تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : "صفقة القرن" وتهجير غزة.. وجهان لعملة واحدة
source icon

سبوت

.

"صفقة القرن" وتهجير غزة.. وجهان لعملة واحدة

كتب:مصطفى أمين عامر

بدعوةٍ للتطهير العرقي والاحتلال لقطاع غزة، بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية في قيادة الولايات المتحدة، متجاهلاً طرحه الأول الذي تبناه قبل خمس سنوات في ولايته الأولى والمعروف باسم "صفقة القرن"، ورغم اختلاف الصياغة بين الطرحين، إلا أنهما يتشاركان في الهدف ذاته؛ وهو سلب الشعب الفلسطيني حقوقه التاريخية في أرضه ودولته المستقبلية ذات السيادة الكاملة.

فبينما حملت "صفقة القرن" بعض الإشارات العقلانية بإقامة دولة فلسطينية، وإن كانت منزوعة السلاح وبدون القدس كعاصمة لها، إلا أن الفشل كان مصيرها، أما الطرح الجديد لترامب، فيتمحور حول السيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه، وهو ما يفتقر إلى أي منطق أو عقلانية، بل يعكس تهوراً وتطرفاً، وقد واجه هذا الطرح رفضاً قاطعاً من الدول العربية، وعلى رأسها مصر، بالإضافة إلى الدول الإسلامية وغالبية المجتمع الدولي.

فروق جوهرية
يرى الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن طرح ترامب الجديد يمثل تطوراً من سيء إلى أسوأ، فـ"صفقة القرن" كانت تقوم على التطبيع القائم على حوافز اقتصادية، وإن كانت تفاصيلها مجحفة ورفضها المجتمع العربي، أما الطرح الجديد، فهو تطبيع مقابل الأرض، وهو الأسوأ لأنه ينسف القضية الفلسطينية من جذورها، ويعبر عن أحلام اليمين الصهيوني المتطرف في الولايات المتحدة، الذي يدعم إسرائيل دون حدود.

وأضاف أن "صفقة القرن" كانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل عبر السيطرة على معظم أراضي الضفة الغربية وتفريغها من سكانها، بينما تمثل خطة ترامب الجديدة "استراتيجية جحيم" لسكان قطاع غزة، تعكس منهجاً متطرفاً ولا إنسانياً ولا أخلاقياً، يقوض أي فرص للتفاوض أو الحل، وفي حال تنفيذها، ستكون مقدمة لتطهير عرقي شامل للقطاع، يليه تصفية ممنهجة للضفة الغربية، تمهيداً للاستيلاء الكامل على كل أراضي فلسطين.

واختتم حديثه بالقول إن "صفقة القرن" ولدت ميتة، بينما يمثل طرح ترامب حول تهجير غزة جريمة حرب متكاملة الأركان وتطهيراً عرقياً تحت شعار الإعمار، وهذا يؤكد أن التعويل على إدارة ترامب لتحقيق السلام أمر مستبعد، وأنها تفتقر إلى تصورات جادة وحقيقية لحل القضية الفلسطينية.

طرح غير إنساني
من جانبه، أكد هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات والباحث في العلاقات الدولية، أن هناك فرقاً جذرياً بين الطرحين، فـ"صفقة القرن" كانت تتضمن تفاصيل حول تطبيع سياسي واقتصادي إسرائيلي-عربي مقابل دولة فلسطينية، مع مشاركة دول عديدة في توفير 50 مليار دولار لمشاريع تنموية، ورغم أن هذه الرؤية كانت منقوصة، إلا أنها كانت قابلة للنقاش والتفاوض.

أما طرح ترامب الجديد بتهجير سكان غزة وتحويلها إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، فهو نسف كامل للقضية الفلسطينية، يقوم على التهجير القسري والتفريط في حقوق الشعب الفلسطيني. وهو طرح يشوه الأخلاقيات الدولية، وينم عن جهل بالحقوق الإنسانية والتاريخية للشعوب، وينحرف عن كل القرارات الدولية التي أكدت حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه.

وأشار سليمان إلى أن الحديث المتكرر عن التهجير القسري يدفع المنطقة نحو مزيد من التوتر والصراع، ويتحدى الأمن القومي للدول المجاورة لفلسطين، خاصة مصر والأردن، كما أنه يمثل مساساً واضحاً بالأمن القومي العربي، وهو ما ظهر جلياً في التصريحات الإسرائيلية الأخيرة التي تجرأت على الأمن القومي السعودي.

ورأى سليمان أن المخرج الوحيد من هذه الأزمة التي صنعها ترامب بأفكاره غير المنطقية، يتمثل في وجود موقف عربي موحد يرفض هذا الطرح غير الإنساني وغير الأخلاقي، ويؤكد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل أرضه في الضفة الغربية وقطاع غزة، دون تهجير أو إبادة.

خطورة التوجه الجديد
بدوره، اعتبر الدكتور أحمد أمين، أستاذ العلاقات الدولية، أن خطورة طرح ترامب لا تقتصر على قطاع غزة فحسب، بل تمتد إلى إعادة النظر في وجود السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتمهيد الطريق لسيطرة إسرائيل الكاملة عليها، وهذا يمثل نهجاً أكثر تطرفاً تجاه القضية الفلسطينية، لم تمارسه حتى إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، التي وصفت بأنها من أكثر الإدارات الأمريكية دعماً لإسرائيل.

وأوضح أن "صفقة القرن" كانت تعتمد على مزج الحوافز الاقتصادية مع الضمانات الأمنية لإسرائيل، وتضم مفاوضات متعددة الأطراف، مما جعلها قابلة للنقاش رغم عيوبها، أما الطرح الجديد، فهو نهج متطرف يعتمد على النقل القسري، ولا يترك مجالاً للمفاوضات، بل يضع المطالب الإسرائيلية المتعلقة بتصفية القضية الفلسطينية في المقدمة.

واختتم بالقول إن كلا الطرحين يخدم مصالح إسرائيل، ويدعو إلى التصعيد في المنطقة. لذلك، فإن المرحلة القادمة ستشهد انعطافات أكثر خطورة مع استمرار ترامب في تصعيده، مما سيواجه برفض وتصعيد من قبل الدول العربية دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني وحقه التاريخي في إقامة دولته.







 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية