تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : دعوة العابر على الإفطار إلزامي.. إتيكيت" النوبيين في شهر الصيام"
source icon

سبوت

.

دعوة العابر على الإفطار إلزامي.. إتيكيت" النوبيين في شهر الصيام"

كتب:محمد أبوشنب

المجتمع النوبي يتسم بروابط اجتماعية وثقافية شديدة الترابط والتماسك، ويعد شهر رمضان المبارك من أبرز المناسبات الدينية تعبيرًا عن ما تحمله هذه الروابط من معاني وقيم إنسانية.

وتبرز موائد الإفطار  التي تقام بشكل جماعي في مختلف المجتمعات التقليدية، كواحدة من أهم المظاهر الاحتفالية ارتباطًا بهذا الشهر الفضيل، وهى مظاهر لا تخلو من مجموعة مختلفة من الآداب العامة "إتيكيت" التي تحرص عليها الجماعات الإنسانية في شتى بقاع الأرض، وخاصًة في منطقة النوبة.

مجموعات الاستعداد

ويبدأ الاستعداد، لموائد الإفطار الجماعية بعد أداء صلاة العصر، حيث يبدأ شباب القرية في عملية الإعداد والتجهيز، سواء في الشارع أمام البيوت أو في المضيفة الكبيرة التي توجد بكل قرية من قرى النوبة، كما يروي أسامة عبد الحميد أحد شباب النوبة، موضحا أن الشباب يقومون  بتقسيم أنفسهم إلى مجموعات، لكل منها دورًا وظيفيًا محددًا، فمنهم من يقوم ببسط الحصائر أو السجاجيد اليدوية بطول كل شارع من شوارع القرية، ومنهم من يقوم بإعداد وتجهيز المشروبات - من مياه وعصائر - والتمور.

من الشباب أيضا من يقوم بوضع المشروبات على الصواني المعدنية بشكل معين ومتنوع، ومنهم من يقوم بحملها من الداخل إلى الخارج، ومنهم من يقوم بتنظيم وضعها على الحصائر أو السجاجيد بشكل مرتب أكثر تنظيمًا، فالجميع هنا يعمل ويساهم ويشارك في إعداد وتجهيز هذه الموائد الرمضانية، ولكن بطريقة منظمة.

يبدأ الشباب بعد عملية الإعداد والتجهيز، والرواية مازالت لأسامة عبد الحميد،  في حمل الصواني لوضعها أمام الصائمين، وآخرون يحملون بعضها إلى الطرق الرئيسية العامة لإفطار المارة، ولا تخلو أيًا منها من مشروب (الآبريه) النوبي الرمضاني المفضل، وغيره من العصائر الأخرى (كالكركديه، والدوم، والتمر هندي)، بالإضافة إلى أطباق التمور المختلفة - كالسكوتي والأبريمى والبرتمودا - التي تتميز بها بلاد النوبة، والتي لا غنى عنها على الموائد الرمضانية.

الجلوس وإلزام العابر

يبدأ كبار السن والشيوخ أولًا بالجلوس على مائدة الإفطار، لحين سماع مدفع الإفطار ورفع آذان المغرب، يليهم الشباب والأطفال الصغار، حيث لا يصح وفقًا لمبدأ الاحترام والعرف السائد  أن يجلس الشباب الصغير قبل أن يجلس من يكبره سنًا ومقامًا.

بعد سماع مدفع الإفطار، ورفع آذان المغرب، يبدأ الجميع بالدعاء أولًا، ثم البسملة استعدادًا لتناول ما تم إعداده وتجهيزه من مشروبات وتمور، ثم يذهب الجميع لأداء الصلاة في أقرب مسجد،  وخلال تلك الفترة، تبدأ مجموعة أخرى من الشباب في إعداد وتجهيز صواني الأطعمة المختلفة ذات الطابع النوبي المميز (كالجاكود، والأتر، والويكة، فتة السناسل) وغيرها من المأكولات الشهية، ولا تخلو هذه الموائد من الخبز النوبي المفضل المعروف بـ (الكابد)، وبعد تجهيزها، يبدأ الشباب في حملها لوضعها على الحصائر بشكل طولي وبطريقة منظمة، وليس من الضروري أن يجلس الشخص على المائدة (الصينية) التي حملها أو التي أتى بها من بيته، بل من الممكن أن يجلس على مائدة شخص أخر غيره، والعكس صحيح.

ويتحدث الحاج عبد الحميد نساج،  عن الهدف الأساسي من وضع هذه المائدة الكبيرة في معظم شوارع القرية، قائلا، إنه  يتمثل في تعزيز مشاعر المودة والألفة والرحمة والمساواة بين عامة الناس، ودعوة المار على الإفطار بشكل إلزامي وليس اختياري، فلا يصح أن يمر أحدًا أثناء لحظة الإفطار على هؤلاء بدون الجلوس معهم لتناول الإفطار، فالمائدة تجمع بين الكبير والصغير، البسيط والمتيسر، المتعلم والأمي، وهكذا الحال مع السيدات داخل البيوت.

السمر وآداب التهاني

بعد الإفطار، يذهب الجميع لأداء صلاة العشاء والتراويح في المسجد، وبعدها يجتمع الأهل والأحباب والأصدقاء في المضيفة أو أمام البيوت، لتبدأ جلسات السمر والونسة بين الكبار والشباب حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، وفي هذه الأثناء تقدم مجموعة أخرى من الشباب صواني الحلويات مع أكواب الشاي وفناجين القهوة، والأطفال من أمامهم يمارسون بعض الألعاب الشعبية التي يتم أدائها بشكل جماعي.

ولكل مناسبة من المناسبات الاجتماعية، سعيدة أكانت أم حزينة، تهنئة خاصة بها، وقد تختلف العبارات الشفاهية المصاحبة لهذه التهنئة - أحيانًا - من مجتمع إلى آخر، وتعود مرجعية ذلك الاختلاف إلى نوع اللغة المنطوقة السائدة التي يتحدث بها أهلها، إلا إنها تشير - في المجمل - إلى معنى اجتماعي و ثقافي محدد ذو دلالة لغوية واحدة.

ويقول هيثم عوض أحد شباب النوبة، إنه في هذا الشهر المبارك، يتبادل الجميع من أبناء النوبة عمومًا، رجالًا ونساء، أطفالًا وشيوخ، بعض العبارات الشفاهية المصاحبة لهذه المناسبة الدينية السعيدة، ومن أبرز تلك العبارات ما يقال باللغة النوبية (مسيه آي ناليه)، وهى تعنى في مجملها العام (يعود عليكم رمضان بالخير)، أو ما يقال أيضًا (مسيه جون آنجا ناله)، وهى تعني (رمضان كريم)، وتظل هذه العبارات متداولة على الألسنة طوال هذا الشهر، لحين قدوم أول أيام عيد الفطر المبارك، وفيه تستخدم أيضًا بعض العبارات الأخرى المصاحبة لهذه المناسبة.

       

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية