تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : رغم النجاح والحق في الحياة.. زواج مصابي متلازمة داون بين المسئولية والمشروعية
source icon

سبوت

.

رغم النجاح والحق في الحياة.. زواج مصابي متلازمة داون بين المسئولية والمشروعية

كتب: محمد أبوبكر

رحمة خالد، محمد الحسيني، هبه عاطف، نجوم لامعة في سماء التفوق المصري، أكدوا للجميع أن النجاح لا علاقة له إلا بالاجتهاد والإصرار، جمعهم شيئاً واحداً، أنهم جميعاً من مصابي متلازمة داون، هذا الخلل الغامض الذي يجعل صاحبه مختلف بدرجات، إلا أن مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه زواج شاب من ذوي متلازمة داون بفتاة صغيرة، أثار حالة من الجدل بين المتابعين حول مدى أهلية الشاب ومشروعية هذا الزواج من الناحية الطبية والدينية والقانونية.

تغير في نظرة المجتمع 
في السابق، ساد الاعتقاد بأن الأفراد من ذوي الإعاقات الذهنية، ومنهم المصابون بمتلازمة داون، لا يمكنهم فهم أو التعبير عن حياتهم الجنسية بشكل طبيعي أو مقبول اجتماعيًا، غير أن هذا المفهوم تغير كثيرًا خلال السنوات العشر الماضية، حيث شهد المجتمع تحولًا ملحوظًا في تقدير حقوق هذه الفئة، لا سيما فيما يتعلق بالجوانب الاجتماعية والجنسية من حياتهم.

تطور طبيعي يتطلب المتابعة
يقول الدكتور كريم عبد العزيز، استشاري المخ والأعصاب، يمر الطفل المصاب بمتلازمة داون بمرحلة البلوغ شأنه شأن أي طفل سليم، وتشمل هذه المرحلة تغيّرات جسدية وهرمونية وعاطفية واضحة، ولهذا، يُعد من الضروري متابعة هذه التطورات مع طبيب مختص أو مقدم رعاية صحية، لشرح وفهم كل ما يطرأ من تغيّرات، ومساعدة الأسرة على التعامل معها بشكل صحيح.

ضرورة الحديث مع الأبناء 
ويكمل د. عبد العزيز، من المهم ألا يشعر الآباء والمربون بالحرج عند مناقشة موضوعات الحب أو الانجذاب العاطفي مع أبنائهم المصابين بمتلازمة داون، بل ينبغي أن يكونوا داعمين ومتفهمين، وأن يستمعوا إليهم بانتباه وهدوء، الحديث عن الزواج والإنجاب مسألة مشروعة وطبيعية، وعلى الأسرة أن تبادر بإيضاح المفاهيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية المرتبطة بهذه الموضوعات، بما فيها ما هو صواب أو خطأ، وما هو مسموح أو محظور.

عدم معرفة طريقة التعبير
فيما أكدت الدكتورة هبه العيسوى، طبيبة نفسية، أن بعض الأشخاص المصابين بمتلازمة داون قد يدخلون في علاقات زواج، مشيرة إلى أن هؤلاء الأفراد يشعرون بالرغبات الجنسية مثل باقي البشر، لكنهم غالبًا لا يعرفون كيفية التعبير عنها بطريقة صحيحة، مما قد يؤدي إلى زواج غير مكتمل أو غير مفهوم لدى الطرفين.

تفاوت في الذكاء 
وأوضحت أن مستوى الذكاء يختلف من حالة لأخرى بين المصابين بمتلازمة داون، حيث يوجد بينهم من يتمتع بذكاء مرتفع نسبيًا، وآخرون بمستوى متوسط، في حين يعاني البعض من ضعف معرفي شديد، ويؤثر هذا التفاوت على قدرة الفرد على إدارة حياته الزوجية أو التفاعل في علاقات عاطفية.

احتمالية الإنجاب السليم بين زوجين مصابين
كما أشارت د. هبه، إلى أن احتمال إنجاب طفل غير مصاب من والدين مصابين بمتلازمة داون لا يتجاوز 1%، وهو أمر نادر جدًا، ويرجع ذلك إلى وجود خلل في الكروموسوم 21 لدى كلا الأبوين، وهو المسبب الرئيسي للإصابة بالمتلازمة.

وأضافت أن تكوين الجنين يعتمد على تلقيه جينًا من الأب وآخر من الأم، وإذا كان كلا الجينين معيبين، فإن الطفل سيولد مصابًا، في حين أن احتمال أن يرث الجين السليم من الطرفين معًا لا يتعدى 1%.

دور الخرائط الجينية في التنبؤ
وأشارت الطبيبة النفسية، أنه يمكن للأطباء استخدام الخريطة الجينية لتحديد احتمالات انتقال الجينات إلى الجنين، إلا أن هذا يظل ضمن نطاق الاحتمالات والمعادلات الوراثية، حيث يُتوقع أن يكون طفل واحد سليم من بين كل أربعة أطفال كحد أقصى في بعض الحالات الخاصة.

الزواج صحيح شرعًا ومباح قانونًا
ومن جهة أخرى أكد عادل دربالة، مأذون شرعي، أن زواج المصابين بمتلازمة داون مباح شرعًا وصحيح قانونيًا، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الزواج جائز وفقًا للمذاهب الفقهية الأربعة، وأوضح أن توقيع الفتاة ووليها على عقد الزواج يعد دليلاً قاطعًا على موافقتها، ما يُضفي على العقد شرعيته القانونية والشرعية.

ضوابط شرعية 
وأشار دربالة، إلى أن زواج ذوي الاحتياجات الخاصة مسموح به شريطة توافر بعض الضوابط، أهمها وجود ولي يتولى شئون الشخص المصاب، ويتخذ قرار التزويج إذا ما ظهرت عليه علامات الميل أو الرغبة في الزواج، وذلك بهدف حفظ العفة وصيانة النفس، وهو مقصد أساسي من مقاصد الشريعة الإسلامية.

شهادات صحية لتقييم الأهلية العقلية
 هناك اشتراطات قانونية واضحة - كما أوضحها المأذون الشرعي- تتضمن الحصول على شهادة صحية قبل إتمام عقد الزواج، وهذه الشهادة تتضمن تقييماً للحالة العقلية والصحية للطرفين، ما يضمن أهلية المصاب بالمتلازمة لخوض تجربة الزواج بشكل مسئول.

فسخ العقد في حال الإجبار
وقال إنه إذا ثبت وجود إكراه أو إجبار في الزواج، فإن من حق الفتاة طلب فسخ العقد أو التطليق للضرر، وفي المقابل أشار إلى أن بعض الفتيات يوافقن طوعًا على الزواج من أحد ذوي الاحتياجات الخاصة بدافع رعايته وتلبية احتياجاته، مشيرًا إلى أن ذلك يُعد من أعمال البر، ويُثاب عليه الإنسان إذا ما احتسبه عند الله.

زواج يثير قلقاً قانونياً ونفسياً
في خضم النقاش المتصاعد حول مشروعية زواج المصابين بمتلازمة داون، أعربت إيمان سعد، الاستشارية في الصحة النفسية الأسرية ووالدة فتاة مصابة بالمتلازمة، عن انزعاجها من بعض الوقائع التي جرى تداولها مؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن هذا النوع من الزواج يطرح تحديات عميقة على المستويات القانونية والنفسية والبيولوجية.

أهلية قانونية غير مكتملة
ترى سعد أن الزواج يجب أن يكون قراراً نابعاً من شخص بالغ وعاقل يتمتع بكامل أهليته القانونية، وهو ما لا يتوفر في العديد من حالات المصابين بإعاقات ذهنية. 

وقالت: "الزواج يفترض أن يكون المقدم عليه بالغاً وعاقلاً، بينما يواجه المصابون بالمتلازمة مشكلات إدراكية تجعلنا نبقي عليهم تحت وصايتنا لعدم اكتمال أهليتهم القانونية".

وتساءلت عن كيفية السماح لشخص غير مكتمل الأهلية بالزواج من فرد سليم، معتبرة أن ذلك يثير إشكاليات كبيرة تتعلق بالعدالة والقدرة على اتخاذ القرار.

"العروس لعبة"... وواقع مقلق
بحكم تجربتها كأم، واحتكاكها بمجتمع أسر الأطفال المصابين بمتلازمة داون، أكدت الاستشارية النفسية، أن بعض العائلات تلجأ إلى تهيئة الأبناء لفكرة الزواج عبر تبسيطها بشكل مفرط.

مخاوف وراثية ونفسية
أشارت إلى أن أحد أبرز المخاوف المتعلقة بزواج المصابين بمتلازمة داون يتمثل في الأبعاد البيولوجية، موضحة أن الإنجاب بين طرفين حاملين للجين المسبب للمتلازمة قد يؤدي إلى تزايد أعداد المواليد المصابين، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الأسر والمجتمع.

وأضافت أن أغلب هؤلاء الأزواج، بحكم القصور الإدراكي، غير مؤهلين لرعاية الأطفال أو متابعتهم صحياً ونفسياً، ما يعرض الأطفال لمخاطر متعددة.

ضغوط اجتماعية ومادية
كشفت استشاري الصحة النفسية، عن جانب آخر من الأزمة، وهو ما وصفته بـ"الدوافع المادية الخفية" لبعض هذه الزيجات، وأوضحت أن بعض الأسر تقدم على تزويج أبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة تحت تأثير الإغراءات المالية، معتبرة أن الطرف الآخر، خاصة من الأسر محدودة الدخل، يتحول في هذه الحالة إلى "ضحية" لزواج غير متكافئ وغير متوازن من كافة النواحي.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية