تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : دراسة جديدة.. فرع مفقود للنيل ربط الأهرامات وخوفو رمز الخلود
source icon

سبوت

.

دراسة جديدة.. فرع مفقود للنيل ربط الأهرامات وخوفو رمز الخلود

كتب: رحاب أسامة

الحضارة المصرية القديمة من أعرق الحضارات في العالم، تمركزت على ضفاف النيل وبلغت ذروتها في عصر الدولة القديمة المعروف بـ عصر بناة الأهرامات، خلال الفترة من عام 2686 حتى 2181 قبل الميلاد.

وفي هذا العصر برز الملك خوفو، أحد ملوك الأسرة الرابعة، الذي اشتهر ببناء الهرم الأكبر بالجيزة، ليكون تتويجًا لقوة الدولة وثروتها آنذاك، ودليلًا على عبقرية المصريين في الهندسة المعمارية رغم غياب المعدات والأدوات الحديثة، وهو ما يجعل بناء الهرم حتى اليوم معجزة هندسية خالدة.

رؤية دينية عميقة
يُعد هرم خوفو من أعمق الرموز الدينية في الفكر المصري القديم، إذ يعكس تصميمه وارتفاعه الهائل رغبة الملك في الارتباط بالنجوم الشمالية التي لا تغيب، بما يرمز إلى الخلود والتقاء عالمي الأرض والسماء.

ويتفق ذلك مع معنى كلمة "آخت"، أي الأفق، التي تمثل نقطة شروق الشمس وبزوغ النور وبعث الحياة من جديد. فقد كان البعث والخلود هو الحلم الأكبر لكل المصريين، ملوكًا وشعبًا.

سر بناء الهرم الأكبر
وكشفت دراسة علمية حديثة أعدها فريق من المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بالتعاون مع جامعات ومعاهد مصرية وأجنبية، أن بناء سلسلة الأهرامات تم على طول فرع قديم من نهر النيل جفّ مع مرور الزمن.

وضمّ الفريق البحثي كلًا من د. جاد القاضي، ود. مجدي عطية، ود. محفوظ حافظ، ود. أشرف خزيم، ود. إيمان غنيم، حيث اكتشفوا أن الأهرامات تتركز على شريط صحراوي ضيق كان يمر به نهر قديم أطلقوا عليه اسم فرع الأهرامات.

وأوضحت الدراسة أن الباحثين استخدموا صور الأقمار الصناعية الرادارية وتقنيات الاستشعار عن بعد والحفر الجيوفيزيائي لتحديد البنية الجوفية لمنطقة وادي النيل، وتمكنوا من تتبع بقايا فرع نيل منقرض يمتد بمحاذاة هضبة الصحراء الغربية، عند سفوحها التي تضم معظم أهرامات عصرَي الدولة القديمة والوسطى.

الممر المائي المفقود
توصل الباحثون إلى أن هذا الفرع القديم من النيل والذي أطلق عليه "فرع الأهرامات"، وكان يحتوي على جسور وينتهي بوجود معابد استخدمت كموانئ لنقل العمال ومواد البناء إلى مواقع الأهرامات، ما يفسر السبب الجغرافي لاختيار مواقع البناء.

وتشير الدراسة إلى أن معظم المدن والآثار الكبرى في مصر القديمة بُنيت على مقربة من النيل وفروعه، إذ كان النهر شريان الحياة والنقل الرئيسي، ومع مرور الزمن، تغير مجرى النيل وغطت الطمي والرمال فروعه القديمة، فاختفت معالمها.

لغز اختفاء الفروع القديمة
واجه الباحثون لغزًا علميًا تمثل في اختفاء جزء كبير من سهل فيضان النيل القديم، ما جعل تحديد مجاريه السابقة مهمة معقدة، وتضمنت الدراسة عدة سيناريوهات محتملة، أبرزها:

- أن فريقًا بحثيًا اكتشف قناة نيلية عمرها نحو خمسة آلاف عام قرب منطقة ميت رهينة بالبدرشين، كانت تمر بجوار العاصمة القديمة ممفيس، ثم هاجرت شرقًا مع مرور الزمن.

- كما تم اكتشاف نهر قديم غرب الأقصر يعود لعصر الدولة الحديثة، بالإضافة إلى بيئة مستنقعية شرق أهرامات الجيزة.

- كما أكد الباحثون أن التحليل الراداري كشف عن وجود سهل فيضان قديم يمتد من جنوب اللشت إلى هضبة الجيزة، يضم بقايا فرع نهر قديم بُني على ضفافه 31 هرمًا تعود لعصور الأسرات من الثالثة عشرة حتى الحادية والثلاثين، ما يعني أن النيل القديم كان السرّ الخفي وراء اختيار مواقع الأهرامات.

ويؤكد الدكتور ضياء حلمي، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية ورئيس الاتحاد العربي للتدريب بمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، أن الملك خوفو يعد بحق عبقري الزمان والمكان، مشيرًا إلى أن أهرامات الجيزة أصبحت من أبرز رموز الحضارة المصرية القديمة التي ألهمت العالم.

وأضاف أن نجاح المصريين القدماء في بناء حضارة عظيمة يعود إلى قدرتهم على التكيف مع البيئة الزراعية لوادي النيل، حيث أدى فيضان النهر ونظام الري إلى إنتاج فائض من المحاصيل، مما ساعد على زيادة السكان والتقدم الاجتماعي والثقافي.

كما أتاح فائض الموارد استغلال المعادن في الوادي والمناطق الصحراوية، وتطوير نظام كتابة مستقل، وتنظيم المشروعات الجماعية في الزراعة والبناء والتجارة، إلى جانب تأسيس جيش قوي يضمن الهيمنة المصرية.

وأشار إلى أن المصريين عرفوا مبكرًا تقنيات استغلال المحاجر والتشييد، مما مكّنهم من بناء الأهرامات والمعابد والمسلات، كما برعوا في الرياضيات، وصناعة الزجاج، والطب والتحنيط، وابتكروا أنظمة فعالة في الري والإنتاج الزراعي.

إرث خالد للبشرية
وأكد د. حلمي أن المصريين القدماء اخترعوا صناعة الخزف وصنعوا أول القوارب الخشبية في التاريخ، كما عرفوا الحروف الأبجدية، وقدموا للعالم أقدم معاهدة سلام في التاريخ الإنساني مع الحيثيين.

وأشار إلى أن الحضارة المصرية كانت مصدر إلهام للحضارات اللاحقة، حيث اقتبس اليونانيون والرومان الكثير من فنونها وعلومها، وقد أدى اكتشاف الآثار والحفريات المصرية في العصر الحديث إلى نشأة علم المصريات (Egyptology) الذي تخصص في دراسة هذا التراث العظيم.

وأوضح أن الملك خوفو لم يكتفِ ببناء الهرم الأكبر فقط، بل أسهم في تطوير المعابد والمشروعات الزراعية، معبرًا بذلك عن اهتمامه بالتخطيط العمراني والمشروعات الهندسية التي غيرت وجه التاريخ المصري القديم.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية