يبدع المصريون على مر الزمان في توثيق الأحداث التي تمر بهم، فما بالنا بتوثيقهم للنصر ووقوفهم خلف جيشهم، فها هي الكلمات تتدفق، والأغنيات تعلو في كل مكان حاملة معها أحاسيس شعب يعرف قيمة تراب الوطن. 
على الربابة، صباح الخير يا سينا، عاش إلي قال، سمّينا وعدّينا، وغيرهم الكثير من الأغنيات التي كلما حلت ذكرى انتصارات أكتوبر يغلبني الحنين لسماعها، وأتخيل أستوديوهات "ماسبيرو" بعد بيان العبور، وهي ممتلئة ليلًا ونهارًا بالمطربين والفرق الموسيقية، بينما يفترش الشعراء المكاتب؛ كلما سمعوا أخباراً جديدة عن النصر التهبت مشاعرهم، وحولوها لقصائد تشد من أزر الجنود على الجبهة. 

رايات النصر 
"رايحين رايحين شايلين في إيدنا سلاح، راجعين راجعين حاملين رايات النصر"، وبالبحث داخل موقع "يوتيوب" وجدت أغنية "رايات النصر" للمجموعة هي التي تتصدر مشاهدات أغنيات نصر أكتوبر بـ 3.3 مليون مشاهدة، هذه الأغنية التي كتبتها الشاعرة الراحلة نبيلة قنديل، ولحنها علي إسماعيل، لم تكن مكتوبة خصيصًا لحرب أكتوبر، فقد ذكر وجدي الحكيم أنها كُتبت ولُحنت قبل حرب أكتوبر بعام، حيث كانت ضمن أحداث فيلم "العصفور" ليوسف شاهين، وعندما قامت الحرب ذهب شاهين لمقر الإذاعة بماسبيرو، وأهداهم الأغنية لإذاعتها، لأن كلماتها وألحانها متوافقة تمامًا مع الحدث العظيم. 

سمّينا وعدّينا 
ومن كلمات علية الجعار، وألحان عبد العظيم محمد، قدمت شهرزاد رائعتها "سمّينا وعدّينا"، وقد مزجت الشاعرة في هذه الأغنية بين الجانبين الوطني والديني، لأن الحرب قامت في شهر رمضان المعظم، ويذكر عدد من المؤرخين الموسيقيين أن شهرزاد غنت هذه الأغنية وهي في حالة صحية سيئة، لكنها أصرت على غنائها لإحسساسها الكبير بدورها في دعم الجنود على الجبهة، لذلك لم تغادر مبنى " ماسبيرو " إلا بعد الانتهاء من التسجيل.

على الربابة بغني 
هي أول أغنية تم تسجيلها بعد إذاعة بيان العبور، فقد توجهت وردة الجزائرية إلى ماسبيرو مساء السادس من أكتوبر مع زوجها بليغ حمدي، والشاعر عبد الرحيم منصور لتسجيل الأغنية، إلا أن الأمن منعهم من الدخول بسبب عدم وجود تصريح، وأمام إصرارهم وافق رئيس الإذاعة المصرية آنذاك محمد محمود شعبان " بابا شارو " على دخولهم وتسجيل الأغنية التي تم إذاعتها فجر السابع من أكتوبر 1973 م. 

وبكلمات بسيطة تقول: "وأنا على الربابة بغني مملكش غير إني أغني وأقول تعيشي يا مصر، وأنا على الربابة بغني مملكش غير غنوة أمل للجنود أمل في النصر"، نجح عبد الرحيم منصور في إظهار فرحة العبور ونجاح القوات المصرية في إسقاط خط بارليف في ست ساعات، وقد امتزجت الكلمات مع قوة لحن بليغ ليضيف لها صوت وردة قوة، فتصبح أنشودة النصر، التي لا تمر ذكرى الانتصار إلا ويتم إذاعتها. 

عاش إلي قال 
"عاش إلي قال الكلمة بحكمه في الوقت المناسب، عاش إلي قال لازم نرجع أرضنا من كل غاصب"، بتلك الكلمات للشاعر محمد حمزة شارك العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في فرحة العبور، ويذكر وجدي الحكيم إن كلمات الأغنية التي لحنها بليغ حمدي كانت تتضمن مقطع " عاش السادات "، وما أن علم الرئيس الراحل بذلك رفض إذاعة الأغنية، فلم يكن أمام حليم وحمزة وبليغ إلا تعديل الأغنية لتظهر بشكلها المعروف حاليًا " عاش إلي قال ". 

 ولعبد الحليم حافظ الكثير من الأغنيات الرائعة التي عبرت عن فرحة النصر، مثل "صباح الخير يا سيناء" كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان كمال الطويل، والتي تقول "وصباح الخير يا سينا، رسيتي في مراسينا، تعالي في حضننا الدافي، ضُمينا وبوسينا يا سينا". 

 أما أغنية "لفي البلاد يا صبيه" فهي من كلمات محسن الخياط وألحان محمد الموجي، وتقول كلماتها "لفي البلاد يا صبيه، لفي البلاد، لفي البلاد يا صبيه بلد بلد، باركي الولاد يا صبيه، باركي الولاد، باركي الولاد يا صبيه ولد ولد ". 


عبرنا الهزيمة    
نشر الكاتب الكبير " توفيق الحكيم " مقالًا في جريدة الأهرام تحت عنوان "عبرنا الهزيمة"، فاستلهم عبد الرحيم منصور من عنوان المقال قصيدته؛ التي تغنت بها شادية، ولحنها بليغ حمدي.

وكانت كلماتها تقول "عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة، بإسمك يا بلادي تشتد العزيمة، باسمك يا بلادي عدينا القنال، باسمك يا بلادي خطينا المُحال".

أم البطل
أما أغنية "أم البطل" للراحلة شريفة فاضل، التي استشهد ابنها في الحرب، فطلبت من الشاعرة نبيلة قنديل كتابة أغنية عن أمهات الشهداء، لتكتب رائعة "أم البطل" التي لحنها الموسيقار "علي إسماعيل". 

وإلى جانب كل هذا فهناك الكثير من الأغنيات التي تناولت نصر أكتوبر، واسترداد سيناء الحبيبة مثل "بسم الله" للمجموعة من كلمات عبد الرحيم منصور، وألحان بليغ حمدي، و"لا إله إلا الله" للمجموعة، "من نصر لنصر" لمحمد عبد المطلب، من كلمات كمال عمار، وألحان بليغ حمدي، "يا صباح النصر" لفايزة أحمد من كلمات صالح جودت، وألحان محمد سلطان، "دولا مين" للسندريلا  سعاد حسني  من كلمات أحمد فؤاد نجم، وألحان كمال الطويل.