مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط خاصة مع التحركات العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل، بدأ شبح عدم الاستقرار الاقتصادي يخيم على الأسواق الإقليمية، وعلى رأسها السوق المصري، ويتزامن ذلك مع سلوكيات سلبية من بعض التجار الذين يسعون إلى استغلال الأزمات عبر احتكار السلع ورفع الأسعار، إلى جانب حالة من القلق لدى المواطنين تدفعهم إلى التخزين المفرط، مما يهدد بتفاقم الأزمة ويدفع نحو موجة تضخم جديدة، ويستدعي ذلك تحركًا فوريًا من الجهات المعنية لضبط الأسواق وطمأنة الشارع.

المثلث القاتل 
يوضح الدكتور عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي تداعيات التصاعدات الجيوسياسية على الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أبرز التأثيرات المحتملة من ارتفاع أسعار النفط عالميا بسبب تعطل الإنتاج الإيراني، ما يزيد كلفة الاستيراد ، اضطراب سلاسل الإمداد  الذي يرفع أسعار السلع الأساسية نتيجة تأخير الشحن وارتفاع تكاليف التأمين ، بالإضافة إلى زيادة تكلفة الإنتاج المحلي نتيجة غلاء مستلزمات التصنيع المستوردة ، تراجع إيرادات السياحة بسبب إلغاء الحجوزات واضطراب حركة الطيران ، ضغوط على سعر الصرف نتيجة انخفاض موارد الدولار، ما يؤدي لإرتفاع أسعار السلع.
ويرى حسانين أن تفاقم الأزمة يعود أيضًا إلى سلوكيات داخلية، أبرزها احتكار بعض التجار للسلع بهدف رفع الأسعار وسط ضعف المنافسة، إلى جانب لجوء المواطنين للتخزين خوفا من نقص السلع أو غلاءها، واصفا هذه العوامل بـ "المثلث القاتل" المكون من: التضخم المستورد، وجشع التجار، وذعر المستهلكين.

حزمة حلول 
يقترح حزمة حلول لمواجهة الأزمة، أبرزها: تعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وزيادة المعروض الحكومي عبر المنافذ الرسمية لكسر الاحتكار، وتنويع مصادر الاستيراد بمسارات أكثر أمانا وأقل تكلفة، إلى جانب تشديد الرقابة على الأسواق عبر جهاز حماية المستهلك، وإطلاق تطبيق إلكتروني لعرض الأسعار الاسترشادية وأماكن البيع مع رقم للإبلاغ الفوري.
ويحذر من أن غياب التحرك العاجل سيعرض الاقتصاد لموجة تضخم جديدة واضطراب في السوق، مؤكدًا أن الطريق صعب لكنه قابل للإدارة إذا تحركت الحكومة بجدية وفعلت الرقابة ودعمت الإنتاج المحلي.

رأس المال جبان
واتفق معه د. محي عبد السلام الخبير الاقتصادي بأن الحرب بين إيران وإسرائيل سيكون لها تأثير سلبي بالغ على المنطقة، حيث ستؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة والغذاء والدواء نتيجة اضطراب سلاسل الإمداد وزيادة تكلفة النقل، التي تشكل 30–40% من أسعار السلع عالميًا.
ويحذر من أن السوق المصري سيتأثر بشدة، خاصة مع تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة قد تصل إلى 40%، وانخفاض حركة السياحة الصيفية بنسبة 40–50%، بالإضافة إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية بسبب التوترات الأمنية، مؤكدًا أن "رأس المال جبان"، مشددًا على ضرورة إعداد خطط طويلة المدى، وتفعيل القوانين الرادعة، مع تنفيذ عقوبات فورية لمواجهة استغلال الأزمات وضبط الأسواق.

الرصد الميداني 
من جانبه، أكد إبراهيم السجيني رئيس جهاز حماية المستهلك أن الجهاز كثف الرقابة على الأسواق بجميع المحافظات في ظل التوترات الإقليمية وتأثيرها المحتمل على الأسواق العالمية، مشيرًا إلى توجيه رؤساء القطاعات ومديري الأفرع الإقليمية بتشديد المتابعة الميدانية لضمان توافر السلع الأساسية ومنع أي ممارسات احتكارية أو زيادات غير مبررة في الأسعار.

وأوضح السجيني أنه تم تفعيل فرق "الرصد الميداني" لمتابعة الأسعار لحظيا ورفع تقارير دورية لضمان التدخل الفوري، محذرا من أن تخزين السلع المفرط يخلق طلبا وهميا يؤدي لاضطراب السوق، مطمئنا المواطنين بتوافر السلع بكميات كافية وأسعار مناسبة.

عقوبة حجب السلع 
وشدد على أن عقوبة حجب السلع عن التداول تصل إلى الحبس سنة وغرامة 3 ملايين جنيه، مؤكدا أن الجهاز لن يتهاون مع أي تلاعب يمس حقوق المستهلك أو استقرار السوق، داعيًا المواطنين لعدم شراء كميات تفوق الاحتياج، مشيرًا إلى أن غرفة العمليات المركزية بالجهاز تتابع السوق لحظة بلحظة وتتلقى شكاوى المواطنين بالتنسيق مع الجهات المعنية.