تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
كنت منهمكة في عملي على جهاز الكمبيوتر، قبل أن اسمع "ماما عايزة أشتغل في الصيف ؟".. رفعت عيني إلى ابنتي ذات الـ 14 عاما بدهشة دون أن أعلق انتظارا لأن تكمل حديثها، فأضافت: "اتفقت أنا وصديقاتي على ضرورة أن نستغل أجازة الصيف الطويلة، في البحث عن فرصة عمل والالتحاق بها لكي نعتمد على أنفسنا، فنحن لم نعد اطفال لنعتمد عليكم في تلبية كل احتياجاتنا".
الحقيقة أنني بقدر دهشتي من حديث ابنتي، إلا أنني سعدت بطريقة تفكيرها في تحمل المسئولية، على الرغم من رفضي لفكرة عملها في تلك السن الصغيرة، فقلت لها في محاولة لتغيير رأيها: "هل سبق أن طلبتي شيئا ولم ألبيه أنا ووالدك، فكرة العمل قد تبادر الأولاد الذين لايجدون من يلبي مطالبهم، لأي سبب، ولكنك لست منهم"، فقالت بنوع من التحد والاصرار على رأيها: "يوما ما سأعمل ولكن وقتها لن يكون لدي خبرة التعامل مع الحياة أو تحمل للمسئولية، ولكن إذا بدأت من الآن سيكون هذا بداية التأقلم، وسيتيح لي التعلم ببطء وسهولة"، ثم أضافت: "ألست دائما تقولين لي التعلم في الصغر كالنقش على الحجر وها أنا أحاول أن أطبق نصائحك بصورة عملية " .
طلبت منها مهلة حتى أفكر في الأمر ثم أعطيها رأيي النهائي بعد أن أستشير والدها، وعلى عكس توقعاتي وافق زوجي على فكرتها بل وأعجب بها ليس احتياجا للنقود ولكن حتى يتشكل لديها الوعي وتحمل المسئولية منذ الصغر.
أراء متضاربة
ولأنني أحب دائما إستشارة أهل العلم في الأمور التي لا أستطيع حسم الجدل بها، اتصلت بصديقتي د. نهال عنتر أستاذ علم الاجتماع وسألتها عن رأيها فيما تعتزمه ابنتي، فقالت: "هناك آراء متضاربة في الدراسات التي ناقشت ظاهرة اتجاه المراهقين للعمل وكسب النقود، ومدى تأثير تشغيلهم في هذه المرحلة العمرية، فمن ناحية يمكن أن تكون فرصة لتعلم دروس الحياة ومحو الأمية المالية وكيفية إدارة الوقت، لكن من ناحية أخرى، ارتبط توظيف الشباب في هذه السن بانخفاض التحصيل الدراسي وسوء السلوك وارتفاع التعرض لمشاكل سلوكية، كالتدخين والمخدرات في سن مبكرة، فضلا عن أن أجواء العمل في مصر، صعبة للكبار بشكل عام، فما بالنا بأطفال يخوضون أولى تجارب حياتهم في هذه السن".
وواصلت: "الأمر يبدو أكثر سوءا بالنسبة للفتيات، اللائي تزداد معاناتهن مع ما يتعرضن له من معاكسات أو محاولات تحرش، ونظرة المجتمع التي ترى الفتاة دائما مذنبة، وبدلا من أن يحميها القانون، فهو يعرض الأهل للمساءلة القانونية في حالة تعرضهن لأي خطر، ما بالك وهو يجرّم الآباء بعمالة أطفالهم".
الطفل العامل
وبالرغم من اهتمام وزارة التضامن المصرية بفكرة الطفل العامل، وإنشائها 17 مركزا لرعاية الطفل العامل في 14 محافظة، لتقديم الخدمات الطبية والنفسية للطفل وعائلته، وتقديم وسائل للترفيه وأنشطة داعمة لمهارات الطفل العامل دون تقييد حريته، والحديث مازال لـ د. نهال، فإن مفهوم العمل في المراحل المبكرة لا يزال يسيطر على العديد من أولياء الأمور، خاصة مع الضائقة المالية التي تعاني منها أغلب الأسر المصرية.
واستطردت: "وللأسف في مصر لا تتوافق فرص العمل المتاحة مع قوانين عمالة الأطفال، خاصة في ظل ظروف العمل القاسية التي تتطلب التزاما بعدد معين من الساعات، وأجازة أسبوعية ليوم واحد فقط، ورواتب هزيلة لا تتناسب مع الحد الأدنى الأجور، وذلك لأن بعض أصحاب الأعمال يعتبرون تلك الوظائف تدريبا عمليا للطلاب، لا يستلزم منح أجر عادل، لذلك سنجد كثيرون يشجعون اولادهم على البحث عن عمل ملائم مناسب لسنهم ، بينما آخرين سينتابهم الخوف من تعرض الأبناء لمخاطر التعامل مع الغرباء في هذه السن المبكرة، وهم المعتمدون على أهلهم بشكل كامل".
المسئولية المبكرة
ولحسم الجدل وحتى يكون لدي أراء متعددة، أغلقت الهاتف مع د. نهال، وهاتفت د. صفا سيد أبو العزم استشاري نفسي تربية خاصة وقصصت عليها فكرة ابنتي، فقالت: "برافو عليها تفكير ممتاز، ولكن بمعايير محسوبة"، لم أفهم ما قصدته في البداية، ولكنها أكملت مستطردة: "من الجيد أن يشعر الابن والابنة بتحمل المسئولية في سن مبكرة لأن هذا الشعور، والعمل به، سيصنع منه إنسانا ناجحا في المستقبل خاصة في الوقت الحاضر الذي لم يعد فقط مطالبا به الانفتاح على العالم المحيط به فقط بل على العالم كله".
"التفكير الصحيح هو من يستطيع ان يربط بين التعلم والعمل في آن واحد"، كما قالت د. صفا، قبل أن تتابع: "كأن يعمل فرضا "كاشيير" وفي الوقت ذاته يقرأ ويتعلم عن علم المحاسبة وكيفية وضعه إقتراحات تساعد من تطور المهنة التي يعمل بها، وهو أمر ليس صعبا على الطفل المصري المعروف بذكائه، ولكن في الوقت نفسه، هناك معايير يجب أن تتوفر في الوظيفة التي يعمل بها الأبناء بالأجازة الصيفية أولها عنصر الأمن والأمان ومعرفة الأهل للمكان الذي سيعمل فيه ابنهم او ابنتهم فيجب أن تكون طبيعة العمل مناسبة وآمنة تماماً ولا تعرض الأبناء لأي نوع من المخاطر".
التقدير المناسب والمتابعة
وأشارت إلى ضرورة أن لا تتجاوز ساعات العمل الفترة المسموح بها قانوناً في أغلب الدول وهي من 6 إلى 8 ساعات يوميا،.وأن تتخلل ساعات العمل فترة راحة بمعنى ألا يكون متواصلاً، فضلا عن توفير وجبة غذاء من قبل العمل، أو على الأقل إتاحة الفرصة لتناول وجبة غداء بمعرفتهم.
"ويجب أن يحصل الأبناء بعد انتهاء العمل على تقدير مادي مناسب للجهد الذي بذلوه وشهادة خبرة بفترة عملهم"، كما ذكرت الاستشاري النفسي، وألا يتم الإقدام على هذه الخطوة بالموافقة على إلحاق الطفل بالعمل قبل سن 15 عاماً حتى يحقق العمل هدفه ومردوده المعنوي والاجتماعي.
وشددت د. صفا، على ضرورة متابعة الأبناء وتقديم الدعم لهم، وتشجيعهم على تحقيق أقصى استفادة من العمل والتحدث معهم حول أي معوقات تواجههم والاستجابة فوراً لمطالبهم إذا ما قرروا التوقف عن العمل وعدم إجبارهم على الاستمرار فيه، مختتمة: "بأنه من المفيد عندما يفكر الأبناء والأهل في التدريب الصيفي أن يكون ذلك يتوافق مع تخصصاتهم الدراسية أو على الأقل ميولهم الوظيفية فيما يتعلق بالمستقبل" .
الحقيقة أنني بقدر دهشتي من حديث ابنتي، إلا أنني سعدت بطريقة تفكيرها في تحمل المسئولية، على الرغم من رفضي لفكرة عملها في تلك السن الصغيرة، فقلت لها في محاولة لتغيير رأيها: "هل سبق أن طلبتي شيئا ولم ألبيه أنا ووالدك، فكرة العمل قد تبادر الأولاد الذين لايجدون من يلبي مطالبهم، لأي سبب، ولكنك لست منهم"، فقالت بنوع من التحد والاصرار على رأيها: "يوما ما سأعمل ولكن وقتها لن يكون لدي خبرة التعامل مع الحياة أو تحمل للمسئولية، ولكن إذا بدأت من الآن سيكون هذا بداية التأقلم، وسيتيح لي التعلم ببطء وسهولة"، ثم أضافت: "ألست دائما تقولين لي التعلم في الصغر كالنقش على الحجر وها أنا أحاول أن أطبق نصائحك بصورة عملية " .
طلبت منها مهلة حتى أفكر في الأمر ثم أعطيها رأيي النهائي بعد أن أستشير والدها، وعلى عكس توقعاتي وافق زوجي على فكرتها بل وأعجب بها ليس احتياجا للنقود ولكن حتى يتشكل لديها الوعي وتحمل المسئولية منذ الصغر.
أراء متضاربة
ولأنني أحب دائما إستشارة أهل العلم في الأمور التي لا أستطيع حسم الجدل بها، اتصلت بصديقتي د. نهال عنتر أستاذ علم الاجتماع وسألتها عن رأيها فيما تعتزمه ابنتي، فقالت: "هناك آراء متضاربة في الدراسات التي ناقشت ظاهرة اتجاه المراهقين للعمل وكسب النقود، ومدى تأثير تشغيلهم في هذه المرحلة العمرية، فمن ناحية يمكن أن تكون فرصة لتعلم دروس الحياة ومحو الأمية المالية وكيفية إدارة الوقت، لكن من ناحية أخرى، ارتبط توظيف الشباب في هذه السن بانخفاض التحصيل الدراسي وسوء السلوك وارتفاع التعرض لمشاكل سلوكية، كالتدخين والمخدرات في سن مبكرة، فضلا عن أن أجواء العمل في مصر، صعبة للكبار بشكل عام، فما بالنا بأطفال يخوضون أولى تجارب حياتهم في هذه السن".
وواصلت: "الأمر يبدو أكثر سوءا بالنسبة للفتيات، اللائي تزداد معاناتهن مع ما يتعرضن له من معاكسات أو محاولات تحرش، ونظرة المجتمع التي ترى الفتاة دائما مذنبة، وبدلا من أن يحميها القانون، فهو يعرض الأهل للمساءلة القانونية في حالة تعرضهن لأي خطر، ما بالك وهو يجرّم الآباء بعمالة أطفالهم".
الطفل العامل
وبالرغم من اهتمام وزارة التضامن المصرية بفكرة الطفل العامل، وإنشائها 17 مركزا لرعاية الطفل العامل في 14 محافظة، لتقديم الخدمات الطبية والنفسية للطفل وعائلته، وتقديم وسائل للترفيه وأنشطة داعمة لمهارات الطفل العامل دون تقييد حريته، والحديث مازال لـ د. نهال، فإن مفهوم العمل في المراحل المبكرة لا يزال يسيطر على العديد من أولياء الأمور، خاصة مع الضائقة المالية التي تعاني منها أغلب الأسر المصرية.
واستطردت: "وللأسف في مصر لا تتوافق فرص العمل المتاحة مع قوانين عمالة الأطفال، خاصة في ظل ظروف العمل القاسية التي تتطلب التزاما بعدد معين من الساعات، وأجازة أسبوعية ليوم واحد فقط، ورواتب هزيلة لا تتناسب مع الحد الأدنى الأجور، وذلك لأن بعض أصحاب الأعمال يعتبرون تلك الوظائف تدريبا عمليا للطلاب، لا يستلزم منح أجر عادل، لذلك سنجد كثيرون يشجعون اولادهم على البحث عن عمل ملائم مناسب لسنهم ، بينما آخرين سينتابهم الخوف من تعرض الأبناء لمخاطر التعامل مع الغرباء في هذه السن المبكرة، وهم المعتمدون على أهلهم بشكل كامل".
المسئولية المبكرة
ولحسم الجدل وحتى يكون لدي أراء متعددة، أغلقت الهاتف مع د. نهال، وهاتفت د. صفا سيد أبو العزم استشاري نفسي تربية خاصة وقصصت عليها فكرة ابنتي، فقالت: "برافو عليها تفكير ممتاز، ولكن بمعايير محسوبة"، لم أفهم ما قصدته في البداية، ولكنها أكملت مستطردة: "من الجيد أن يشعر الابن والابنة بتحمل المسئولية في سن مبكرة لأن هذا الشعور، والعمل به، سيصنع منه إنسانا ناجحا في المستقبل خاصة في الوقت الحاضر الذي لم يعد فقط مطالبا به الانفتاح على العالم المحيط به فقط بل على العالم كله".
"التفكير الصحيح هو من يستطيع ان يربط بين التعلم والعمل في آن واحد"، كما قالت د. صفا، قبل أن تتابع: "كأن يعمل فرضا "كاشيير" وفي الوقت ذاته يقرأ ويتعلم عن علم المحاسبة وكيفية وضعه إقتراحات تساعد من تطور المهنة التي يعمل بها، وهو أمر ليس صعبا على الطفل المصري المعروف بذكائه، ولكن في الوقت نفسه، هناك معايير يجب أن تتوفر في الوظيفة التي يعمل بها الأبناء بالأجازة الصيفية أولها عنصر الأمن والأمان ومعرفة الأهل للمكان الذي سيعمل فيه ابنهم او ابنتهم فيجب أن تكون طبيعة العمل مناسبة وآمنة تماماً ولا تعرض الأبناء لأي نوع من المخاطر".
التقدير المناسب والمتابعة
وأشارت إلى ضرورة أن لا تتجاوز ساعات العمل الفترة المسموح بها قانوناً في أغلب الدول وهي من 6 إلى 8 ساعات يوميا،.وأن تتخلل ساعات العمل فترة راحة بمعنى ألا يكون متواصلاً، فضلا عن توفير وجبة غذاء من قبل العمل، أو على الأقل إتاحة الفرصة لتناول وجبة غداء بمعرفتهم.
"ويجب أن يحصل الأبناء بعد انتهاء العمل على تقدير مادي مناسب للجهد الذي بذلوه وشهادة خبرة بفترة عملهم"، كما ذكرت الاستشاري النفسي، وألا يتم الإقدام على هذه الخطوة بالموافقة على إلحاق الطفل بالعمل قبل سن 15 عاماً حتى يحقق العمل هدفه ومردوده المعنوي والاجتماعي.
وشددت د. صفا، على ضرورة متابعة الأبناء وتقديم الدعم لهم، وتشجيعهم على تحقيق أقصى استفادة من العمل والتحدث معهم حول أي معوقات تواجههم والاستجابة فوراً لمطالبهم إذا ما قرروا التوقف عن العمل وعدم إجبارهم على الاستمرار فيه، مختتمة: "بأنه من المفيد عندما يفكر الأبناء والأهل في التدريب الصيفي أن يكون ذلك يتوافق مع تخصصاتهم الدراسية أو على الأقل ميولهم الوظيفية فيما يتعلق بالمستقبل" .
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية