كانت مفاجأة لأشرف الذي غاب عن مصر لأكثر من 8 سنوات قضاها في إحدى الدول الأوروبية، للبحث والدراسة، هذا الزحام الشديد لمواطنين يحملون أوراقا،  على إحدى السيارات التي تحمل شعار المجلس القومي لحقوق الإنسان في مدينته أسوان.

دهشة أشرف، الذي تربطني به صلة قرابة،  لم تكن فقط في وجود السيارة التي اكتشف أنها احدى الوحدات المتنقلة للمجلس الحقوقي الشهير،  ومهمتها تقديم الدعم لمن يحتاجه في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، بل اكتشافه أن قضايا حقوق الإنسان التي يتلقى المجلس الشكاوى بشأنها ليست قاصرة على الحقوق السياسية والمدنية فقط، بل وأيضا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية .

كافة أنواع المساعدة

وهذا ما أكده  عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمود بسيوني، عندما اصطحبت أشرف معي لمقابلته،  قائلا: "نقدم كافة أنواع المساعدة الممكنة لمن يتعرض لأى انتهاك، من خلال التعاون مع كافة أجهزة الدولة،  وتتكاتف تلك الجهات من أجل دعم المجلس القومي لحقوق الإنسان، في  أداء مهمته"،  مؤكدا أن المجلس وضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أولوية،  حيث لا تقتصر حقوق الإنسان على الحقوق المدنية والسياسية كما هو معتقد.

وأشار بسيوني، إلى أن هناك شكاوى خارج تخصصات المجلس كالخدمات العلاجية، أو تقديم المساعدات المالية، موضحا أن تلك يتم تحويلها إلى الجمعيات الأهلية المختصة بهذا الأمر لوجود شراكة و تعاون معها لخدمة المواطنين، كمبادرة فرعية ليست من اختصاصات المجلس.

العفو الرئاسي الأكثر استجابة

وأكد أن شكاوى "العفو الرئاسي" كانت الأكثر استجابة من قبل رئيس الجمهورية،  مشيرا إلى أنها من أبرز الإنجازات التي أشادت بها لجنة التعذيب بالأمم المتحدة في شهر نوفمبر الماضي بجنيف.

أما النسبة الأكثر من  الشكاوى، التي يتلقاها المجلس القومي لحقوق الإنسان، والكلام مازال لمحمود بسيوني،  فكانت من أهالي المحبوسين،  مؤكدا أن وزاراتي الداخلية والتضامن،  أكثر الجهات فعالية وسرعة في الرد .

الشكاوى من الترقيات

وأضاف، أن الشكاوى من الترقيات، تأتي في المرتبة الثانية، من حيث العدد، مستطردا: لكن استجابتها كانت ضعيفة لأنها مرتبطة بمدة زمنية محددة طبقا للقواعد واللوائح ، وهناك بروتوكول مع هيئة النيابات الإدارية للتواصل لحسم الشكاوى القديمة.

وأشار بسيوني، إلى أن دور الوحدات المتنقلة التي تجوب المحافظات، يتضمن أيضا زيارة  مراكز الإصلاح ودور رعاية المسنين والأحداث، والاستماع لشكاوى نزلائها، والباحثين ووضعها على "النظام"، ودراستها وإبلاغ الشاكي بنتائجها، بجانب توعيتهم بالمفهوم الشامل لحقوق الإنسان.

وللمرة الأولى علق أشرف مؤكدا أن هذا الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان في مصر بات يضاهي دولا كبرى في هذا المجال، وهو أمر لمسه بنفسه.

تطبيق لتقديم الشكاوى

وهنا عاجله محمود بسيوني، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان قائلا: "نستعد أيضا لإطلاق تطبيق لتقديم الشكاوى عبر تطبيق على الهاتف المحمول، خلال الأسابيع القليلة المقبلة في اطار التحول الرقمي للمجلس، وهو الأن في المرحلة التجريبية، ليتمكن المواطن من تقديم شكواه من أي مكان".

وواصل "هناك وحدات متنقلة تجوب المحافظات، وتزور مراكز الاصلاح ودور رعاية المسنين والأحداث، وبها باحثين لسماع الشكوى ووضعها على "نظام المجلس"، لدراستها وإبلاغ الشاكى، بجانب توعيتهم بمفهوم الشامل لحقوق الإنسان".

وذكر، أنه في عام 2023 ، زارت قوافل المجلس القومي لحقوق الإنسان 12 محافظة، مؤكدا أن هناك تسهيلات من قبل قيادات المحافظات، إذ تم حل شكاوى خاصة بالإسكان والصحة في محافظتي بنى سويف وأسوان، موضحا أنه من المقرر في خطة عام 2024 زيارة محافظة الوادي الجديد ومحافظات القناة والصعيد ووجه بحري، وهناك زيارة أخرى لمحافظة الإسكندرية.

ديوان مظالم الحقوق

"لجنة الشكاوى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، بمثابة ديوان المظالم، فهي تنفيس للمواطن عند احساسه بالظلم أو شكوى" هكذا تحدث عبد الجواد أحمد عضو لجنة الشكاوى بالمجلس، ورئيس المجلس العربي لحقوق الإنسان، عن اللجنة، واتفق مع "بسيوني" قائلا: "في محافظتي القاهرة والجيزة كان العفو الرئاسي الأبرز، أما محافظات الأقاليم،  فكانت الترقيات في مقدمة الشكاوى، ويمكن التقدم بتعديل قوانين لمجلس النواب لحل خلل ما، بعد تحليل احصائي وبنك معلومات .

وأضاف: "في عام 2021 - 2022 كان حجم الشكاوى 3412 شكوى، مثلت شكاوى تخص حقوق المدنية والسياسة 2639 شكوى وتشكل شكاوى العفو الرئاسي 77% ، بينما شكاوى تخص حقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كانت 747 شكوى وشكلت الحقوق الثقافية 22%، بجانب 26 شكوى من قبل المصريين في الخارج، سبب الشكوى المستحقات المالية لدى جهات عملهم في الخارج".

5 محافظات أكثر تقديما للشكاوى

وذكر عبد الجواد،  أن  محافظات القاهرة والجيزة والشرقية والمنيا والدقهلية أعلى المحافظات مقدمي للشكوى بما يمثل 57 %، ويمثل الذكور أعلى نسبة من  مقدمي  الشكوى، وأغلب الردود جاءت من وزارة الداخلية ووزارة التضامن وهيئة التأمينات، بينما الجهات الأقل ردود كانت من نصيب وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة".

ويستقبل المجلس شكاوى المواطنين ما بين الرعاية الصحية ومشاكل التعليم والتعسف من قرارات النقل وعدم الترقي في الوظيفة والفصل التعسفي بعدة طرق سواء في المقر الرئيسي للمجلس أو مقراته الفرعية أو الزيارات الميدانية في المحافظات، وتمر بعدة مراحل بدءا من تلقى الشكوى، ثم الفحص والتدقيق من خلال الباحثين ثم الإحالة إلى الجهة المختصة ثم استقبال الردود ثم اخطار مقدم الشكوى بنتيجة الشكوى سواء بحلها أو عدم الحل وإبداء السبب.