أكد الدكتور ناصر مصطفى العشماوي، رئيس بحوث متفرغ - معهد بحوث الهندسة الزراعية، أن المعهد ينفذ مشروع بحثي تطبيقي، لإنتاج الفحم الحيوي (Biochar) من المخلفات الزراعية، مثل قش الأرز وسعف النخل، ويعد هذا الاستخدام من أحدث استخدامات قش الأرز، وتحويل الفحم الحيوي الناتج، إلى كربون نشط عالي الكفاءة، باستخدام تقنيات التنشيط الحراري، كما يعد الفحم الحيوي (Biochar) أحد أهم المنتجات الحديثة، التي تحظى باهتمام واسع في مجالات الزراعة والبيئة، حيث يتم الحصول عليه من خلال التحويل الحراري - الكيميائي" للكتلة الحيوية في غياب الأكسجين.

فعند إضافته للتربة المناسبة وبالجرعات الملائمة، يعمل على تحسين كفاءة استخدام الموارد الزراعية، ويُسهم في معالجة التربة أو حمايتها من التلوث، إلى جانب دوره في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لذلك أصبح الفحم الحيوي وسيلة فعّالة، لتحقيق استدامة الزراعة والتوازن البيئي.

وأشار رئيس بحوث متفرغ معهد بحوث الهندسة الزراعية، إلى أن المعهد صنع وحدة محلية مبتكرة، لإنتاج الفحم الحيوي من المخلفات الزراعية، وخاصة قش الأرز، وتتكون الوحدة من 3 أجزاء رئيسية، هي قادوس التغذية الذي يختص بإدخال المواد الخام إلى النظام، ووحدة الكربنة حيث تتم عملية الانحلال الحراري داخل أسطوانات من الفولاذ، ووحدة الفلترة والترشيح لمعالجة الأبخرة والغازات الناتجة، وتم تزويد الوحدة بنظام تحكم، يتيح تشغيل وإيقاف المحركات، والتحكم في السرعات، ومراقبة درجات الحرارة والتيار الكهربائي أثناء التشغيل.


وأوضح د. العشماوي أنه من خلال وحدة الكربنة، تتحول المخلفات الزراعية إلى 3 منتجات رئيسية، هي الفحم الحيوي بنسبة إنتاجية تقارب 48%، والزيت الحيوي بنسبة 42%، والغاز التخليقي (Syngas) بنسبة 10%، وبعد فصل الزيت الحيوي بالطرد المركزي، يتم الحصول على منتجات ثانوية ذات أهمية اقتصادية وقيمة سوقية، مثل خل الخشب بنسبة إنتاجية تصل إلى 31%، وزيت التار بنسبة 11%.

ويستخدم خل الخشب كسماد حيوي ووسيلة فعالة للوقاية النباتية، بينما يستخدم زيت التار في تطبيقات صناعية وزراعية متنوعة، كما أن الغاز التخليقي المنتج يعاد توجيهه إلى غرفة الكربنة، مما يقلل استهلاك الوقود بنحو 50%.

 وأفاد أنه الفحم المنتج يتعرض لأجواء مؤكسدة (الأكسجين) عند درجات حرارة عالية (600 إلى 1200 درجة مئوية)، ويمكن استخدامه في فلاتر الكربون النشط، في أي تطبيق يتطلب إزالة الملوثات من السوائل أو الغازات، مثل تنقية الهواء فهنا يمكن استخدام فلاتر الكربون النشط لإزالة الملوثات من الهواء، مثل المركبات العضوية المتطايرة (VOCs) والغبار. 

وينتج عن تصنيع قش الأرز فلتر الكربون، للاستخدام في المنازل والمياه الصناعية والصرف الصحي ومياه الصرف الزراعي، وتستخدم الفلاتر طبيا لإزالة السموم من الجسم، مثل الناتجة عن العلاج الكيميائي، وفي الصناعة تستخدم لإزالة الملوثات من المنتجات، مثل المواد الكيميائية والأغذية.

وأشار د. ناصر مصطفى العشماوي إلى دراسات جاري تنفيذها عن إنتاج الايثانول من قش الأرز، بعد تعرضه للبخار تحت ضغط معين، وكذلك إنتاج أخشاب ذات جودة عالية تتحمل التغيرات المناخية من حرارة ورطوبة عالية، وتنافس مثيلاتها عالميا، بهدف تخفيض فاتورة الاستيراد.

جدير بالذكر أن هذه الاستخدامات تمثل نموذجا علميا لتقنيات الاقتصاد الدائري، فهي لا توفر فقط مصدرا اقتصاديا جديدا، بل تساهم أيضا في الحد من التلوث البيئي، وإعادة تدوير المخلفات الزراعية بشكل آمن ومستدام، كما أن استخدام الفحم الحيوي والمنتجات الثانوية المرتبطة به، يسهم في تحسين خواص التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل، بما يعزز التوجه نحو الزراعة النظيفة والمستدامة.