تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في أحد أحياء محافظة بورسعيد، لاحظ الجيران رائحة غريبة تتسلل من شقة بالدور الثالث، وبعد إبلاغ الشرطة، اكتُشف أن صاحبة الشقة، وهي سيدة تبلغ الثمانين من عمرها، فارقت الحياة منذ أيام دون أن يسأل عنها أحد - لا أبناء، ولا أقارب، ولا حتى الجيران.
وفي محافظة القليوبية، في مايو 2022، عُثر على رجل مسن في السبعين من عمره متوفى داخل شقته بعد مرور سبعة أيام على وفاته، كان يعيش وحيدًا منذ رحيل زوجته وزواج أبنائه، دون أن يشعر به أحد.
أما في سبتمبر 2025 بمحافظة الوادي الجديد، فتم العثور على سيدة مسنة في الستين من عمرها جثة متعفنة بعد أن لاحظ الجيران انبعاث رائحة كريهة من شقتها، وأفادوا بأنها كانت تعيش بمفردها منذ سنوات.
والأكثر مأساوية، ما اكتشفه رجال الشرطة حين وجدوا هيكلين عظميين لزوجين بعد سبع سنوات من وفاتهما، كان الزوج مصابًا بشلل رباعي، تعتمد حياته على زوجته التي خدمته لسنوات، حتى توفيت فجأة، فمات هو بجوارها من الحزن والجوع والعطش دون أن يسأل عنهما أحد - لا أبناء، ولا أقارب - واكتُشف أمرهما مصادفة أثناء محاولة لصوص اقتحام الشقة.
هذه الظاهرة المؤلمة تكررت مؤخراً بشكل ملحوظ، متمثلة في إهمال كبار السن وتركهم دون رعاية أو متابعة من الأبناء أو الأقارب، بل وحتى من الجيران، قصص كثيرة تهز القلب وتطرح تساؤلات حول إنسانيتنا وتماسكنا الأسري.
وفي محافظة القليوبية، في مايو 2022، عُثر على رجل مسن في السبعين من عمره متوفى داخل شقته بعد مرور سبعة أيام على وفاته، كان يعيش وحيدًا منذ رحيل زوجته وزواج أبنائه، دون أن يشعر به أحد.
أما في سبتمبر 2025 بمحافظة الوادي الجديد، فتم العثور على سيدة مسنة في الستين من عمرها جثة متعفنة بعد أن لاحظ الجيران انبعاث رائحة كريهة من شقتها، وأفادوا بأنها كانت تعيش بمفردها منذ سنوات.
والأكثر مأساوية، ما اكتشفه رجال الشرطة حين وجدوا هيكلين عظميين لزوجين بعد سبع سنوات من وفاتهما، كان الزوج مصابًا بشلل رباعي، تعتمد حياته على زوجته التي خدمته لسنوات، حتى توفيت فجأة، فمات هو بجوارها من الحزن والجوع والعطش دون أن يسأل عنهما أحد - لا أبناء، ولا أقارب - واكتُشف أمرهما مصادفة أثناء محاولة لصوص اقتحام الشقة.
هذه الظاهرة المؤلمة تكررت مؤخراً بشكل ملحوظ، متمثلة في إهمال كبار السن وتركهم دون رعاية أو متابعة من الأبناء أو الأقارب، بل وحتى من الجيران، قصص كثيرة تهز القلب وتطرح تساؤلات حول إنسانيتنا وتماسكنا الأسري.
العنف الصامت
ورغم أن إهمال الوالدين لا يُدرج رسميًا ضمن تصنيفات العنف الأسري في الإحصاءات، فإن دراسات متعددة كشفت أن كبار السن في مصر يتعرضون لأشكال مختلفة من الإساءة النفسية والإهمال يمكن وصفها بـ “العنف الصامت”.
يقول الدكتور مجدي حمزة، أستاذ علم النفس التربوي: الإهمال له أثر نفسي سلبي عميق على كبار السن، ففي دراسة أُجريت بمحافظة الفيوم عام 2023، تبين أن نحو 72.6% من كبار السن (ضمن العينة) تعرضوا لأحد أشكال الإساءة داخل الأسرة، وكان أكثرها انتشارًا العنف النفسي والإهمال، خاصة بين النساء، وفي بحث آخر بجامعة عين شمس على عينة من مسني القاهرة، أكد 69% من المشاركين أنهم تعرضوا لمواقف من التجاهل أو الإساءة اللفظية أو المعنوية من أقاربهم.
أما في محافظة الدقهلية، فأظهرت دراسة ميدانية أن 46% من المسنين في الريف تعرضوا لشكل من أشكال الإهمال أو التقصير في الرعاية.
جذور المشكلة
يشير د. حمزة إلى أن بعض الأسباب تعود إلى أخطاء تربوية مبكرة في تعامل الأزواج مع أبنائهم، حين يعيش الأبناء بين أب وأم مختلفين في التربية أحدهما يمارس العنف والآخر يقدم الدلال الزائد ينشأ ما يسمى بالاستقطاب العائلي، فيميل الأبناء إلى طرف ضد الآخر، ما يخلق تمزقًا نفسيًا وعاطفيًا لديهم، ويؤثر على قيمهم في الكبر.
ويرى أن غياب الاحترام المتبادل بين الزوجين وكثرة الخلافات أمام الأبناء أدت إلى تراجع منظومة القيم الأسرية، ما انعكس في جيل جديد يعاني من اضطرابات نفسية واهتزاز في العلاقة مع الوالدين.
الإهمال عقوبة نفسية
يوضح د. حمزة أن الشخص الذي يُهمل والديه لا يرتاح نفسيًا، مهما حاول إقناع نفسه بالعكس، فمن يتجاهل والديه يعيش صراعًا داخليًا مستمرًا، يبرر لنفسه تقصيره بانشغاله، لكنه في أعماقه يشعر بالذنب والقلق، وبعد وفاة الوالدين يتحول هذا القلق إلى ندم حاد قد يصل إلى الاكتئاب واضطرابات النوم وضعف الثقة بالنفس.
ويضيف أن الضمير الإنساني لا ينسى، ومن يهمل والديه يعيش بنقص داخلي دائم، حتى وإن حاول إخفاءه خلف مشاغل الحياة أو المظاهر الاجتماعية.
القانون يتدخل لحماية المسنين
من جانبها، توضح الدكتورة يسرا شعبان، أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة عين شمس، أن القانون المصري أصبح أكثر وضوحًا في حماية كبار السن بعد صدور قانون رعاية حقوق المسنين رقم 19 لسنة 2024.
القانون صنّف ترك المسن دون رعاية أو علاج أو إشراف باعتباره نوعًا من العنف الأسري يُعاقب عليه قانونًا، وتصل العقوبات إلى الحبس لمدة سنتين وغرامة 20 ألف جنيه في حالات الإهمال المتعمد أو الاستغلال، أما إذا تسبب الإهمال في وفاة المسن، فقد تصل العقوبة إلى القتل الخطأ، وفقًا لقانون العقوبات المصري.
وأشارت إلى أن القانون يتيح للمسن أو لأي شخص يلاحظ حالة إهمال تقديم بلاغ مباشر للنيابة العامة أو وزارة التضامن الاجتماعي، عبر الخط الساخن 16439 التابع لوزارة التضامن، أو الخط الموحد 16528 للشكاوى الحكومية.
وأكدت أن العنف ضد كبار السن لا يقتصر على الضرب أو الإيذاء الجسدي، بل يشمل أيضًا التجاهل، والحرمان من الرعاية، والعزل الاجتماعي، وهي جميعها أشكال من العنف الصامت الذي يُعاقب عليه القانون الآن.
قتل الروح والمعنى
كبار السن الذين أفنوا حياتهم في العطاء يستحقون الرعاية لا النسيان، والدفء لا الوحدة، فالرعاية ليست منّة، بل واجب إنساني وقانوني، ومن يبرّ بوالديه اليوم، يزرع لنفسه غدًا من يبرّه حين يشيخ.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية