تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في السنوات الأخيرة لم يعد العلاج بمنتجات النحل مقصورًا على الوصفات الشعبية أو التجارب الفردية، بل أصبح مجالًا علميًا مدعومًا بالأبحاث والدراسات السريرية الحديثة، فقد انشغلت مراكز بحثية وجامعات حول العالم، ومنها مصر، باستكشاف قدرات سم النحل في مواجهة الأمراض المزمنة مثل الروماتويد والتهاب المفاصل وغيرها، كما طُورت أساليب مبتكرة للاستفادة منه، من بينها استخدام تكنولوجيا النانو، وطرق الحقن والاستنشاق، لزيادة كفاءة العلاج وضمان سلامته.
علاج لأمراض خطيرة
يقول الدكتور أحمد حجازي، رئيس وحدة العلاج بمنتجات النحل بالمركز القومي للبحوث، إن العسل وسم النحل والعكبر وحبوب اللقاح تحتوي على مواد مضادة للبكتيريا والفيروسات والالتهابات، مما يجعلها ذات فاعلية في علاج العديد من الأمراض مثل السرطان، حيث أظهرت الدراسات أن مادة الميليتين، التي تشكل ما بين 40–60% من الوزن الجاف لسم النحل، لها خصائص مضادة للالتهابات والسرطان، وقادرة على إبطاء نمو بعض الخلايا السرطانية.
كما يمكن الاستفادة من منتجات النحل في علاج بعض الأمراض الجلدية مثل الصدفية والإكزيما، وكذلك الأمراض العصبية مثل الزهايمر والتصلب المتعدد، وأمراض المناعة الذاتية، إضافة إلى الربو والتهابات الشعب الهوائية.
ويضيف د. حجازي أن العلاج لم يعد مقتصرًا على لسع النحل المباشر كما كان في الطرق التقليدية، بل ظهرت تطورات حديثة أبرزها العلاج الموضعي باستخدام جرعات دقيقة من سم النحل تُحقن بواسطة أجهزة متطورة تتحكم في كمية السم وتركيزه، بدلًا من اللسع المباشر، وتتم هذه العملية تحت إشراف طبي لتجنب المخاطر العشوائية.
العلاج بالسم
ويشرح أن جمع السم يتم بطريقة علمية وآمنة لا تُلحق الضرر بالنحلة، وذلك باستخدام جهاز كهربائي بسيط يُوضع عند مدخل الخلية، يُصدر الجهاز نبضات كهربائية خفيفة تحفز النحل على لسع سطح زجاجي مغطى بطبقة بلاستيكية، فيترسب السم على السطح ليتم جمعه وتجفيفه، وتكمن الميزة في أن النحلة تفرغ سمها دون أن تفقد إبرتها، فتظل حية وتواصل عملها، بينما الطرق التقليدية كانت تؤدي إلى موت أعداد كبيرة من النحل نتيجة الصعق.
النانو تكنولوجي
كما ظهر اتجاه جديد في العلاج باستخدام النانو تكنولوجي، حيث يتم دمج سم النحل أو العكبر داخل جزيئات نانوية تستهدف الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا السليمة، وهناك أيضًا العلاج بالاستنشاق، الذي يعتمد على استنشاق هواء الخلية الممزوج بمواد طيّارة مضادة للميكروبات، وقد بدأت بعض الدول الأوروبية بتطبيق هذه الطريقة لعلاج مرضى الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى ذلك، تُطرح مستحضرات طبية تحتوي على مواد معزولة من منتجات النحل بجرعات محددة وبجودة طبية عالية.
ويؤكد د. حجازي أن العلاج بمنتجات النحل يحتاج إلى إشراف طبي صارم، إذ قد يسبب حساسية قاتلة لبعض المرضى، كما أن الإفراط في تناول العسل دون ضوابط قد يؤدي إلى مضاعفات صحية، ووفقًا لتقارير الاتحاد الدولي لجمعيات النحالين، فإن السنوات المقبلة ستشهد دخول المزيد من المستحضرات الطبية المعتمدة على سم النحل والعكبر إلى الأسواق، خصوصًا لعلاج الأورام وأمراض المناعة الذاتية، بعد أن أثبتت التجارب المعملية فعاليتها.
طرق العلاج
ومن جانبه، يقول كمال البسيوني، ممارس العلاج بمنتجات النحل، إن هناك نوعين من العلاج:
الأول باستخدام سم النحل المستخلص: حيث يتم جمع السم بوسائل حديثة وإضافة مواد أخرى إليه ليُستخدم في صناعة كريمات أو حقن تُعطى للمريض في أماكن الألم.
الثاني باللسع المباشر: حيث يعتمد على لسع النحل للمريض مباشرة، ولكن بعد اختبار الحساسية للتأكد من قدرة الجسم على التحمل. فإذا ظهر أثر للحساسية، يبدأ العلاج بلسعة واحدة في موضع الألم على عدة جلسات، مع إعطاء المريض دواء مضادًا للحساسية.
ويضيف البسيوني أن السم الناتج من لسع النحل المباشر يكون سائلًا يدخل إلى الخلايا العصبية مباشرة، ويهاجم مسببات المرض بفضل مضاداته الحيوية الطبيعية، مما يجعله من أقوى العلاجات الطبيعية في العالم.
ويشير إلى أن أكثر من 40% من الحالات التي تتردد عليه تعاني من الغضروف والروماتيزم والروماتويد، بينما تتوزع النسبة الباقية على أمراض أخرى مثل مشكلات النظر والصداع النصفي وغيرها.
ويؤكد البسيوني أن لكل مريض قدرة مختلفة على تحمّل عدد اللسعات، وبالتالي تُحدد الجرعات حسب استجابة الجسم، فهناك من يحتاج جلسة كل يومين، وآخر كل أسبوع، أو كل ثلاثة أيام، ويُلاحظ أن النحل غالبًا ما يلسع في موضع الألم نفسه دون توجيه.
كما أن عدد اللسعات يختلف من مريض لآخر، فقد يكتفي بعضهم بلسعة واحدة، بينما يتحمل آخرون حتى ست لسعات في الجلسة الواحدة، ويطلب بعض المرضى زيادة عدد اللسعات لتسريع الشفاء وتقليل عدد الجلسات، وغالبًا ما يحتاج الجسم إلى ثلاث جلسات في المتوسط للتعافي من المرض.
ويروي البسيوني أن بعض المرضى الذين فقدوا الأمل في العلاج الدوائي يلجئون إلى العلاج بالنحل، ويذكر حالة مريضة كانت عاجزة عن الحركة لسنوات بسبب الخشونة والروماتيزم، وبعد خضوعها لست جلسات من العلاج بالنحل تمكنت من المشي مرة أخرى.
ومن التجارب الجديدة التي أجراها، علاج بعض حالات الإدمان، حيث استقبل ثلاثة مرضى مدمنين وبدأ العلاج بلسعتين في أعلى الفقرات، ثم بست لسعات في الجلسة الواحدة على مدار ست جلسات، وقد لاحظ أن المرضى شعروا بمرارة عند محاولة تعاطي المخدر مرة أخرى، ما دلّ على استجابتهم للعلاج، وبالفعل تماثلوا للشفاء شريطة امتلاكهم الإرادة.
كما يوضح أن العلاج بالنحل يُستخدم أيضًا مع مرضى الأورام السرطانية، إما بالطرق الحديثة التي تستغرق وقتًا أطول، أو بالطرق التقليدية عبر عدد محدد من الجلسات، ويختتم البسيوني بالتأكيد أن العلاج بالنحل لا يغني عن العلاج الدوائي، لكنه يمثل باب أمل لمن لم يجدوا نتائج من الوسائل الطبية التقليدية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية