تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في الآونة الأخيرة، بدأ مصطلح "فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة" أو ما يعرف اختصاراً بـ (SIBO) يتردد كثيراً في الأوساط الطبية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، هذه الحالة تحدث عندما تتكاثر أعداد البكتيريا بشكل غير طبيعي في جزء من الجهاز الهضمي يفترض أن يكون منخفض الكثافة البكتيرية وهو الأمعاء الدقيقة، ويؤدي هذا الخلل إلى أعراض هضمية مزمنة ومزعجة، وغالبًا ما يتم تجاهله أو إساءة تشخيصه على أنه "قولون عصبي" أو "حساسية طعام".
أعراض مخادعة
توضح الدكتورة ريم نعيم، أخصائية التغذية العلاجية، أن أعراض فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة تتداخل مع العديد من المشكلات الهضمية الأخرى، مما يجعل اكتشافه صعبًا؛ حيث يشعر المصابون بانتفاخ دائم، ألم في البطن، غازات مفرطة، إسهال أو إمساك، وإحساس دائم بعدم الراحة بعد تناول الطعام، وقد تتطور الحالة لتؤثر على امتصاص العناصر الغذائية، مما يؤدي إلى فقدان الوزن غير المبرر، والإرهاق، ونقص الفيتامينات والمعادن.
وتضيف د. ريم أن هناك علامات مميزة قد تشير إلى وجود فرط نمو بكتيري في الأمعاء الدقيقة، أبرزها:
- ظهور مشكلات هضمية بعد تسمم غذائي سابق.
- تفاقم الإمساك عند تناول مكملات البروبيوتيك.
- ازدياد الانزعاج عند تناول الأطعمة الغنية بالألياف.
- وجود حساسية ملحوظة تجاه الثوم والبصل.
- استمرار الأعراض رغم الالتزام بحمية خالية من الجلوتين.
- تجشؤ وانتفاخ دائم بدون سبب واضح.
- ظهور أعراض بعد تناول البقوليات.
- انخفاض مستوى الفيريتين في الدم (مؤشر على نقص الحديد).
-اكتشاف "فقاعات غازية" في الأمعاء الدقيقة باستخدام السونار.
مكان الخلل
يؤكد الدكتور محمد نوار، أخصائي الباطنة، أن المشكلة ليست في نوع البكتيريا الموجودة، بل في مكان وجودها، إذ أن الأمعاء الغليظة، بطبيعتها، تعج بالبكتيريا المفيدة، بينما الأمعاء الدقيقة يجب أن تحتوي على أعداد محدودة جدًا منها، عندما تنتقل هذه البكتيريا إلى الأمعاء الدقيقة بكميات كبيرة، تبدأ في تخمير الطعام بشكل مبكر، مما يؤدي إلى إنتاج الغازات والسموم، وحدوث الالتهابات.
يتحدث د. نوار عن السبب الأكثر شيوعا لحدوث SIBO، وهو تباطؤ حركة الأمعاء الدقيقة، هذه الحركة الطبيعية المعروفة بـ "المركب الحركي المهاجر" مسئولة عن تنظيف الأمعاء من البكتيريا والفضلات، عندما تتباطأ هذه الحركة، تبقى البكتيريا لفترات أطول في الأمعاء الدقيقة، مما يسمح لها بالتكاثر بشكل مفرط خاصة بعد الأكل.
حقيقة التلوث
ينفي د. نوار الشائعة المتداولة حاليا، أن تناول طعام ملوث يؤدي إلى SIBO، موضحاً أن هذه الفرضية غير دقيقة علميًا؛ فالميكروبات المسببة للتسمم الغذائي تختلف عن البكتيريا التي تسبب فرط النمو في الأمعاء الدقيقة، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي التسمم الغذائي إلى إلحاق ضرر بأعصاب الأمعاء، مما يؤدي إلى تباطؤ حركتها، وبالتالي خلق بيئة مناسبة لفرط نمو البكتيريا.
ويضيف: "ما يحدث هو أن بعض الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي أو مرضي، قد تتفاقم حالتهم بسبب نمط تغذية غير صحي، لكن هذا لا يعني أن تناول وجبة ملوثة هو ما يؤدي إلى SIBO".
خلل التوازن
يشير الدكتور محمد ممدوح السيد، استشاري الباطنة والجهاز الهضمي، إلى أن الأمعاء الدقيقة تحتوي طبيعياً على أعداد صغيرة من البكتيريا، التي تتوازن بدقة شديدة مع البيئة الداخلية، أي خلل في هذا التوازن -سواء بسبب ضعف المناعة، أو العمليات الجراحية، أو الأمراض المزمنة- يسمح للبكتيريا بالنمو بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى مشاكل هضمية وجسدية متفاقمة.
أسباب رئيسية
وأوضح أن هناك عدة عوامل قد تساهم في حدوث SIBO، منها:
- مرض السكري: خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من بطء حركة الأمعاء، 29% من المرضى من النوع الثاني يعانون من SIBO وفقا لأحدث الدراسات العلمية.
- تناول مثبطات الحموضة لفترات طويلة: مما يقلل حموضة المعدة التي تحمي من فرط نمو البكتيريا، لنجد أن 77.1% من مستخدمي مثبطات الحموضة لديهم SIBO.
- العمليات الجراحية في الجهاز الهضمي: مثل جراحة المعدة أو استئصال جزء من الأمعاء.
- أمراض الكبد: التي تؤثر على حركة الأمعاء وإنتاج العصارة الصفراوية.
- ضعف الجهاز المناعي: مما يمنح البكتيريا فرصة للتكاثر بدون مقاومة كافية.
ويحذر استشاري الباطنة، من أن تجاهل علاج SIBO قد يؤدي إلى:
- سوء الامتصاص: نتيجة لتنافس البكتيريا مع الجسم على العناصر الغذائية.
- نقص الفيتامينات والمعادن: خاصة الحديد، وفيتامين B12، وفيتامين D.
- هشاشة العظام: بسبب نقص امتصاص الكالسيوم.
- فقر الدم المزمن: نتيجة نقص الحديد وفيتامين B12.
- تشكل حصوات الكلى: بسبب تغيرات في امتصاص الكالسيوم والأوكسالات.
- تفاقم الأمراض المزمنة: مثل أمراض المناعة الذاتية والقولون العصبي.
التشخيص الدقيق
ويضيف د. محمد أنه لتشخيص SIBO بدقة، يعتمد الأطباء على "اختبار تنفس الهيدروجين والميثان"، حيث يتناول المريض محلولاً سكرياً ويتم قياس مستويات الغازات المنبعثة في الزفير خلال فترات زمنية محددة، فارتفاع مستويات هذه الغازات يشير إلى وجود تخمير بكتيري غير طبيعي في الأمعاء الدقيقة.
وفي بعض الحالات، قد يستخدم الطبيب المنظار للحصول على عينة من الأمعاء الدقيقة.
خطة العلاج
يتم علاج SIBO عادة باستخدام:
- مضادات حيوية موجهة مثل ريفاكسيمين، التي تستهدف البكتيريا دون التأثير الكبير على بقية الجسم.
-أنظمة غذائية خاصة مثل حمية منخفضة الفودماب (Low-FODMAP Diet)، والتي تقلل من الأطعمة القابلة للتخمير، وهو الحد من تناول الأطعمة المخمرة كالبقوليات، الثوم، البصل.
- دعم صحة حركة الأمعاء عبر أدوية أو مكملات تحفز الحركة الطبيعية للأمعاء.
-إعادة توازن الميكروبيوم عن طريق استخدام أنواع محددة من البروبيوتيك بحذر شديد.
ويشدد د. ممدوح على أن SIBO ليس مرضاً قاتلاً، لكنه حالة مزمنة تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة اليومية للمريض، كما أنه غالبًا ما يكون عرضًا لاضطراب صحي آخر يتطلب تشخيصا دقيقاً وعلاجًا مستمرًا.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية