تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أعدت أيمي ماكينون تقريراً نشرته مجلة فورين بوليسي بعنوان "كيف يمكن أن تشكل حرب غزة السياسات العالمية في عام 2024؟"، أشارت فيه إلى أنه لا توجد أمور كثيرة قادرة على إثارة غضب الرأي العام العالمي مثل الحرب الجارية بين إسرائيل وفلسطين.
فقد خرج الناس منذ السابع من أكتوبر إلى الشوارع حول العالم للتعبير عن تضامنهم مع إسرائيل أو لإدانة ردها العسكري العقابي في قطاع غزة، والذي أودى بحياة أكثر من 22 ألف فلسطيني حتى الآن.
وتثير الحرب توترات كبيرة في الشرق الأوسط، مع توسع ساحة المعركة بالفعل لتشمل لبنان والعراق وسوريا والبحر الأحمر.
وبعيداً عن الشرق الأوسط، يمكن استشعار تبعات الصراع في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي أدى إلى معارك ضارية حول حرية التعبير، ومشاحنات دبلوماسية مكثفة في الأمم المتحدة، وارتفاع في جرائم الكراهية ضد اليهود والمسلمين والعرب.
ويأتي كل هذا في وقت من المقرر أن يتوجه فيه نحو 40% من سكان العالم إلى صناديق الاقتراع هذا العام في أكثر من 40 دولة.
وفي العديد منها، تعمل الحرب بين إسرائيل وحماس على خلق أو تأجيج الخلافات السياسية التي قد تكون لها عواقب انتخابية حقيقية. وخارج إسرائيل ذاتها، من المرجح أن تكون التداعيات السياسية للحرب محسوسة بشدة في الولايات المتحدة، حيث يشكل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني قضية سياسية خارجية ذات أهمية خاصة بالنسبة للناخبين.
فقد وقف الرئيس جو بايدن بحزم إلى جانب إسرائيل منذ هجوم 7 أكتوبر، وسارع إلى تقديم مساعدات عسكرية أمريكية إضافية إليها لتعزيز دفاعاتها الصاروخية، ودفع الكونغرس إلى تمرير حزمة مساعدات كبيرة لها، واستخدم حق النقض الأمريكي لمنع صدور قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة.
ومع تزايد الانتقادات على الصعيد الدولي ومن داخل حزبه بشأن سلوك إسرائيل في الحرب وعدد القتلى المذهل بين المدنيين، اتخذ بايدن موقفاً أكثر صرامة بشأن ما وصفه بالقصف الإسرائيلي "العشوائي" لغزة، ولكنه رفض بإصرار فرض شروط على المساعدات العسكرية الأمريكية للبلاد كوسيلة لتغيير أساليبها.
وقد نشأ بايدن في أعقاب المحرقة وكان دعمه لإسرائيل شخصياً وعميق الجذور، ولكنه يرأس دولة وحزباً منقسمين بشدة حول كيفية الرد على الحرب وأصبح دعم الحزب الديمقراطي الذي لا يتزعزع لإسرائيل موضع تساؤل متزايد من قبل ذراعه التقدمي.
ووسط جمهور الناخبين بشكل عام، تبدو الصورة معقدة بنفس القدر. فقد أظهر استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا، نُشر في ديسمبر، أن 57% من المشاركين لا يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الصراع.
ويرتفع هذا الرقم إلى 72% بين الناخبين الشباب، وهم فئة انتخابية رئيسية كانت وراء فوزه عام 2020 على ترامب.
وتحتل السياسة الخارجية أهمية ثانوية في الانتخابات الأمريكية، حيث أدرج ما يزيد قليلاً عن 1% من المشاركين الصراع باعتباره القضية الأكثر إلحاحاً، وفقاً للاستطلاع نفسه.
ولكن في سباق رئاسي قد تظل نتيجته مبهمة حتى النهاية، فإن دعم بايدن القوي لإسرائيل قد يكلفه أصواتاً ثمينة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان، التي تضم عدداً كبيراً من السكان العرب والمسلمين. كما يعقد الدعم الأمريكي لإسرائيل جهود واشنطن لإقناع الجنوب العالمي بالوقوف إلى جانب أوكرانيا وسط حربها المستمرة مع روسيا.
وقد سعى بايدن إلى ربط الحربين ببعضهما البعض، حيث صور أوكرانيا وإسرائيل كديمقراطيتين في حالة حرب مع أعداء يسعون إلى إبادتهما.
ولكن العديد من المراقبين اتهموا واشنطن والغرب بازدواجية المعايير في ردهم الصاخب على الاحتلال الروسي لأوكرانيا والرد الأكثر صمتاً على الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية.
ومن جانب أخر نشرت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحية بعنوان "هذا العام الانتخابي ليس كأي عام آخر"، استهلتها قائلة إنه في بداية هذا العام الانتخابي، ومع تقدم دونالد ترامب في سباق مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة، يجب على الأمريكيين أن يتوقفوا للتفكير في ما قد تعنيه ولاية ترامب الثانية لبلدهم والعالم؛ وأن يزنوا المسؤولية الجادة التي تضعها هذه الانتخابات على عاتقهم.
ولا ينبغي أن يكون لدى معظم الناخبين الأمريكيين أي أوهام حول هوية ترامب؛ فخلال السنوات العديدة التي قضاها كمطور عقاري وشخصية تلفزيونية، ثم كرئيس وكشخصية مهيمنة في الحزب الجمهوري، أظهر ترامب شخصية ومزاجاً يجعله غير صالح على الإطلاق لتولي أي منصب رفيع. فعندما كان رئيساً، مارس السلطة بلا مبالاة وبقسوة في أحيان كثيرة، ووضع غروره واحتياجاته الشخصية فوق مصالح بلاده.
والآن، بينما يشن حملة انتخابية أخرى، تظل أسوأ غرائزه قوية كما كانت دائماً -تشجيع العنف والخروج على القانون، واستغلال الخوف والكراهية لتحقيق مكاسب سياسية، وتقويض سيادة القانون والدستور، والإشادة بالمستبدين- بل وتتصاعد بينما يحاول استعادة السلطة.
إذ يخطط للانتقام، عازماً على التملص من القيود المؤسسية والقانونية والبيروقراطية التي كبحت جماحه خلال ولايته الأولى. ولذلك، توضح الصحيفة أن هدفها في بداية العام الجديد هو توجيه تحذير: فلا يقدم ترامب للناخبين أي شيء يشبه الخيار الطبيعي بين مرشحين جمهوري أو ديمقراطي، ولا محافظ أو ليبرالي، ولا حكومة كبيرة أو صغيرة. ولكنه يضع أمام الولايات المتحدة خياراً أكثر مصيرية بكثير: بين استمرار الولايات المتحدة كدولة مكرسة "لنعم الحرية لأنفسنا ولأجيالنا القادمة"، وبين رجل أظهر بفخر ازدراءا صريحاً للقانون وتدابير الحماية ومثل الدستور العليا.
فإذا كانت فصائل مختلفة من الناخبين في عام 2016 مستعدة للنظر إلى ما هو أبعد من كلام ترامب المنمق على أمل أن يتمكن من تحقيق كل ما أرادوه دون إلحاق ضرر كبير بالبلاد، فلا يوجد اليوم أي غموض حول ما سيفعله في حالة فوزه ولا حول أنواع الأشخاص الذين سيحيط نفسه بهم والأهداف الشخصية والسياسية التي سيسعى لتحقيقها.
ولا يوجد أي التباس بشأن العواقب التي قد يتحملها العالم إذا أعادت الولايات المتحدة انتخاب زعيم يُظهر علناً ازدراءه لحلفائها. وكان ترامب وحلفاؤه الإيديولوجيون يخططون لولايته الثانية منذ عدة أشهر؛ حيث أصدر ائتلاف من المنظمات اليمينية كتيباً سميكاً تحت اسم مشروع 2025، وجنَّد الآلاف من المعينين المحتملين استعداداً لهجوم شامل على هياكل الحكومة الأمريكية والمؤسسات الديمقراطية.
ويرتبط المشروع بخطط ترامب وأنصاره لإعادة تصنيف عشرات الآلاف من موظفي الحكومة حتى يمكن فصلهم إذا لم يوافقوا بالكامل على أجندة ترامب؛ كما يخطط أيضاً لتجريد وزارة العدل من استقلالها من أجل استخدامها للانتقام من أولئك الذين فشلوا، في رأيه، في ضمان فوزه في انتخابات عام 2020 أو لم يدعموا مزاعمه غير الدستورية؛ ويهدد ترامب بإيجاد طرق لاستخدام القوات الاتحادية ضد أولئك الذين قد يحتجون على سياساته وممارساته.
ولا تزال تحركات ترامب في الشؤون الخارجية مضللة وغير متماسكة إلى حد خطير. فخلال رئاسته، أبدى إعجابه المستمر بالقادة المستبدين -بما في ذلك شي جين بينغ، وفلاديمير بوتين، وكيم جونغ أون- وازدراءه للحلفاء الديمقراطيين. وأثناء وجوده في البيت الأبيض، هدد مراراً بمغادرة حلف شمال الأطلسي، وهو التحالف الذي يشكل أهمية بالغة لاستقرار أوروبا والذي يعتبره مجرد استنزاف للموارد الأمريكية؛ والآن يقول موقع حملته على الإنترنت، دون الخوض في التفاصيل، إنه يخطط "لإنهاء" عملية "إعادة التقييم الأساسية لهدف حلف الناتو ومهمته".
وقد أعلن نيته التخلي عن أوكرانيا، ما يتركها وجيرانها عرضة لمزيد من العدوان الروسي؛ وبتشجيع من رئيس أمريكي، سيواجه الزعماء الذين يحكمون بقبضة حديدية في المجر وإسرائيل والهند وأماكن أخرى ضغوطاً أخلاقية أو ديمقراطية أقل كثيراً.
وقد أوضح ترامب اقتناعه بأن "الخاسرين" فقط هم من يقبلون القيود القانونية أو المؤسسية أو حتى الدستورية؛ ووعد بالانتقام من خصومه السياسيين، الذين وصفهم بـ"الحشرات" وهددهم بالإعدام. وقد أظهر مراراً ازدراءاً عميقاً للتعديل الأول والمبادئ الأساسية للديمقراطية، وأهمها الحق في التعبير بحرية عن المعارضة السلمية لمن هم في السلطة دون خوف من الانتقام، ولم يخف استعداده لتوسيع صلاحيات الرئاسة -بما في ذلك استخدام الجيش ووزارة العدل- لتحقيق مراده. وتقول الصحيفة إن الديمقراطية في الولايات المتحدة أصبحت أقوى مع وجود حركة سياسية محافظة هائلة تحافظ على التنوع الفكري بشأن المسائل الهامة، مثل نهج الدولة في التعامل مع الهجرة والتعليم والأمن القومي والمسؤولية المالية. فلابد أن يكون هناك مجال للخلاف الحقيقي حول أي من هذه الموضوعات وغيرها الكثير، ولكن هذا ليس ما يسعى إليه الرئيس السابق.
وستشكل إعادة انتخاب ترامب مخاطر جسيمة على الولايات المتحدة والعالم، ولهذا لا يُعد الوقت مناسباً لمقاطعة الانتخابات بل يجب المشاركة فيها.
وتختتم الصحيفة الافتتاحية بمناشدة الأمريكيين بأن ينحوا خلافاتهم السياسية ومظالمهم وانتماءاتهم الحزبية جانباً وأن يفكروا -كعائلات وأبرشيات ومجالس ونوادي وكأفراد- في الأهمية الحقيقية للقرار الذي سيتخذونه في نوفمبر المقبل
فقد خرج الناس منذ السابع من أكتوبر إلى الشوارع حول العالم للتعبير عن تضامنهم مع إسرائيل أو لإدانة ردها العسكري العقابي في قطاع غزة، والذي أودى بحياة أكثر من 22 ألف فلسطيني حتى الآن.
وتثير الحرب توترات كبيرة في الشرق الأوسط، مع توسع ساحة المعركة بالفعل لتشمل لبنان والعراق وسوريا والبحر الأحمر.
وبعيداً عن الشرق الأوسط، يمكن استشعار تبعات الصراع في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي أدى إلى معارك ضارية حول حرية التعبير، ومشاحنات دبلوماسية مكثفة في الأمم المتحدة، وارتفاع في جرائم الكراهية ضد اليهود والمسلمين والعرب.
ويأتي كل هذا في وقت من المقرر أن يتوجه فيه نحو 40% من سكان العالم إلى صناديق الاقتراع هذا العام في أكثر من 40 دولة.
وفي العديد منها، تعمل الحرب بين إسرائيل وحماس على خلق أو تأجيج الخلافات السياسية التي قد تكون لها عواقب انتخابية حقيقية. وخارج إسرائيل ذاتها، من المرجح أن تكون التداعيات السياسية للحرب محسوسة بشدة في الولايات المتحدة، حيث يشكل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني قضية سياسية خارجية ذات أهمية خاصة بالنسبة للناخبين.
فقد وقف الرئيس جو بايدن بحزم إلى جانب إسرائيل منذ هجوم 7 أكتوبر، وسارع إلى تقديم مساعدات عسكرية أمريكية إضافية إليها لتعزيز دفاعاتها الصاروخية، ودفع الكونغرس إلى تمرير حزمة مساعدات كبيرة لها، واستخدم حق النقض الأمريكي لمنع صدور قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة.
ومع تزايد الانتقادات على الصعيد الدولي ومن داخل حزبه بشأن سلوك إسرائيل في الحرب وعدد القتلى المذهل بين المدنيين، اتخذ بايدن موقفاً أكثر صرامة بشأن ما وصفه بالقصف الإسرائيلي "العشوائي" لغزة، ولكنه رفض بإصرار فرض شروط على المساعدات العسكرية الأمريكية للبلاد كوسيلة لتغيير أساليبها.
وقد نشأ بايدن في أعقاب المحرقة وكان دعمه لإسرائيل شخصياً وعميق الجذور، ولكنه يرأس دولة وحزباً منقسمين بشدة حول كيفية الرد على الحرب وأصبح دعم الحزب الديمقراطي الذي لا يتزعزع لإسرائيل موضع تساؤل متزايد من قبل ذراعه التقدمي.
ووسط جمهور الناخبين بشكل عام، تبدو الصورة معقدة بنفس القدر. فقد أظهر استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا، نُشر في ديسمبر، أن 57% من المشاركين لا يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الصراع.
ويرتفع هذا الرقم إلى 72% بين الناخبين الشباب، وهم فئة انتخابية رئيسية كانت وراء فوزه عام 2020 على ترامب.
وتحتل السياسة الخارجية أهمية ثانوية في الانتخابات الأمريكية، حيث أدرج ما يزيد قليلاً عن 1% من المشاركين الصراع باعتباره القضية الأكثر إلحاحاً، وفقاً للاستطلاع نفسه.
ولكن في سباق رئاسي قد تظل نتيجته مبهمة حتى النهاية، فإن دعم بايدن القوي لإسرائيل قد يكلفه أصواتاً ثمينة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان، التي تضم عدداً كبيراً من السكان العرب والمسلمين. كما يعقد الدعم الأمريكي لإسرائيل جهود واشنطن لإقناع الجنوب العالمي بالوقوف إلى جانب أوكرانيا وسط حربها المستمرة مع روسيا.
وقد سعى بايدن إلى ربط الحربين ببعضهما البعض، حيث صور أوكرانيا وإسرائيل كديمقراطيتين في حالة حرب مع أعداء يسعون إلى إبادتهما.
ولكن العديد من المراقبين اتهموا واشنطن والغرب بازدواجية المعايير في ردهم الصاخب على الاحتلال الروسي لأوكرانيا والرد الأكثر صمتاً على الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية.
ومن جانب أخر نشرت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحية بعنوان "هذا العام الانتخابي ليس كأي عام آخر"، استهلتها قائلة إنه في بداية هذا العام الانتخابي، ومع تقدم دونالد ترامب في سباق مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة، يجب على الأمريكيين أن يتوقفوا للتفكير في ما قد تعنيه ولاية ترامب الثانية لبلدهم والعالم؛ وأن يزنوا المسؤولية الجادة التي تضعها هذه الانتخابات على عاتقهم.
ولا ينبغي أن يكون لدى معظم الناخبين الأمريكيين أي أوهام حول هوية ترامب؛ فخلال السنوات العديدة التي قضاها كمطور عقاري وشخصية تلفزيونية، ثم كرئيس وكشخصية مهيمنة في الحزب الجمهوري، أظهر ترامب شخصية ومزاجاً يجعله غير صالح على الإطلاق لتولي أي منصب رفيع. فعندما كان رئيساً، مارس السلطة بلا مبالاة وبقسوة في أحيان كثيرة، ووضع غروره واحتياجاته الشخصية فوق مصالح بلاده.
والآن، بينما يشن حملة انتخابية أخرى، تظل أسوأ غرائزه قوية كما كانت دائماً -تشجيع العنف والخروج على القانون، واستغلال الخوف والكراهية لتحقيق مكاسب سياسية، وتقويض سيادة القانون والدستور، والإشادة بالمستبدين- بل وتتصاعد بينما يحاول استعادة السلطة.
إذ يخطط للانتقام، عازماً على التملص من القيود المؤسسية والقانونية والبيروقراطية التي كبحت جماحه خلال ولايته الأولى. ولذلك، توضح الصحيفة أن هدفها في بداية العام الجديد هو توجيه تحذير: فلا يقدم ترامب للناخبين أي شيء يشبه الخيار الطبيعي بين مرشحين جمهوري أو ديمقراطي، ولا محافظ أو ليبرالي، ولا حكومة كبيرة أو صغيرة. ولكنه يضع أمام الولايات المتحدة خياراً أكثر مصيرية بكثير: بين استمرار الولايات المتحدة كدولة مكرسة "لنعم الحرية لأنفسنا ولأجيالنا القادمة"، وبين رجل أظهر بفخر ازدراءا صريحاً للقانون وتدابير الحماية ومثل الدستور العليا.
فإذا كانت فصائل مختلفة من الناخبين في عام 2016 مستعدة للنظر إلى ما هو أبعد من كلام ترامب المنمق على أمل أن يتمكن من تحقيق كل ما أرادوه دون إلحاق ضرر كبير بالبلاد، فلا يوجد اليوم أي غموض حول ما سيفعله في حالة فوزه ولا حول أنواع الأشخاص الذين سيحيط نفسه بهم والأهداف الشخصية والسياسية التي سيسعى لتحقيقها.
ولا يوجد أي التباس بشأن العواقب التي قد يتحملها العالم إذا أعادت الولايات المتحدة انتخاب زعيم يُظهر علناً ازدراءه لحلفائها. وكان ترامب وحلفاؤه الإيديولوجيون يخططون لولايته الثانية منذ عدة أشهر؛ حيث أصدر ائتلاف من المنظمات اليمينية كتيباً سميكاً تحت اسم مشروع 2025، وجنَّد الآلاف من المعينين المحتملين استعداداً لهجوم شامل على هياكل الحكومة الأمريكية والمؤسسات الديمقراطية.
ويرتبط المشروع بخطط ترامب وأنصاره لإعادة تصنيف عشرات الآلاف من موظفي الحكومة حتى يمكن فصلهم إذا لم يوافقوا بالكامل على أجندة ترامب؛ كما يخطط أيضاً لتجريد وزارة العدل من استقلالها من أجل استخدامها للانتقام من أولئك الذين فشلوا، في رأيه، في ضمان فوزه في انتخابات عام 2020 أو لم يدعموا مزاعمه غير الدستورية؛ ويهدد ترامب بإيجاد طرق لاستخدام القوات الاتحادية ضد أولئك الذين قد يحتجون على سياساته وممارساته.
ولا تزال تحركات ترامب في الشؤون الخارجية مضللة وغير متماسكة إلى حد خطير. فخلال رئاسته، أبدى إعجابه المستمر بالقادة المستبدين -بما في ذلك شي جين بينغ، وفلاديمير بوتين، وكيم جونغ أون- وازدراءه للحلفاء الديمقراطيين. وأثناء وجوده في البيت الأبيض، هدد مراراً بمغادرة حلف شمال الأطلسي، وهو التحالف الذي يشكل أهمية بالغة لاستقرار أوروبا والذي يعتبره مجرد استنزاف للموارد الأمريكية؛ والآن يقول موقع حملته على الإنترنت، دون الخوض في التفاصيل، إنه يخطط "لإنهاء" عملية "إعادة التقييم الأساسية لهدف حلف الناتو ومهمته".
وقد أعلن نيته التخلي عن أوكرانيا، ما يتركها وجيرانها عرضة لمزيد من العدوان الروسي؛ وبتشجيع من رئيس أمريكي، سيواجه الزعماء الذين يحكمون بقبضة حديدية في المجر وإسرائيل والهند وأماكن أخرى ضغوطاً أخلاقية أو ديمقراطية أقل كثيراً.
وقد أوضح ترامب اقتناعه بأن "الخاسرين" فقط هم من يقبلون القيود القانونية أو المؤسسية أو حتى الدستورية؛ ووعد بالانتقام من خصومه السياسيين، الذين وصفهم بـ"الحشرات" وهددهم بالإعدام. وقد أظهر مراراً ازدراءاً عميقاً للتعديل الأول والمبادئ الأساسية للديمقراطية، وأهمها الحق في التعبير بحرية عن المعارضة السلمية لمن هم في السلطة دون خوف من الانتقام، ولم يخف استعداده لتوسيع صلاحيات الرئاسة -بما في ذلك استخدام الجيش ووزارة العدل- لتحقيق مراده. وتقول الصحيفة إن الديمقراطية في الولايات المتحدة أصبحت أقوى مع وجود حركة سياسية محافظة هائلة تحافظ على التنوع الفكري بشأن المسائل الهامة، مثل نهج الدولة في التعامل مع الهجرة والتعليم والأمن القومي والمسؤولية المالية. فلابد أن يكون هناك مجال للخلاف الحقيقي حول أي من هذه الموضوعات وغيرها الكثير، ولكن هذا ليس ما يسعى إليه الرئيس السابق.
وستشكل إعادة انتخاب ترامب مخاطر جسيمة على الولايات المتحدة والعالم، ولهذا لا يُعد الوقت مناسباً لمقاطعة الانتخابات بل يجب المشاركة فيها.
وتختتم الصحيفة الافتتاحية بمناشدة الأمريكيين بأن ينحوا خلافاتهم السياسية ومظالمهم وانتماءاتهم الحزبية جانباً وأن يفكروا -كعائلات وأبرشيات ومجالس ونوادي وكأفراد- في الأهمية الحقيقية للقرار الذي سيتخذونه في نوفمبر المقبل
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية