعمد إحراج الطفل .

أضاف خطاب أن من أشد أشكال العنف تأثيرًا هو الإيذاء الجسدي و المعنوي، حيث يصاب الطفل بإصابات خطيرة، كالكسور و التشوهات الجسدية، فضلا عن أخطار نفسية جسيمة منها تقمص شخصية الأب المعتدي و التحول إلى شخصية سادية أو " سيكوباتية" أو العكس بأن يصبح شخصية خاضعة مقهورة يعاني من "المازوخية" - إيذاء الذات -، وقد يصل الأمر إلى الهروب إلى الشارع خوفا من الإيذاء.

انتحار الأطفال 

وأشار إلى تزايد حالات الاكتئاب بين الأطفال بسبب العنف الأسري ، لافتا إلى  وصول أطفال ما بين ٧ إلى ٩ سنوات إلى العيادات النفسية بعد محاولات انتحار ، من بينهم طفلة قطعت شريان يدها ، طفل أشعل النيران في جسده أمام والده وأصيب بحروق شديدة ، كما توفيت طفلة في الصف الرابع الابتدائي آثر أزمة  قلبية خوفا من عقاب الأم بسبب نقص درجة في أحد المواد الدراسية .

وأوضح أن العنف قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق و التوتر،الانسحاب  الاجتماعي ، والانزواء ، إدمان الإنترنت ، بالإضافة الي فقدان التركيز وتشتت الانتباه وضعف التحصيل الدراسي ، وقد يصل الأمر إلى اضطرابات في الهوية الجنسية الانحرافات  السلوكية.

الحب غير المشروط

وشدد أن الطفل يحتاج إلى الحب غير المشروط ، والرعاية والاحتواء ، و الحوار المستمر والاستماع لرآيه ، تشجيعه على الاستقلال، و اللعب ، وممارسة الأنشطة ، مؤكدا أن رؤية القصص تلعب دورًا فعالًا في تقويم السلوك تلقائيا بشكل غير مباشر ، وأن الضرب يعد من أكثر الأساليب تدميرًا لشخصيته.
واختتم الدكتور محمد خطاب بمقولة شهيرة في علم النفس " لا يوجد أبناء لديهم مشاكل أو اضطرابات.. بل يوجد أباء لديهم مشكلات "، داعيا إلى تدريب المقبلين على الزواج على أساليب التربية السليمة، مؤكدا أن الوقاية خير من العلاج.

المجلس القومي للطفولة والأمومة

وبدوره ، أكد الدكتور نور أسامة عضو المجلس القومي للطفولة والأمومة أن المجلس يولي اهتمامًا بالغًا بحماية  بالأطفال المعنفين ، موضحا أن أهم شرط ينص عليه القانون وهو أن الطفل في الفئة العمرية ( من صفر- 18 عامًا ) والتأكد من وجوده في بيئة أمنة و التي تصنف لثلاث درجات (بسيطة ، متوسطة ، خطيرة ) وحتى البيئات البسيطة قد تشكل ضررًا نفسيًا على الطفل مع الاستمرارية .

البيئة الآمنة 

وأوضح أسامة أن المجلس يتعامل مع الحالات من خلال " وحدة نجدة الطفل " التي تنقسم إلى شقين " قانوني و نفسي "، الشق القانوني يتحقق من خلال التأكد من صحة الواقعة من خلال البلاغات أو مكتب حماية حقوق الطفل بالنيابة العامة، أما الشق النفسي يتم خلال تقييم الحالة النفسية للطفل ، وإذا تبين أن بيئته غير أمنة ، يتم التنسيق مع وزارة  التضامن الاجتماعى، لنقل لدار رعاية مؤقتًا ، إلى حين  التأكد من جاهزية الأسرة لاستقباله في بيئة آمنة مجددا . 

اختبارات و علاج 

وأشار إلى ان الطفل يخضع لحزمة اختبارات تشمل قياس الثقة بالنفس ، القلق و التوتر ، التشتت والانتباه ،والاكتئاب ، والإحباط ،بالإضافة إلى اختبار الثلاثة ألوان )، من خلال هذه الأدوات يتم تحديد إذا كان الطفل يعاني من صدمة نفسية "تروما " ودرجتها ، ليتم تحديد الحاجة إلى طبيب نفسي أم جلسات دعم نفسي فقط . 
ولفت إلى أن بعض الأطفال يخضعون لجلسات السيكو دراما " العلاج بالتمثيل التعبيري " لاستعادة  الثقة بالنفس و التعبير عن المشاعر ، بالإضافة إلى برامج لتطوير الشخصية و تحديد نقاط القوة ، الأهداف المستقبلية لتجاوز الآثار السلبية للتجربة دون ترك ندوب نفسية

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية