تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : رغم خطورته على الحامل.. الكبدة كنز صحي يعزز المناعة
source icon

سبوت

.

رغم خطورته على الحامل.. الكبدة كنز صحي يعزز المناعة

كتب:مروة علاء الدين 

 في كل عيد أضحى، وبين أصوات التهاني وروائح الطهو الأولى، تتقدم "الكبدة" إلى صدارة المائدة المصرية والعربية، بوصفها طبقًا يحتفي به الناس مبكرًا، حتى قبل أن تبرد سكاكين الأضاحي، ورغم أن الكثيرين يتعاملون معها كوجبة موسمية ذات نكهة خاصة، إلا أن الكبدة تظل أكثر من مجرد لحم طازج أو عادة اجتماعية، فهي في الواقع "دواء غذائي" مزدوج التأثير؛ قد يكون كنزًا للصحة عند الاعتدال، أو قنبلة صامتة إن أُفرط في تناولها دون وعي بالمخاطر والاحتياطات، فكيف نأكل الكبدة بذكاء، فنأخذ منها الدواء ونتجنب منها الداء؟

خزانة غذائية
يصف الدكتور مجدي عبد الرحيم، أخصائي التغذية العلاجية، الكبدة بأنها من أكثر الأغذية العضوية كثافةً في القيمة الغذائية، ويؤكد أن "كبدة البقر أو الغنم أو الدجاج تحتوي على تركيزات استثنائية من البروتينات عالية الجودة، والدهون المفيدة، والفيتامينات، والمعادن النادرة التي يصعب توفرها في منتج غذائي واحد".

وبتحليل تركيبتها، نجد أن الكبدة تجمع بين الحديد الهيمي – وهو نوع يُمتص بسهولة في الجسم – والزنك، والسيلينيوم، ومجموعة فيتامينات B، وعلى رأسها B12، إلى جانب فيتامين A، وB6، وحمض الفوليك (B9)، ومركبات حيوية نشطة تلعب أدوارًا مهمة في تقوية المناعة، وتحسين الأداء البدني، ودعم الصحة العصبية والإنجابية.

تدعم الخصوبة
الفوائد الطبية لتلك المكونات لا تتوقف عند دعم المناعة فقط، بل تمتد إلى تحسين الصحة الجنسية والخصوبة لدى الرجال والنساء، ويوضح د. مجدي أبرز هذه العناصر ووظائفها الصحية:

- فيتامين B12: يلعب دورًا محوريًا في تكوين خلايا الدم الحمراء ونقل الأوكسجين، مما يعزز طاقة الجسم ويُحسن من كفاءة القلب والعضلات. ونقصه قد يؤدي إلى الدوخة والتعب واضطرابات المزاج.

- فيتامين A: مسئول عن تقوية المناعة وصحة الجلد والعين، كما أنه داعم للخصوبة، خاصة عند الرجال، حيث يقلل من الإجهاد التأكسدي ويحسّن من جودة الحيوانات المنوية.

- فيتامين B6: ينظم التوازن الهرموني لدى الجنسين، ويعزز إنتاج السيروتونين والدوبامين اللذين يساهمان في تحسين المزاج وتقليل التوتر المرتبط بالضعف الجنسي.

- حمض الفوليك (B9): عنصر أساسي لإنتاج خلايا الدم الحمراء، وله دور بالغ الأهمية لدى النساء الحوامل في الوقاية من التشوهات الخلقية، كما يعزز تدفق الدم للأعضاء التناسلية.

- الحديد والزنك والسيلينيوم: يعمل الثلاثي معًا على تقوية جهاز المناعة، ودعم الصحة الجنسية، ومساعدة الجسم على محاربة الالتهابات وتحسين الأداء البدني.

المركبات الحيوية الفعالة
ومن جانبه يوضح الدكتور عبد الله الشرقاوي، أخصائي التغذية العامة، أنه على مستوى استعادة النشاط والطاقة الجسدية، فيبرز دور مركبات فعالة مثل:

- الجلوتاثيون: مضاد أكسدة قوي يعزز قدرة الخلايا على إصلاح نفسها، ويُبطئ علامات التقدم في السن.
- الإنزيم المساعد Q10: يحفز إنتاج الطاقة في الخلايا ويُقوي عضلة القلب.
- الـ كارنيتين: يساعد في تحويل الدهون إلى طاقة، ما يجعله مفيدًا للرياضيين والأشخاص الذين يرغبون في تحسين اللياقة.

وبحسب أخصائي التغذية العامة، فإن هذه المركبات تجعل من الكبدة أكثر من مجرد طعام، بل مصدرًا مركزًا للطاقة والتجدد، شريطة احترام الجرعة وتوقيت الاستهلاك.

الاعتدال مفتاح السلامة
رغم الفوائد العديدة، يُجمع الخبراء على أن الكبدة قد تتحول إلى عنصر ضار إذا تم تناولها بإفراط، سواء يوميًا أو بكميات كبيرة دفعة واحدة، ويحذر د. الشرقاوي من:

- ارتفاع خطر التسمم بفيتامين A، الذي يؤدي إلى مشكلات في الكبد، وصداع مزمن، وغثيان.
- زيادة الكوليسترول الضار، خصوصًا لدى من لديهم استعداد وراثي أو تاريخ مرضي مع أمراض القلب.
- تراكم بعض المعادن الثقيلة، مثل النحاس، التي قد تضر الكبد والكلى على المدى الطويل.

الكبدة والحمل
ترتبط الكبدة في بعض البيوت بوصفة غذائية "تقوّي الحامل"، خصوصًا بفضل محتواها العالي من الحديد وفيتامين B12، لكن د. الشرقاوي يحذر من الإفراط، مؤكدًا أن فيتامين A بنسخته الحيوانية (الريتينول) قد يكون ضارًا جدًا للجنين، خصوصًا في الشهور الأولى، حيث يزيد من احتمالات التشوهات الخلقية، وينصح بأن:

- لا يتم تناول الكبدة بشكل منتظم أثناء الحمل دون استشارة الطبيب.
- تُتناول بكميات صغيرة جدًا وعلى فترات متباعدة.
- تُؤخذ فقط بعد تقييم الحالة التغذوية للحامل ومعرفة بدائل أكثر أمانًا.

الطهو الصحيح 
كثيرون لا يعرفون أن طريقة الطهو قد تغيّر من الكبدة تمامًا من وجبة مفيدة إلى وجبة مرهقة للمعدة، وهنا تشدد الدكتورة أسماء صالح، أخصائية التغذية، على أهمية تجنّب القلي العميق أو استخدام الزيوت المهدرجة، وتقترح:

- استخدام السمن البلدي أو زيت الزيتون بكميات معتدلة.
- الطهو السريع (تشويح) للحفاظ على الفيتامينات الحساسة للحرارة.
- إضافة البصل والثوم والكمون لتسهيل الهضم وتحسين الطعم.
- تناول الكبدة بجانب مصدر لفيتامين C مثل عصير الليمون أو الطماطم الطازجة لتحسين امتصاص الحديد.

الكبدة النيئة
من التقاليد التي ما تزال منتشرة في بعض المناطق، خاصة في عيد الأضحى، تناول الكبدة وهي نيئة تمامًا، ظنًا بأنها أكثر فائدة، لكن هذا الاعتقاد، كما تؤكد الدكتورة ندى قورة، استشاري الجهاز الهضمي، قد يكون مهددًا للحياة.

وتوضح أن الكبدة النيئة قد تكون حاملة لبكتيريا خطيرة مثل السالمونيلا والإيشيريشيا كولاي، فضلًا عن طفيليات مثل ديدان الكبد والتوكسوبلازما، التي تهدد صحة الإنسان، خصوصًا الأطفال والحوامل وكبار السن وضعاف المناعة، وتحذر د. قورة من أن:

- التوكسوبلازما قد تنتقل عبر الكبدة النيئة وتؤثر على الأجنة.
- غياب الرقابة البيطرية على الأضاحي يزيد من خطر انتقال الملوثات أو بقايا أدوية بيطرية.
- الطهو الكافي يقتل هذه الطفيليات، ويوفر أمانًا غذائيًا لا يقل أهمية عن القيمة الغذائية نفسها.

وتشير د. قورة إلى أن منظمات الصحة العالمية مثل WHO وFDA تنصح دائمًا بطهي الكبدة جيدًا، لأن السلامة الغذائية لا تقل أهمية عن القيمة الغذائية.
وأخيرًا، الكبدة ليست مجرد طبق موسمي في عيد الأضحى، بل وجبة فائقة القيمة الغذائية، قادرة على دعم الصحة العامة وتعزيز النشاط والخصوبة، إذا تم تناولها بعناية ووعي، فهي غذاء دوائي يحتاج احترام التوازن، لا الاستسلام للذة اللحظة.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية