تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
انتهت الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ورغم الخسائر الفادحة التي منيت بها جميع الطراف إلا أن الطرفان أعلنا الاحتفال بالنصر في تصرف غريب، فعلى الجانب الإيراني تحاول طهران أن تثبت للداخل الإيراني أنها اسقطت نظرية الأمن الإسرائيلية بصواريخها التي طالت قلب إسرائيل ومدنها الكبرى، مسببة خسائر هائلة في البنية العسكرية والبشرية، مما اعتبرته طهران نصراً ساحقاً على الغطرسة الإسرائيلية، بينما احتفلت تل أبيب بتقويض المشروع النووي الإيراني بالكامل، وقطعت أذرعها في لبنان وسوريا وغزة، بل واخترقت أمنها السيبراني، كما اغتالت قادتها العسكريين، واستباحت سماءها وسط عجز إيراني واضح، لينتهي هذا الصراع بلا منتصر واضح، ولا مهزوم يعترف بالهزيمة.
من الردع إلى الهجوم الاستباقي
مصطفى صلاح الباحث في العلاقات الدولية ومدير مركز شمس للاستشارات والبحوث الإستراتيجية، اعتبر أن هدف الضربات العسكرية الإسرائيلية على إيران كان واضحاً منذ بداية الحرب، وتركز على:
- تعطيل اتجاهات طهران التسليحية في كثير من الملفات خاصة الملف النووي ومنصات الاطلاق الصاروخية، وهو ما أفضى بالفعل إلى نتائج ملموسة بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية.
- اختراق مراكز التحكم والسيطرة العسكرية الإيرانية عبر شبكة العملاء، والاختراق السيبرانية.
- تحييد أذرع إيران في المنطقة كحزب الله، حماس، والحوثي.
وهو ما يعني تطور ونقلة في العقيدة العسكرية الإسرائيلية نجاحها في نقل ساحات الصراع إلى خارج الحدود الإسرائيلية وهو ما نجحت إسرائيل في تنفيذه بالفعل، كما يعتبر أحد التحركات المتقدمة في نظرية الأمن القومي الإسرائيلي القائمة على التحول من الردع إلى الهجوم الاستباقي لمحاصرة التهديدات والقضاء عليها.
محدودية التصرف
وتابع صلاح، ولكن بالنظر إلى حدود الرد الإيراني نجد أن هناك مسار متغير في طبيعة قواعد الاشتباك، والمتمثلة في اعتماد مفهوم الهجوم بالهجوم، ولعل اقتصار الحرب على الطلعات الجوية والقصف الصاروخي وهو أمر محدود مقارنة بالموقف الإسرائيلي، ولكنه أعطى طهران فرصة لعدم الاندفاع في الرد، وبالتالي تطور الصراع إلى مراحل أكثر تصعيدًا.
مواجهة منفردة وضربات متدرجة
وأعتبر أن إسرائيل حاولت توظيف مختلف أدواتها العسكرية في حدود المواجهة مع إيران مثل الهجمات السيبرانية، تفعيل شبكة الجواسيس الداخلية، استهداف إيران من الداخل، ودفع الولايات المتحدة إلى التدخل على خط المواجهة، ولكن ما أثبته الواقع العملي أن إيران تمكنت من مواجهة إسرائيل بمفردها وبعيدًا عن شبكة تفاعلاتها مع الدول أو الوكلاء في المنطقة، ولعل طبيعة الضربات الإيرانية المتدرجة في مستوى الاستهداف والتدمير أفضت إلى التأثير على مجريات الوصول إلى وقف إطلاق النار من داخل إسرائيل، أو فيما يتعلق بتهديد الأمن الإقليمي والعالمي.
وأختتم صلاح حديثه بقوله: أبرز ما أنتجه هذا الصراع هو أنه أفرز متغيرات مختلفة وقواعد متغيرة عن تلك التي كانت سائدة في مسار المواجهات الإيرانية الإسرائيلية، وهذه المعادلة ستؤثر بصورة أو بأخرى على مجريات التفاوض المستقبلية، ومستوياتها وملفاتها والفاعلين المشاركين.
تطور طبيعة الصراع
الدكتور رضا فرحات، الخبير في الشئون السياسية، اعتبر إن الحرب الأخيرة بين طهران وتل أبيب مثلت تطوراً خطيراً في طبيعة الصراع الإقليمي، وكشفت عن تحولات استراتيجية في ميزان الردع والاشتباك غير التقليدي بين الطرفين على الرغم من أن كل طرف سعى لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية من المواجهة، فإن المشهد الختامي يؤكد أن كلفة الصراع كانت باهظة، وأن الطرفين خرجا بخسائر تفوق المكاسب بكثير، وإن كانت بدرجات متفاوتة.
خسائر بالجملة
وأوضح د. فرحات، أن إسرائيل كانت تسعى عبر ضرباتها العسكرية إلى إضعاف النفوذ الإيراني في الإقليم، وتحديداً في سوريا ولبنان، وعرقلة مسار برنامج إيران النووي، لكنها اصطدمت برد مباشر من طهران لأول مرة منذ عقود، وهو ما مثل تحولًا كبيرًا في قواعد الاشتباك، وأفقد إسرائيل عنصر الردع التقليدي، الذي كانت تعتمد عليه، كما أن حالة الذعر التي شهدها الداخل الإسرائيلي، وتكاليف تشغيل منظومات الدفاع الجوي بكثافة، أثرت على الروح المعنوية العامة، وكشفت حجم الثغرات في البنية الأمنية والعسكرية.
فاتورة كبيرة
وتابع د. فرحات، وبالنسبة لإيران، فرغم أنها أرادت إيصال رسالة بأنها قادرة على الرد، وأن لديها أدوات ضغط تتجاوز وكلاءها الإقليميين، إلا أن الرد الإيراني كان مكلفاً جداً من الناحية الاقتصادية والعسكرية، وفتح الباب أمام احتمال توسيع المواجهة بشكل لا يخدم مصالحها كما أن الحرب عرضت الداخل الإيراني لضغوط دولية متزايدة، وأعادت طهران إلى الواجهة كطرف مهدد للاستقرار الإقليمي في أعين القوى الكبرى.
هشاشة إقليمية
وأشار إلى أن أكثر ما كشفت عنه الحرب هو هشاشة الاستقرار الإقليمي، وغياب أي قواعد حاكمة للصراع، مما يزيد من احتمالية تكرار سيناريوهات التصعيد.
وشدد د. فرحات، على أن الخاسر الأكبر هو شعوب المنطقة التي تتحمل دومًا تبعات الحروب بالنيابة عن القوى المتصارعة، سواء من حيث المعاناة الإنسانية أو الفوضى الأمنية والاقتصادية.
خسارة جماعية
ولفت إلى أن إسرائيل خرجت من هذه المواجهة بضرر استراتيجي أكبر، حيث تلقت ضربات مباشرة أثبتت هشاشة منظومتها الدفاعية، ودفعت ثمنًا سياسياً داخلياً من خلال تآكل الثقة في القيادة العسكرية في المقابل، ورغم خسائر إيران، فإنها استطاعت كسر حاجز الردع وأثبتت قدرتها على إيصال رسائل قوية إلا أن هذا لا يعني أن أحدا خرج منتصراً، فالحرب بلا أفق سياسي دائمًا ما تنتهي بخسارة جماعية، يدفع ثمنها الأمن الإقليمي برمته.
وأختتم د. فرحات حديثه بقوله إن ضمان أمن المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إخلائها بشكل كامل من أسلحة الدمار الشامل، وفي مقدمتها الأسلحة النووية، بما فيها إسرائيل وأن ذلك يعد شرطاً أساسياً لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية