في مصر، شهدت الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في استخدام المبيدات بأنواعها المختلفة لتعزيز الإنتاج الزراعي وتلبية احتياجات السوق المحلية، ومع ذلك، فإن الإفراط في استخدام هذه المبيدات يهدد الاقتصاد الوطني، ويؤثر سلبًا على صحة المستهلكين، كما يعرض الصادرات الزراعية المصرية للخطر.

وذكرت وزارة الزراعة أن كمية المبيدات المستخدمة في الأراضي الزراعية المصرية تقدر بنحو 10 آلاف طن سنويًا، في حين، يبلغ الإنتاج العالمي من المبيدات حوالي 5 ملايين طن.

ضوابط صارمة للتسجيل 
أوضح الدكتور مصطفى عبد الستار حماد، أمين لجنة مبيدات الآفات الزراعية بوزارة الزراعة، أنه لا يتم تسجيل أي مبيد في مصر إلا بعد إجراء تجارب حقلية تحت الظروف المصرية، مع مراعاة المطابقة الكاملة للصفات الطبيعية والكيميائية وقياس مدى الأمان على صحة المواطن والبيئة. 
 
وأشار إلى وجود 720 محطة تجريب تابعة لوزارة الزراعة منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية، حيث يتم اختبار المبيدات لمدة سنتين متتاليتين للتأكد من عدم وجود آثار سلبية على النباتات.

وأضاف د. حماد أن مصر لا تقوم بتصنيع المبيدات الزراعية بسبب تكاليفها الباهظة، مما يدفعها إلى استيرادها من دول مثل ألمانيا، اليابان، الصين، والهند، مع فرض شروط صارمة على استيرادها، كما كشف عن خطة لخفض استهلاك المبيدات الكيماوية بنسبة 50% بحلول عام 2030، والتحول نحو المبيدات الحيوية، مع تنفيذ برامج تدريبية لرفع كفاءة العاملين في هذا المجال.

إدارة مستدامة للمبيدات
أكد د. حماد أهمية الإدارة المستدامة للمبيدات، مشيرًا إلى مشروع دولي يهدف إلى تحسين إدارة المبيدات في 9 دول عبر أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، باستثمارات تزيد عن 13 مليون دولار. 

ويهدف المشروع إلى تعزيز التعاون بين الجهات المعنية لحماية صحة الإنسان والبيئة، وتقليل الاعتماد على المبيدات عالية الخطورة، وتشجيع الابتكار في تطوير مبيدات أقل سمية.

متبقيات المبيدات وتأثيرها على الصادرات
من جانبها، أشارت الدكتورة هند عبد اللاه، مدير المعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية بوزارة الزراعة، إلى أهمية الالتزام بالحدود القصوى المسموح بها دوليًا في استخدام المبيدات، وأوضحت أن المحاصيل المعالجة بالمبيدات ليست خالية تمامًا من المتبقيات، لكنها تكون ضمن الحدود الآمنة التي تحددها معايير دولية مثل هيئة الكودكس (الدستور العالمي للغذاء).
 
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي قام بتحديث مواصفاته للحدود القصوى لمتبقيات المبيدات منذ عام 2008، مع توحيد النظام لضمان سلامة الأغذية المستوردة، كما أكدت أن الهيئات الدولية تقوم بدراسات متخصصة لتحديد درجة سمية المبيدات وتأثيرها على الإنسان والبيئة، مع مراعاة الفئات العمرية الأكثر حساسية.

تأثير مباشر على المحاصيل
أشارت د. هند إلى أن متبقيات المبيدات في المحاصيل الزراعية تؤثر بشكل مباشر على الصادرات المصرية، حيث تقوم الدول المستوردة بفحص الشحنات للتأكد من مطابقتها للمواصفات الدولية. 

وفي حال اكتشاف مخالفات، يتم إرجاع الشحنة أو تحويلها إلى دول أخرى تقبل النسب المخالفة، وأضافت أن مصر تمكنت من زيادة صادراتها الزراعية خلال السنوات الأربع الماضية، حيث بلغت الصادرات في عام 2024 نحو مليون و200 ألف طن.

فحص الشحنات قبل التصدير
من جهتها، أكدت الدكتورة هالة أحمد عبد العال، أستاذ فسيولوجيا إنتاج الخضر بمعهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة مدينة السادات، أن شحنات التصدير تخضع لفحص دقيق في الجمارك قبل خروجها من البلاد، للتأكد من مطابقتها للمواصفات الدولية وضمان جودة المنتجات الزراعية المصرية.

في النهاية، يبقى تحقيق التوازن بين زيادة الإنتاج الزراعي وحماية البيئة وصحة الإنسان تحديًا كبيرًا يتطلب جهودًا متواصلة من جميع الأطراف المعنية، مع ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لضمان استمرارية الصادرات المصرية وحماية الاقتصاد الوطني.