جذب المستثمرين والسكان
تمتد "سيناء" على مساحة 61 ألف كيلو متر مربع، وهي حلقة الوصل بين قارتي أفريقيا وآسيا، كما تقع على البحرين الأحمر والأبيض، وخليجي السويس والعقبة.

تشهد حالياً تحولات كبيرة في البنية التحتية، لكافة القطاعات التنموية، مما جعلها وجهة جاذبة للمستثمرين والمواطنين معاً، حيث تمكين الإنسان وتوطينه واستقراره، بما يعزز الأمن القومي، ويعيد رسم خريطة التوزيع السكاني في مصر، ويدمج سيناء بالكامل في جسد الدولة، ويحقق حلم الأجيال القادمة في العيش الكريم على أرض العبور الثاني.

تريليون جنيه.. استثمارات
حسب الإحصاء الرسمي من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، تجاوز إجمالي الاستثمارات العامة لتنمية سيناء، حاجز تريليون جنيهاً، في كافة المشروعات، آخرها 40 ملياراً في العام المالي الحالي 2024- 2025، لإقامة 5 تجمعات تنموية في شمال سيناء، وتوفير مصادر ري لـ 15 ألف فدان، منها 11 ألفاً في بئر العبد، وتطوير نفق طابا، وطريق "نويبع – النقب"، وغيرها.

1- التنمية العمرانية والبنية التحتية
"البنية التحتية" من أهم الأسس التي تسهم في جذب السكان والمستثمرين إلى أي منطقة، وخاصة في سيناء، التي كانت تعاني من نقص في هذه البنية لسنوات طويلة، حتى قامت الحكومة المصرية، بتنفيذ مشروعات ضخمة في مجال الطرق والنقل والمرافق العامة، لتحسين جودة الحياة للمواطنين، وتشجيع الاستثمار.

وحسب الدكتور مصطفى علي، خبير التخطيط العمراني، أن سيناء ومدن القناة لهم ارتباط وثيق ببعضهم البعض، والتنمية تشملها جميعا لتكاملها، وشمل تخطيط الدولة بها – طبقا لبيانات وزارة الإسكان - إنشاء 7 مدن جديدة منها ما تم إنشاؤها وتطويرها، ومنها ما هو جاري العمل به، لتضم 5 ملايين نسمة، ونفذت 56.3 ألف وحدة إسكان اجتماعي، و54.5 ألف وحدة إسكان اجتماعي لتطوير العشوائيات لتصبح هذه المنطقة خالية من العشوائيات تماما وآمنة.

إضافة إلى ذلك 4382 بيتاً بدوياً تم تنفيذها، و18 تجمعاً تنموياً في شمال وجنوب سيناء، و17 أخرى جاري تنفيذها، و78 مشروع لمياه الشرب تم تنفيذها بطاقة مليون متر مكعب في اليوم، و86 مشروع صرف صحي بطاقة 794 متر مكعب يومياً، و46 محطة تحلية مياه البحر انتهت الدولة منها في سيناء.

وطورت الدولة شبكة الطرق الرئيسية بسيناء بطول 5 آلاف كيلو متراً، لتسهيل التنقل بين مدنها والمحافظات، أبرزها طريق "النفق – شرم الشيخ" بطول 342 كم، وطريق "الاسماعيلية - العوجة" بطول 221 كم وعرض 25 متراً.

وأطلق خط سكة حديد "الفردان – بئر العبد" بطول 100 كيلو مترًا، ليسهل حركة النقل للأفراد والبضائع من سيناء إلى باقي المحافظات، وخدمة التجمعات السكنية والصناعية، وهذه المسافة هي المرحلة الأولى للمخطط المقرر بطول 500 كيلوا متراً، من الفردان إلى شرق بورسعيد ثم بئر العبد والعريش وطابا.

كما نفذت العديد من الأنفاق أسفل قناة السويس، لتسريع الحركة من وإلى سيناء، ومنها نفق "الشهيد أحمد حمدي 2" بطول 4.25 كم وعمق 70 مترًا، والذي يربط شرق القناة بغربها بسهولة وأمان، ونفق "الجندي المجهول".

هذا بخلاف 5 كباري عائمة ومعديات بين الضفتين الشرقية والغربية لقناة السويس، ومنها كباري "النصر العائم" بين بورسعيد وبورفؤاد، و "الشهيد أحمد منسي" بمنطقة نمرة ٦ بمدينة الإسماعيلية، و "الشهيد أبانوب جرجس" بمنطقة القنطرة شرق قناة السويس، و "الشهيد أحمد عمر شبراوي" بمنطقة الشط ويربط سيناء بالسويس، و "الشهيد طه زكي" بمنطقة سرابيوم ويربط سيناء بمحافظة الإسماعيلية.

إضافة إلى تطوير ميناء نويبع البحري حلقة الوصل بين مصر ودول الخليج، وشريان التجارة بين الدول العربية، وكذلك طورت ميناء شرم الشيخ.

2 - الاقتصاد والصناعة
أكد إبراهيم أحمد، الخبير الاقتصادي، أن الحكومة المصرية، تعمل على جذب الاستثمارات لسيناء، من خلال تسهيل الإجراءات الاستثمارية، وتخصيص أراضي صناعية في مناطق استراتيجية لتشجيع المشروعات الصناعية الجديدة، وتوفر مئات الفرص الاستثمارية، بجانب 8 تجمعات صناعية أخرى قائمة، ودعم القطاع الصناعي بتخصصات جديدة مثل الأسمنت والبلاستيك، مما حسن مؤشرات التنمية في المنطقة، ومهد الطريق لإيجاد مشروعات ضخمة تخدمها شبكة الطرق الكبيرة والأنفاق والكباري القائمة.

كما تنفذ الدولة لجذب السكان لسيناء، خطة تنموية خمسية متكاملة، وخاصة في الشمال بقيمة 363 مليار جنيه، وذلك لتنفيذ 302 مشروعاً، بهدف تحسين مستوى المعيشة، وتأسيس مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية وسياحية متكاملة وجديدة.

3- رفع إنتاجية القطاع الزراعي
نفذت الحكومة مشروعات كبرى للاستصلاح الزراعي، ضمت 285 ألف فدانًا بشمال سيناء، في إطار مشروع تنمية سيناء، ووفقًا لوزارة الزراعة، تم إنشاء شبكة من محطات الري الحديثة، بما في ذلك نظام الري بالتنقيط الذي يسهم في استخدام المياه بشكل أكثر كفاءة، وارتفعت إنتاجية العديد من المحاصيل مثل القمح والذرة بنسبة تزيد عن 30% في مناطق الاستصلاح الجديدة، كما أنشأت محطات لتحلية المياه في مناطق مختلفة من سيناء، وتنفيذ مشروعات لتطوير الاستزراع السمكي في بحيرة البردويل التي تقدر مساحتها بحوالي 2500 كم مربع، لزيادة الإنتاج المحلي من الأسماك.

كما وفرت الدولة المياه للزراعة وغيرها، من خلال أكبر محطات تم إنشاؤها، ومنها محطة بحر البقر بطاقة 5.6 مليون متر مكعب في اليوم، ومحطة المحسمة بطاقة إنتاجية مليون متر مكعب في اليوم.

4- الطاقة والتنمية المستدامة
يشكل قطاع الطاقة جزءاً أساسياً في تطوير سيناء، خاصة مع التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، ومنها الشمسية وطاقة الرياح، وتم إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية، لتقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية، وكذلك تم تطوير مشروعات طاقة الرياح في منطقة "الزعفرانة" على البحر الأحمر، وتتجاوز قدرتها الإنتاجية 2000 ميجاوات، ومحطة الطاقة المتجددة "جبل الزيت لطاقة الرياح" بقدرة 580 ميجاوات بتكلفة 12 مليار جنيه، مما يعزز من قدرة سيناء على تأمين احتياجاتها من الكهرباء، وفقاً لتقرير وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.

وبلغ عدد المشتركين في الكهرباء 1.5 مليون مشترك، يستفيدون من المحطات الموجودة ومنها محطة كهرباء الشباب بقدرة 1500 ميجاوات، العين السخنة بقدرة 1300 ميجاوات.

أما في مجال الغاز الطبيعي، فقد تم تنفيذ شبكات الغاز في مختلف أنحاء سيناء، وتجاوزت أطوال خطوط الغاز هناك 1500 كيلو متر، مما ساهم في رفع مستوى الاستدامة في المنطقة وتعزيز نمو القطاع الصناعي.

أما على صعيد مشاريع الطاقة، فقد تم تأسيس محطات طاقة كبيرة، مثل محطة كهرباء الشباب الجديدة، العين السخنة، ومحطة الرياح في خليج السويس.

ويبلغ عدد مشروعات الكهرباء المطورة بسيناء ٤٧ مشروعاً، تضم توصيل التيار الكهربي للمناطق النائية، والقرى، والتجمعات السكنية.

5. السياحة والبيئة
شهد القطاع السياحي في سيناء تطوراً كبيراً، حيث تم تطوير العديد من المناطق المتميزة، التي تجعل من سيناء وجهة سياحية عالمية، وتعتبر مدينة شرم الشيخ من أبرز المدن السياحية في مصر، والتي استفادت من تطوير البنية التحتية بها، مثل بناء الفنادق والمرافق السياحية الراقية، فوفقاً لبيانات وزارة السياحة والآثار، استقبلت شرم الشيخ العام الماضي أكثر من 3.5 مليون سائح.

كما تم تطوير العديد من المحميات الطبيعية ومنها محمية "سانت كاترين"، التي تحتل مكانة هامة في السياحة البيئية، وشهدت المحميات الطبيعية في سيناء زيادة ملحوظة في عدد الزوار بنسبة تصل إلى 25% مقارنة بالأعوام السابقة، نتيجة الجهود المبذولة في تحسين خدمات الزوار وتطوير الأنشطة السياحية البيئية.

وشهد القطاع تطوير مجموعة من المشروعات الثقافية والسياحية الكبرى، منها متحف شرم الشيخ بتكلفة 812 مليون جنيها، وقصر ثقافة شرم الشيخ، وقصر ثقافة العريش.

وفي شمال سيناء، تعمل المحافظة على تطوير كورنيش العريش، ليتحول من كيان قديم إلى واجهة حضارية ومزار سياحي حديث، يضم ممشى سياحي، وكافيتريات، ومناطق انتظار، ومرافق ترفيهية، مما يسهم في إحياء مدينة العريش كعاصمة حضارية واقتصادية، وجذب الفعاليات السياحية والثقافية، ودعم الاستقرار الأمني والنهضة العمرانية التي تشهدها المدينة.

6- التعليم والصحة
من أجل تحسين مستوى حياة السكان في سيناء، أنشأت الحكومة العديد من المنشآت التعليمية والصحية التي تخدم المواطنين، ومنها 12 جامعة جديدة ومدارس حديثة في مدن مثل العريش ورفح، ما يسهم في تحسين جودة التعليم في المنطقة، ضمت 152 مدرسة جديدة، ليصبح الإجمالي في سيناء 3094 مدرسة.

وفي مجال الرعاية الصحية، تم إنشاء مستشفيات جديدة ومراكز صحية في معظم أنحاء سيناء، تضم 58 مستشفى و171 مركز صحي، بما في ذلك مشروع التأمين الصحي الشامل، حيث تم بناء 41 منشأة صحية ومستشفى جديدا في شمال وجنوب سيناء، توفر رعاية طبية شاملة للمواطنين، إلى جانب قوافل طبية وعيادات متنقلة تجوب القرى والنجوع النائية، وتوفير الأدوية والعلاج المجاني للفئات الأكثر احتياجاً.

7- مستقبل سيناء
من بين المشروعات المستقبلية التي تعتزم الحكومة تنفيذها في سيناء، هو مشروع الاستزراع السمكي في بحيرة البردويل، والتي تبلغ مساحتها 165 ألف فدان، وبطول 92 كيلو مترا بمحاذاة الساحل الشمالي، ويُتوقع أن يساهم في زيادة الإنتاج السمكي بمقدار 30% خلال السنوات المقبلة، كما تواصل الحكومة تطوير مشروعات جديدة في مجال السياحة البيئية، كما تسعى لإنشاء مناطق صناعية جديدة في منطقة "المحور التنموي" بسيناء.