تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
ضغوط نفسية، أزمات مادية، مشكلات أسرية وضغوط العمل والحياة اليومية، هذا هو حال معظم الناس اليوم، ومع تزايد الأعباء، ارتفعت الحاجة إلى الفضفضة والاستشارات النفسية التي قد تصل أحيانًا إلى ضرورة العلاج، ولطالما كان اللجوء إلى الطبيب أو الأخصائي النفسي هو الحل الأمثل، إذ لا يمكن لأي شخص أن يقدم المشورة السليمة إلا إذا كان مختصًا.
لكن في موازاة ذلك، ومع الطفرة التكنولوجية التي وضعت الهواتف الذكية في أيدي الجميع حتى الأطفال، ظهر اتجاه جديد؛ الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للفضفضة وطلب المشورة، حتى بات البعض يستبدل جلسة الطبيب النفسي بدردشة مع تطبيق ذكي.
جلسة علاج افتراضية
هدى، 38 عامًا، تعمل محاسبة في أحد البنوك، متزوجة وأم، تقول؛ بين ضغوط العمل ومسئوليات البيت كنت على وشك الانهيار، وبصراحة لم يكن لدي الوقت ولا المال لزيارة طبيب نفسي، خاصة مع وصول تكلفة الجلسة إلى نحو 1000 جنيه، بدأت أكتب يوميًا مشاعري على تطبيق شات جي بي تي، وأطلب منه اقتراح طرق لتهدئتي، كان يقترح تمارين تنفس وخططًا لتنظيم وقتي، ومع مرور الوقت انخفض توتري لمجرد الفضفضة معه، بل أصبحت أكثر هدوءًا.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل كنت أستشيره في مواقف تتعلق بتربية أولادي، فيقترح حلولًا عملية، طلبت منه أيضًا نصائح للدايت، الحفاظ على بشرتي، ترتيب السفرة، وحتى اقتراح وصفات طبخ من مكونات موجودة في الثلاجة. بصراحة شعرت أنه مفيد، ويوفر لي الوقت والمال".
صديق افتراضي
كريم، 19 عامًا، طالب بكلية إدارة الأعمال، يعترف بأنه يعاني الوحدة رغم كثرة زملائه، يحكي؛ فقدت الحافز والرغبة في فعل أي شيء، بناءً على نصيحة زميلة، حملت تطبيق ذكاء اصطناعي، صرت أحكي له أفكاري السلبية، فيقترح أنشطة وأفكارًا تشجعني، بل أوصاني بدورات جماعية أونلاين، كنت أطلب منه كلمات تشجيع أو تقنيات للتغلب على مشاعري السلبية فيلبي ذلك، وأحيانًا يساعدني في تنظيم وقتي أو اقتراح طرق للتعامل مع مشكلاتي اليومية.
الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً
لكن، كيف يمكن لتطبيق أن يعوض الطبيب النفسي؟
يجيب حسام مصطفى إبراهيم، مدرب وباحث ماجستير في الذكاء الاصطناعي، الاعتماد على الذكاء الاصطناعي ليس سيئًا إذا كان الهدف هو التخفيف من التوتر أو طلب مشورة في اتخاذ قرار، لكنه لا يمكن أن يحل محل العلاج النفسي، فالعلاج يعتمد على علاقة إنسانية بين المريض والطبيب، تتجاوز الكلمات إلى قراءة الصمت، ملامح الوجه، ولغة الجسد.
فالتطبيقات تعتمد على ملايين الصفحات من كتب الطب النفسي وتجارب العلاج لتوليد ردود، لكنها تظل محدودة، الخطورة الحقيقية تكمن في التعود الشديد عليها لدرجة فقدان القدرة على اتخاذ قرارات دونها، فضلًا عن مخاطر تسريب البيانات الشخصية.
ويضيف، لا يوجد نموذج مثالي لاستخدام الذكاء الاصطناعي كمستشار نفسي، لكن يمكن صياغة الطلب بوضوح، مثل: أنت طبيب نفسي بخبرة 20 عامًا في التحليل النفسي والعلاج المعرفي السلوكي، أريد أن أحكي لك مشكلتي بلا أحكام، ثم تقترح حلولًا بشكل مهني ومحايد.
ويؤكد الدكتور أحمد فؤاد، استشاري الطب النفسي، أن هذه التطبيقات قد تكون مفيدة في حالات الضغط النفسي الخفيف والمتوسط، كما تقدم أدوات عملية مثل إدارة الوقت، تمارين الاسترخاء، وتعديل أنماط التفكير السلبية، بالإضافة إلى تتميز بأنها متاحة في أي وقت، وبتكلفة أقل.
لكنه يحذر من أن الذكاء الاصطناعي أحيانًا يخطئ أو يوافق المستخدم على أفكار خطيرة مثل الانتحار أو العنف، لأنه يتعامل فقط مع المدخلات، لذا لا يمكن الاعتماد عليه في حالات الاكتئاب الحاد، الأفكار الانتحارية، الفصام أو اضطرابات الشخصية، فغياب التفاعل الإنساني يقلل من فعاليته، والاعتماد المفرط عليه قد يؤخر طلب المساعدة الحقيقية، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا.
بين الدعم والتبعية
إذن، الذكاء الاصطناعي قد يكون أداة مساعدة، لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن الطبيب النفسي، كما أنه قد يساعدنا في تنظيم الوقت، تخفيف التوتر، أو تقديم كلمات تشجيع، لكنه يظل "رفيقًا افتراضيًا" لا يملك القدرة على الإحاطة بالنفس البشرية بكل تعقيداتها.
الرهان الحقيقي يظل على الدمج بين التكنولوجيا والدعم الإنساني، مع وعي بالمزايا والمخاطر، حتى لا يتحول "الشازلونج الافتراضي" إلى قيد جديد بدلًا من أن يكون مساحة للراحة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية